في الوقت الذي خرج فيه رجل الإشهار نور الدين عيوش، المدافع عن الدارجة، للحديث عن توحيد الدوارج المغاربية، رد حسن أوريد، الناطق الرسمي السابق باسم القصر الملكي، بشكل مبطن على ذلك، معتبرا أن اللغة العربية لغة حضارية. وقال أوريد في لقاء نظم ليلة الأربعاء بالدار البيضاء من لدن "حركة أولاد الدرب"، بحضور رئيس مقاطعة المعاريف عبد الصمد حيكر، إن "اللغة قضية قابلة للانفجار، هناك تعددية لسانية مجتمعية، وينبغي أخذ هذا الواقع، لكن لا يمكن التفكير برؤية نمطية بأن لغة واحدة تساوي أمة، والحال أنه يمكن أن نعيش أمة بألسن متعددة". وتساءل المؤرخ المغربي في عرضه: "هل نستطيع القفز على اللغة العربية؟ كيف يمكن أن نقرأ رحلة ابن بطولة بالدارجة؟ كيف سنتعامل مع هذا؟ اللغة العربية هي لغة حضارية، واللغة الأمازيغية كذلك لغة واقعية بموروث ثقافي عريق". وعبر صاحب رواية "رباط المتنبي"، التي تأهلت إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر)، عن رفضه للتوجه الفرنكفوني بالمغرب بالقول: "أنا ضد الاتجاه الفرنكفوني، نحن شخص أصيب بكسر يعتمد عكازا ليتعافى، ورجلانا هي العربية والأمازيغية، وليست الفرنسية، وحين نتعافى نقذف بالعكاز ونتخلى عنه". وركز المثقف والروائي ذاته في مداخلته على مسألة التربية، مشددا على أنها "هي أساس كل نهضة، فالتربية أشمل وليس التعليم، بل هي عملية تحويل كما يُعرّفها الفلاسفة، فليس هناك أمة انتقلت من حال إلى حال دون تربية". وأكد ضرورة إحداث إصلاح جذري في المنظومة التربوية، بمعنى الصيغة المثلى للإصلاح، مشيرا إلى أن "النظريات التربوية الخاصة بالقرن التاسع عشر أصبحت متجاوزة، حيث لا بد من نقاش البرامج والمناهج التي سيتم تدريسها إلى جانب الفاعلين الآخرين في المنظومة من أسرة، وهيئات المجتمع المدني، وقطاعات حكومية"، مقدما المثال على أن "التربية هي الأساس لكل النظريات والتجارب الناجحة" بالصين وكوريا اللتين نجحتا "بالتركيز على التربية". وقال أوريد إن "التربية تتطور، ودوّل متطورة تعيد النظر في منظومتها التربوية، بينما تعليمنا نظري وعيوبه أنه تابع للمنظومة الفرنسية، لذلك لا بد من التفكير في وضع تصور جديد للتعليم". وعرج في هذا للسياق على دور وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي، موردا أن وظيفتها يجب أن تكون استراتيجية، "وعليها أن تبني الإنسان وتفكر في البرامج والمناهج، ولا عيب أن تسند بناء المدارس للجماعات المحلية بدون إقصاء لمن يمتلك فكرا في هذا الجانب". وقال مؤرخ المملكة السابق: "لا بد من التفكير في وظائف وزارة التربية الوطنية"، وتساءل: "هل أهميتها هي التوظيف وعملية الانتقال؟"، مجيبا بأن "وظيفة الوزارة يجب أن تكون استراتيجية وتبني الإنسان".