تناول جرعة زائدة من الأفيون قد يؤدي لموت المتعاطي وحيدا. الذين يتعاطون المخدرات يقومون بذلك غالبا بعيدا عن أعين الآخرين، وفي حال تناولهم جرعة أقوى مما يمكنهم تحمله، لن يوجد شخص معهم لإنقاذهم بجرعة من دواء النالوكسون الذي يستخدم لمواجهة آثار تعاطى جرعات زائدة من المواد الأفيونية. ولكن الآن، يعمل باحث بجامعة نورثويسترن في ولاية إلينوي الأمريكية على تطوير علاج تكنولوجي لمواجهة الجرعات المميتة من الأفيون. فقد ساعد جون روجرز مدير مركز علم الإلكترونيات البيولوجية المتكاملة التابع للجامعة في اختراع أداة بحجم الفلاشة يمكن زرعها تحت الجلد. وإذا رصدت هذه الأداة الحساسة انخفاض مستوى الأكسجين في دم آي شخص لمستوى خطير، تطلق بصورة آليه جرعة مخزنة من النالوكسون. وقال روجرز" إنه نظام تلقائي تماما، يشبه تقريبا نظام مزروع لمواجهة الطوارئ، يقدم نوعا سريعا من المساعدة لكن بدون أي تدخل بشري". وكانت الفكرة قد حازت على منحة بقيمة 10 ملايين دولار من مبادرة المساعدة في إنهاء الادمان طويل المدى الخاصة بمعاهد الصحة الوطنية ، والتي تهدف للتوصل لحلول علمية لأزمة الأفيون. ومن المقرر أن تبدأ الاختبارات على الحيوانات عام 2020، والتجارب السريرية على البشر خلال خمسة أعوام. وقد تعاون روجرز وزميله روبرت جيريو، الذي يعمل بمركز الآلام التابع لجامعة واشنطن بمدينة سانت لويس، لتطوير العديد من الأدوات الدقيقة المصممة لمراقبة العمليات الجسدية والتدخل إذا لزم الأمر. ومن بين هذه الأدوات هناك ما يحفز الأعصاب بطريقة كهربائية، ويطلق مواد كيماوية للمخ و يبطئ من عمل المثانة النشطة أكثر من اللازم. وقال جيريو إن مواجهة الجرعات الزائدة من الأفيون يمثل امتداد طبيعيا لهذا العمل. وأضاف أنه على الرغم من أن العديد من جهود التواصل وفرت النالوكسون لمتعاطي المخدرات وأحبائهم، فإن هذا التوجه له قيد واضح. وأضاف " إذا كان شخص ما وحيدا وتناول جرعة زائدة، حتى إذا كان لديه نالوكسون في بيته، فان هذا لن يساعده إذا لم يكن هناك أي شخص يساعده في تناول هذا الدواء". ويسبب تناول أي جرعة زائدة من الأفيون في الشعور بضيق في التنفس وفقدان الوعي، لذلك تعمل الأداة التي طورها روجرز وجيريو بصورة تلقائية . وتستخدم الشريحة المزروعة أسفل الجلد مساعدات استشعار لمراقبة مستوى الأكسجين في الدم. وإذا تم تسجيل ثلاث قراءات متتالية أقل من المستوى المحدد سلفا، يطلق تفاعل كيميائي في الشريحة بصورة آلية جرعة من النالوكسون ( كل شريحة سوف تحتوي على أربع جرعات). وسوف يتم توصيل الشريحة بالهاتف المحمول للمتعاطي محل العلاج، حيث سوف تنطلق إشارة عبر البلوتوث تدفع الهاتف للاتصال برقم الطوارئ للإبلاغ بأن هناك حاجة للمساعدة. ويقول روجرز إنه يتصور أن المستخدمين الرئيسيين لهذه الشريحة سيكونون الأشخاص الذين يغادرون المصحات أو الذين يتخلون عن العلاج من المخدرات. وقد أشاد بعض الخبراء المعنيين بعلاج من يتعاطون المخدرات بالاختراع، ولكن أشاروا إلى إمكانية ظهور تعقيدات أثناء التطبيق على أرض الواقع. وقال انطوني تروتير، وهو من متعاطي الهيروين في السابق، والذي يعمل الآن مع برنامج علاج في منطقة ايست جارفيلد بارك في شيكاغو، إن المخاوف بشأن الخصوصية يمكن أن تحول دون قيام الأشخاص بتركيب الشريحة. وأضاف أن " الشخص الذي يتعاطى المخدرات لا يريد أن يضع شخصا ما أداة تحت جلده، لأنه في كثير من الاحيان، المتعاطي لا يريد الأشخاص أن تعرف أسرهم حقيقة أنهم يتعاطون الأفيون". كما تعتقد مايا دوي سيمكينز، التي تعمل مع تحالف التعافي في شيكاغو، والذي يوزع الإبر النظيفة ومادة النالوكسون لمتعاطي الهيروين، أن الخصوصية يمكن أن تمثل مشكلة ، خاصة وأن الشريحة مصممة لإرسال إشارة تحذير بصورة آلية لرجال الاسعاف. وقالت إن التدخلات التي لا تحتوى على أساليب تكنولوجية كثيرة، مثل برامج العلاج الطبية التي يسهل الحصول عليها والأماكن التي يمكن أن يتناول فيه الأشخاص المخدرات تحت الاشراف، يمكن أن تحقق نفس الهدف بتكلفة أقل . وأثار روجرز نفسه أحد المخاوف الأخرى الممكنة بشأن الاختراع الجديد. وقال " إذا قام مريض بتركيب مثل هه الأداة ، ألن يجعله ذلك أكثر ارتياحا لتناول جرعة زائدة من الأفيون بدون خوف؟ وأضاف" هذا قلق مشروع، لقد فكرنا في هذا الأمر . وفي نهاية الأمر، أعتقد أن المنافع سوف تفوق المخاطر". وأشار إلى أنه على الرغم من أن عملية ضمان ارتياح المرضى تجاه تركيب شريحة تحت جلدهم سوف تتطلب وقتا، فإنه يعتقد أن هذا الاختراع سوف يمثل إضافة قيمة لترسانة لمكافحة كارثة تناول جرعات زائدة من الأفيون. وقال" هذا الاختراع لن ينهى تناول جرعات زائدة من الأفيون، ولكن الهدف هو الحد من الوفيات، وهذه الشريحة بالتأكيد سوف تحدث فرقا". *د.ب.أ