يبدو أن ورش الإصلاح بالمغرب يسير بوتيرة عالية وأن وزارة الداخلية عازمة على المضي قدما في التفعيل الأمثل لتوجيهات جلالة الملك نصره الله، المتضمنة في الخطب الأخيرة والمتعلقة بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار ودعم المستثمرين وتجويد الإدارة المغربية لما فيه خير المرتفقين والمستثمرين. بعد المنصة الرقمية الخاصة بتدبير ملفات الاستثمار والتي وفرت الجهد والوقت والمال على المستثمرين وأتاحت لهم فرصة تتبع ملفاتهم بشفافية مطلقة دون عناء انتظار، إذ أصبح لزاما على المراكز الجهوية للاستثمار الاستجابة لطلب المستثمر في أجل لا يتعدى الشهر تنفيذا لتعليمات جلالة الملك؛ تشرع وزارة الداخلية بداية شهر فبراير وبالضبط في 3 فبراير 2020 (نموذج جهة الشرق) بالعمل رسميا بالمنصة الإلكترونية التفاعلية والموحدة والخاصة بالرخص على صعيد المملكة المغربية. ويتعلق الأمر هذه المرة بمنصة "رخص" التي ستمكن من التدبير اللامادي لإيداع ومعالجة الطلبات المتعلقة باستصدار التراخيص والوثائق القانونية من طرف الجماعات الترابية والسلطات المحلية ويتعلق الأمر برخص في مجال التعمير البناء، والهدم والإصلاح والتسوية...) وكذا الرخص الاقتصادية. ابتداء من يومه 3 فبراير 2020 (بجهة الشرق) سيرفع شعار "زيرو وثيقة" أو "زيرو ورقة" في وجه المنعشين العقاريين ومهني قطاع البناء والمستثمرين والمواطنات والمواطنين الراغبين في الحصول على رخصة الإصلاح أو السكن أو الهدم أو التسوية أو شواهد المطابقة وكذا الشواهد الاقتصادية التي تمنحها الجماعات الترابية. منذ هذا التاريخ سيبتدئ العمل بالتدبير اللامادي للملفات والكل مطالب بوضع طلبه الخاص بأي نوع من الرخص السالفة الذكر بالمنصة الرقمية المشار إليها أعلاه. إن العمل بالمنصة الرقمية التفاعلية "رخص" والخاصة بتدبير ملفات رخص البناء والتعمير والرخص الاقتصادية هو تفعيل للتوجيهات الملكية من جهة، وتنزيل ميداني للقرار المشترك عدد 19-2064 لوزير الداخلية ووزير الاقتصاد والمالية ووزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات ووزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة ووزير الصناعة والاستثمار والتجار والاقتصاد الرقمي. ويحث هذا القرار في مادته الأولى على تطبيق المواد 53 و54 من ضابط البناء العام الملحق بالمرسوم 577-18-2 الصادر في يونيو 2019 والمحدد لشروط تسليم الرخص والوثائق المقررة في قوانين التعمير (90-12 و90-25 ...) وخاصة في شقها المتعلق بالتدبير اللامادي للرخص. ولإنجاح هذا الورش نصت المادة الثانية للقرار المشترك المشار إليه أعلاه، على إحداث ثلاث لجان يوكل إليها مهمة التنزيل والتتبع من خلال تحديد كيفيات تفعيل مسطرة التدبير اللامادي واقتراح التدابير اللازم اتخاذها من طرف الإدارات والجماعات والمؤسسات العمومية والهيئات والمهنيين لإحداث المنصة الرقمية. كما يعهد لهذه اللجان تقييم مدى تنفيذ مساطر التدبير اللامادي ودراسة التعديلات واقتراح التحسينات الضرورية لإدخالها على المنصة لتجويد الخدمة واقتراح برامج التكوين مع رفع تقارير للجان الأخرى حسب مستويات التدخل الترابية. ويتعلق الأمر بثلاث لجان حكامة: لجنة مركزية يرأسها الوالي المدير العام للجماعات المحلية. لجنة جهوية يرأسها ولاة الجهات يحدد أعضاؤها بقرار ولائي. لجنة محلية يرأسها عمال العمالات والأقاليم يحدد أعضاؤها بقرار عاملي. وتعتبر جهة الشرق من الجهات الرائدة التي انطلقت بها فعليا منصة تدبير ملفات الاستثمار وستنطلق بها رسميا تجربة "رخص" موضوع هذا المقال. وتعرف جل عمالات الجهة دورات تكوينية تحت إشراف ولاية جهة الشرق لتكوين ودعم قدرات المتدخلين وخاصة الجماعات الترابية لإنجاح العمل بالمنصة الرقمية بعد تنظيم اجتماعات دورية قدمت من خلالها الخطوط العريضة لهذا الورش. وإنجاح تجربة جهة الجهة أساسي لتحفيز الجهات الأخرى على تفعيل المنصة التي سيتم تنزيلها بشكل تدريجي بهدف التعميم في الأشهر القليلة المقبلة. واختيار الشرق ذو أهمية ودلالة كبيرتين لأنه يندرج في إطار الرؤية المندمجة لوزارة الداخلية إذ لا يستقيم تفعيل المنصة الرقمية لتدبير ملفات الاستثمار بالمستجدات التي عرفتها المراكز الجهوية للاستثمار باختصاصاتها الجديدة دون تفعيل المنصة الرقمية "رخص" للارتباط العضوي بين المنصتين نتاج تكامل مساطر الاستثمار مع مساطر رخص البناء والتعمير وبهدف إنجاح هذا الورش الوطني المهم، عقدت وزارة الداخلية شراكة مع بريد المغرب لتوفير مفاتيح التوقيع الإلكتروني لفائدة الجماعات الترابية حدد عددها (من 3 إلى 5 مفاتيح) حسب عدد سكان كل جماعة على أن تتكلف كل جماعة من ميزانيتها الذاتية إذا رغبت في شراء مفاتيح إضافية من خلال إبرام اتفاقية مع بريد المغرب على غرار تلك الموقعة بين وزارة الداخلية وبريد المغرب. *دكتور في الاقتصاد الجهوي