دعت فيدرالية اليسار الديمقراطي إلى بلورة مشروع نموذج تنموي بديل عن القائم في السنوات المنصرمة، قِوامه إحداث قطائع مؤسساتية واقتصادية وسياسية، بحيث ينطلق من مداخل عديدة تروم إشراك الفعاليات الشبابية والنسائية والثقافية في صياغة المشروع التنموي الجديد. وخلال لقاء صحافي نظمته "فيدرالية اليسار"، الخميس بالدار البيضاء، نادى التنظيم السياسي ب"إحداث إصلاحات سياسية ودستورية عميقة تتحقق معها ديمقراطية حقيقية يكون الشعب فيها مصدرا للسيادة"، مشيرا إلى ضرورة "البناء الفعلي لدولة الحق والقانون". وطالبت الفيدرالية، في الندوة المخصصة لتقديم مذكرتها بشأن النموذج التنموي، ب"بناء اقتصاد وطني في خدمة المواطن داخل مجتمع ديمقراطي متضامن، واتخاذ إجراءات مستعجلة تسعى إلى تجفيف منابع الريع وردع الفساد ونهب الأموال العمومية". وترى فيدرالية اليسار الديمقراطي في الثقافة والبيئة مدخلا جوهريا لمخطط التنمية، معتبرة أن "الثقافة رافعة أساسية للتنمية الشاملة والمستدامة"، وداعية إلى "سياسة ثقافية تحد من تغول الخطاب الديني واستغلاله سياسيا، فضلا عن اعتماد سياسة تنصف تعدد روافد الثقافة الوطنية". وفي مقابل المدخلات التي تقترحها الفيدرالية لبلورة نموذج التنمية المأمول، توجد مخرجات تشدد عليها لإخراج المغرب من "السكتة القلبية"، في مقدمتها "إطلاق سراح المعتقلين وإعادة تشغيل مصفاة "لاسامير"، وفتح حوار وطني يخص المعضلات التي تمسّ المجتمع المغربي"، مثلما جاء على لسان نبيلة منيب، الأمينة العامة ل"حزب الشمعة". منيب، الزعيمة السياسية لتنظيم الحزب الاشتراكي الموحد، نبّهت إلى جعل عمل لجنة النموذج التنموي الجديد آلية لإعداد سيناريو انتخابات 2021، قائلة: "لا يمكن أن نقبل بمرور الانتخابات المقبلة على غرار سابقاتها، لأن اللجنة تهدف إلى خلق انفراج سياسي غير حقيقي استعدادا لها". وأضافت الفاعلة اليسارية البارزة أن "اللجنة قد تكون وسيلة لتعبيد الطريق لانتخابات 2021 عبر خلق جو الثقة"، موردة: "بدون ديمقراطية سنبقى رعايا فقط"، ومبرزة أن "النموذج التنموي الجديد ينبغي أن يرتكز على العنصر البشري"، ولافتة إلى "أهداف النيوليبرالية المتوحشة الساعية إلى تخريب المدرسة العمومية". وبشأن النقاش الذي ترتب عن مشاركة الفيدرالية في إعداد المذكرة الموجهة ل"لجنة بنموسى"، أوضح علي بوطوالة، الكاتب العام لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، أن "خيار عدم المشاركة موقف سهل، وإن كان جزء من الرأي العام في وسائط التواصل الاجتماعي يساند هذا الطرح". وأشار بوطوالة إلى أن "شريحة من المثقفين والمتتبعين أرادت من فيدرالية اليسار ألا تتهرب من النقاش الدائر، بل أن تواجه المسؤولين والحاكمين للإجابة عن أسئلة المجتمع"، وزاد: "نمر بظرفية صعبة وسياق إقليمي مليء بالمخاطر، لكن هناك فرصة للإصلاح ينبغي اغتنامها في حالة ما توفرت الإرادة السياسية اللازمة". واستأثر نقاش مقاطعة عمل لجنة النموذج التنموي باهتمام عبد السلام العزيز، الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، ماضيا في القول إن "الفيدرالية لها إستراتيجية تروم المشاركة والحوار بدل القطيعة مع الدولة"، ثم استطرد: "دافعنا عن تصورنا وتوجهنا، لتظل بذلك المسؤولية في ميدان الطرف الآخر". وأورد العزيز ما معناه: "ليس لدينا وهم بأن اقتراحاتنا ستكون سالِكة"، مشيرا إلى أن "الفيدرالية طرحت على اللجنة أسئلة الديمقراطية والجرأة والإرادة السياسية"، ليعيد الحضور إلى تاريخ اللجان السابقة التي مرّت بها البلاد؛ في مقدمتها لجنة إعداد الجهوية المتقدمة والدستور، وغيرها، ممتعضا من "عدم تفعيل توصياتها". وأكد الفاعل السياسي ذاته أن "الديمقراطية هي بوابة التنمية"، منبها إلى وجود خيارين فقط في اللحظة الحالية؛ "إما أن نحقق الإصلاح أو نذهب للفوضى واللااستقرار"، بتعبيره، مبرزا أن "عملية النموذج التنموي تهدد مصالح اللوبيات وبعض النافذين في القرار السياسي".