قبل حلول السنة الجديدة، كان مركز مدينة الدارالبيضاء يغص بالعشرات من المواطنين، رجالا ونساء وشبابا وأطفالا، من الراغبين في الاحتفال برأس السنة خارج منازلهم. تجمعات هنا وهناك، والموسيقى الشعبية سيدة المكان. أما التعزيزات والعناصر الأمنية فكانت تراقب الوضع عن كثب. وبعيدا عن مركز المدينة، كانت أجواء الاحتفال برأس السنة لها طعم آخر. سكر وصراخ وعويل، وحوادث سير ومشاجرات، لم تترك السنة الجديدة تطل دون تسجيل اعتقالات وحجز مخدرات ونقل جرحى ومعطوبين إلى المستشفيات. احتفالات بمركز المدينة تحولت ساحة الأممالمتحدة بقلب الدارالبيضاء إلى قبلة للبيضاويين القادمين من مختلف المناطق. شباب من أحياء بعيدة، وبإمكانياتهم المادية الضعيفة، أبوا إلا أن يحتفلوا بتوديع سنة 2019 واستقبال سنة 2020 بطريقتهم الخاصة. تجمع الكثيرون في حلقيات صغيرة صارت تكبر شيئا فشيئا، ويلتحق بها المواطنون؛ فالأهازيج والموسيقى الشعبية، التي كان يرددها شبان في بعض التجمعات، جعلت العديد من الشباب والرجال والنساء يلتحقون بهم ويفرحوا بقدوم العام الجديد. وساهم هذا الرواج في خلق دينامية وسط المدينة مقارنة مع الأيام الماضية، حيث كان انخفاض درجة الحرارة يجعل الكثيرين يغادرون صوب منازلهم مبكرا. الكل حاول اغتنام الفرصة في هذه الليلة للاحتفال أو لكسب المال. شابان كانا يرتديان زي الهنود الحمر، استطاعا أن يحشدا المواطنين إليهم، لالتقاط صور معهما مقابل بضعة دريهمات. يقول أحدهما: "هذه فرصة لكسب بعض الأموال، خصوصا أن هذه الليلة ليست كباقي الليالي". ومن بين ما يثير الانتباه داخل هذه الساحة "بائع الحمص"، الذي كان المواطنون من مختلف الأعمار يتوافدون عليه. شاب في مقتبل العمر، اختار هذه المهنة للحصول على رزق يبعده عن البطالة؛ لكنه استطاع أن يدخل الفرحة إلى قلوب مواطنين يرغبون في الاحتفال برأس السنة وفق قدراتهم المالية. عربدة بعين الذياب في اتجاه عين الذياب، كان الاحتفال برأس السنة بطريقة أخرى. السيارات الفارهة تتوافد على العلب الليلية الشهيرة، حيث الموسيقى والرقص والخمر. أما على طول الكورنيش، فكان الاحتفال بالسنة الجديدة يتم بطريقة خاصة. حوادث سير شهدتها هذه الليلة، بسبب السرعة والسكر والتهور، نقل خلالها المصابون إلى قسم المستعجلات لتلقي الإسعافات الضرورية. بداية حوادث السير في هذه الليلة كانت مبكرة، حيث تحول احتفال شابين على دراجتهما النارية بالسنة الجديدة إلى حادث وجروح، بعدما كانا يقودان الدراجة بسرعة كبيرة ليفقدا السيطرة عليها، ويصطدما بسيارة كانت تسير أمامهما. ولَم تخل هذه السنة من اعتقال مروجي المخدرات الذين يستغلون هذه المناسبة لترويج هذه السموم، التي تؤثر في مستعمليها وتؤدي إلى كوارث؛ فقد تمكنت المصالح الأمنية من حجز كمية من المخدرات وأقراص الهلوسة لدى بعض المروجين لها والتي كانت في طريقها إلى البيع من طرف المستهلكين في هذه الليلة. ومن بين اللقطات التي عرفتها احتفالات وداع 2019 واستقبال 2020 عربدة أحد مستهلكي مخدر الكوكايين، الذي ظل يصرخ حين إيقافه من طرف عناصر الشرطة: "بغيت الكوكايين، وهادو ركعوني في فلوسي". سكون بالأحياء الشعبية مقابل ذلك، كانت الأحياء الشعبية بالدارالبيضاء، وكأنها غير معنية برأس السنة. هدوء وصمت وشوارع خالية من المارة ومحلات مغلقة، عدا بعض حراس السيارات وبائعي السجائر. جولة في الحي المحمدي وسيدي مومن تظهر أن الأحياء الشعبية غير معنية بهذه الاحتفالات، باستثناء اقتناء الحلويات من طرف الأسر. أما ما يتعلق بالخروج والتجوال تعبيرا عن أملهم بأن تكون السنة المقبلة مليئة بالأفراح، فلم يكن ضمن مخططاتهم، حيث كانت الشوارع خالية من السيارات قبل منتصف الليلة بالأحرى في الساعات المتأخرة؛ غير أن بعض الارتسامات، التي حصلت عليها الجريدة من أحد محلات بيع الحلويات وهو يقبل على إغلاق محله قبل منتصف الليل، تؤكد أن المواطنين بهذه الأحياء الشعبية تسابقوا على حلوى رأس السنة، إذ إن غالبية المحلات شهدت ازدحاما وطلبات عديدة على هذه الحلويات للاحتفال برأس السنة رفقة الأسر بمنازلهم. تعزيزات أمنية ولضمان مرور الاحتفالات برأس السنة في ظروف جيدة وتفادي وقوع حوادث من شأنها أن تعكر أجواء هذه الليلة، شهدت العاصمة الاقتصادية انتشار مختلف التعزيزات الأمنية التابعة لمصالح ولاية أمن الدارالبيضاء الكبرى. وبدا واضحا انتشار مختلف المصالح الأمنية بالشوارع الرئيسيّة والمدارات، إلى جانب انتشار أصحاب الدراجات النارية الذين كانوا يجوبون الشوارع التابعة لنفوذهم. وشرعت مختلف العناصر الأمنية في اتخاذ تدابير احترازية، وتوقيف المشتبه فيهم، تفاديا لأي حوادث، إذ كانت عناصر فرق الصقور توقف أصحاب الدراجات النارية وتتأكد من هوياتهم ومن أوراق الدراجات، خاصة أن العديد منها تكون مسروقة وتستعمل في اقتناء الخمور ويتسبب أصحابها في حوادث سير. وعلى مستوى عين الذياب، كانت التعزيزات الأمنية حاضرة بقوة، الأمر الذي زرع الطمأنينة في الراغبين في قضاء ليلة رأس السنة في ظروف جيدة؛ فيما نزلت العناصر الأمنية بثقلها بالقرب من المركب التجاري الكبير "موروكو مول". وعلى مستوى المعاريف، وخاصة بالقرب من "توين سانتر"، انتشرت التعزيزات الأمنية، خاصة في ظل الوجود المكثف للمواطنين، حيث وضعت ولاية الأمن بالدارالبيضاء عددا من أفرادها وضمنهم عناصر فرقة "حذر". وانتشرت العناصر الأمنية بشكل كبير بمختلف الشوارع الرئيسية، وعلى رأسها شارع "أنفا" وشارع مولاي يوسف الذي توجد به القنصلية الأمريكية ودار أمريكا، وبالقرب من مختلف المؤسسات المالية والسياحية الكبرى.