على بعد كيلومترات قليلة شرق مدينة سيدي سليمان، تظهر جماعة أولاد بن حمادي التي أحدثت بمقتضى المرسوم عدد 9-92-720 بتاريخ 28 شتنبر 1992، بعد انفصالها عن الجماعة الأم بومعيز، وهي تنتمي ترابيا إلى قيادة أزغار أولاد بن حمادي دائرة سيدي سليمان، بجهة الرباطسلاالقنيطرة، ويوجد مقرها بدوار أولاد بوثابت على الطريق الوطنية رقم 4 كلم 5 الرابطة بين العاصمتين الإدارية الرباط والعلمية فاس، مرورا بمدينة سيدي قاسم. تحد الجماعة ذاتها من الناحية الشمالية جماعة المساعدة وجماعة بومعيز، وجنوبا عين الجمعة التابعة لولاية مكناس، وغربا جماعة بومعيز وبلدية سيدي سليمان وجماعة أزغار، ومن الناحية الشرقية تحدها جماعة زيرارة وجماعة اشبانات بإقليم سيدي قاسم؛ وتقدر مساحتها الإجمالية ب97.3 كيلومترات مربعة، فيما يصل تعداد ساكنتها إلى 12778 نسمة حسب الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014، موزعة على 2297 أسرة منتشرة بدواوير أولاد بوثابت وأولاد الفقيه وأولاد بلعيد والصالحية والزوينية واسويلمات واجبيرات والدريهميين، وغيرها من التجمعات السكنية التي تعد الفلاحة النشاط الأساسي لساكنتها، بفضل تضاريسها السهلية وأراضيها الصالحة للزراعة؛ ويسهر على تسييرها مجلس جماعي يتكوّن من 19 مستشارا، ضمنهم 5 مستشارات. قرب من قطب الإقليم وبعد عن قطب التنمية تتميز جماعة أولاد بن حمادي القروية بقربها الجغرافي من مدينة سيدي سليمان، قطب الإقليم، بشكل يجعل منها الامتداد المستقبلي للمدينة، إلا أنها لا تتوفر على إمكانيات اقتصادية بسبب افتقارها إلى موارد ذاتية أو طبيعية، كالمنتوج الغابوي أو مقالع الرمال أو مناطق سياحية أو أثرية، بالإضافة إلى غياب موارد عقارية مدرة للدخل تمكنها من القيام باستثمارات في المنطقة، إذ تقتصر ميزانيتها فقط على النصيب الذي تحوله إليها الدولة من منتوج الضريبة على القيمة المضافة وبعض الرسوم المحلية. التنقل إلى الجماعة الترابية لا يتطلب سوى دقائق معدودات انطلاقا من مدينة سيدي سليمان، إذ بعد قطع حوالي 5 كيلومترات يستوقفك ملتقى الطريق الوطنية رقم 4 والطريق الجهوية رقم 705 في اتجاه مدينة مكناس عبر جماعة عين الجمعة، وتتراءى لك في الأفق بناية مقر الجماعة بدوار أولاد بوثابت، وعلى يمينها بناية قيادة أزغار أولاد بن حمادي التي ليس فيها ما يدل على أنها بناية إدارية سوى رفرفة العلم الوطني على سقفها بعد إزالة "اليافطة" التي كانت معلقة عليها. هسبريس زارت مقر الجماعة وبعض مرافقها للوقوف على حاجات السكان ومتطلباتهم، وكشف الركود التنموي الذي تعرفه. وأورد غالبية من التقتهم الجريدة أن الجماعة تعيش التهميش والفقر، وتنتظر تدخل الجهات المختصة القادرة على إعادة الاعتبار لسكان هذه المنطقة التي تعاني نقصا حادا في بعض القطاعات الحيوية. ساكنة مستاءة "كانحسو براسنا بحال لي عايشين فمنطقة نائية من مناطق المغرب المنسي، رغم أننا لا نبعد عن "المْدينة" إلا بكلومترات قليلة"، يقول نور الدين الحواص، ابن المنطقة، وواحد من الذين التقت بهم هسبريس عند المدخل الغربي للجماعة الترابية وهو ينتظر وسيلة نقل على قارعة الطريق للذهاب إلى مدينة سيدي سليمان من أجل قضاء أغراضه الشخصية، ثم يضيف: "لو كانت البلاد هنا زينة كاع مانخليوها ونهبطو كل نهار لسيدي سليمان، زيد أخويا دخل وشوف بعينيك الحالة كيدايرة، وعافاك إلى ما كتب داكشي لي شفتي وسير حتى لدوار اجبيرات"، في طلب منه نقل الواقع البئيس التي تعرفه الجماعة بعدما تعرف على هويتنا والغرض من زيارة المنطقة. في الطريق إلى دوار اجبيرات، تواصلنا مع أحد سكان المنطقة الذي قال في تصريح لهسبريس: "جماعتنا فقيرة وتعيش وضعا اجتماعيا هشا كسائر الجماعات القروية في المغرب" مضيفا أن "أولاد بن حمادي لا تتوفّر على مشاريع لتحسين المداخيل، بل الأكثر من ذلك لا يوجد بها حتى سوق أسبوعي كباقي الجماعات، أما بنيتها التحتية فدون المستوى". وأضاف محمد البوثابتي، وهو فاعل جمعوي، أن "الشباب هنا يعيشون فراغا قاتلا، خصوصا بعد إغلاق دار الشباب الوحيدة التي كانت متنفسا لهم بسبب تسرب مياه الأمطار عبر سقفها، إذ أصبحت تشكل خطرا على مرتاديها وإدارييها"، مشيرا إلى "افتقارهم لملاعب القرب، باستثناء ملعب وحيد لكرة القدم المصغرة دشن في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من طرف عامل الإقليم بدوار الصالحية، ولم يتبق منه إلا الاسم، ما يدفعهم إلى الاقتصار على ملاعب بدائية على أراض فلاحية لأن متنفسهم الوحيد هو ممارسة كرة القدم". وحول الخدمات الصحية قال البوثابتي إن "واقع الصحة مرير ومعاناة المرضى مستمرة، خصوصا بعد إقدام المندوبية الإقليمية لوزارة الصحة بسيدي سليمان على هدم المركز الصحي الوحيد بالجماعة، شهر مارس الماضي، قصد بناء آخر عصري يستجيب لمتطلبات الساكنة التي تعرف تزايدا مطردا"، مضيفا أن "المندوبية أقدمت على هذه الخطوة قبل بناء المركز الجديد أو على الأقل التفكير في بديل مؤقت يعفي الساكنة من مشاق التنقل إلى مدينة سيدي سليمان من أجل العلاج أو إلى مستوصف دوار التعاونية الصالحية القريب من جماعة عين الجمعة في اتجاه مدينة مكناس"، ومشيرا إلى "أنه بعد احتجاجات الساكنة وتطرق جريدة هسبريس للموضوع في حينه، تم تخصيص مكان داخل مقر الجماعة لا يتوفر على الأطر الكافية، مع انعدام الأدوية بصفة شبه دائمة، ويقدم خدمات ضعيفة لا تتجاوز الإسعافات الأولية، وهو ما يجعل السكان لا يعتمدون كثيرا على خدماته في انتظار انتهاء الأشغال في المركز الجديد". في المقابل أشاد الفاعل الجمعوي بأسطول النقل المدرسي الذي استفادت منه الجماعة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والذي مكن تلاميذ وتلميذات مختلف الدواوير من مواصلة دراستهم بإعدادية الوفاق بأولاد بوثابت وثانوية علال الفاسيبسيدي سليمان، إلا أنه استثنى "الممارسات اللاتربوية التي تقوم بها إحدى المستشارات في المجلس الجماعي عند استخلاص واجبات الانخراط من التلاميذ بأساليب فيها من الكلمات الساقطة ما يندى له الجبين"، وفق تعبيره، مطالبا الجهات المسؤولة ب"التدخل العاجل والفوري لوضع حد لمثل هاته الممارسات التي لا تليق بمستشارة من المفروض فيها التحلي باللباقة". وانتقد المتحدث ذاته التعريفة المعتمدة من طرف الجمعية المكلفة بتسيير هذا القطاع، والمحددة في 100 درهم، مبرزا أنها "تبقى مرتفعة مقارنة مع الوضعية الاجتماعية الهشة للسكان"، ومقترحا أن "يكون النقل بالمجان". اجبيرات والصالحية..وتستمر الحكاية "هاد الناس ماكيعرفونا حتى كاتقرب الانتخابات" يقول سعيد العمَّاري، من سكان "اجبيرات" الذين التقت بهم هسبريس عند مدخل الدوار، بعدما تعذر الدخول إليه بسبب الأوحال التي تغمر المسالك المؤدية إليه، مضيفا أن "هذا الدوار يبقى نقطة سوداء في جماعة أولاد بن حمادي". ووصف المتحدث ذاته المسالك الطرقية الرابطة بين دوار اجبيرات ومركز الجماعة ب"المتهالكة"، وخاصة في فصل الشتاء، إذ تصير عائقا أمام تنقل المواطنين لقضاء أغراضهم الشخصية بسبب الأوحال وانتشار الأزبال، بالإضافة إلى الفئة المتمدرسة التي تعاني من أجل الوصول إلى مؤسساتها التعليمية، مشيرا إلى أن "جميع دواوير الجماعة تقريبا استفادت من الطريق المعبدة، إلا هذا الدوار البئيس"، على حد وصفه. وتساءل سعيد عن "جدوى زيارة النائب البرلماني المنتمي إلى حزب العدالة والتنمية عن دائرة سيدي سليمان إلى الدوار في هذه الأوقات"، مضيفا أن "هاد السيد مين نجح ماشفناه هنا، ودابا غادي نبداو نشوفو بحال هاد النماذج كل مرة حيت الانتخابات قربات". وفي السياق ذاته قال بنعيسى بلهجالة، وهو طالب جامعي من ساكنة دوار الصالحية، إن "الجماعة قطعت أشواطا مهمة في مجال كهربة العالم القروي، وفكت نسبيا العزلة عن بعض التجمعات السكنية"، مضيفا أن "بعض الدواوير، وخصوصا دوار الصالحية، تعاني من أزمة حقيقية تتمثل في الانقطاعات المتكررة للكهرباء على مدار السنة"، ومشيرا إلى أن هذه الانقطاعات "تدوم أياما طويلة وفي أوقات صعبة، مثلما حدث خلال عيد الأضحى الماضي، إذ استمر انقطاع الكهرباء ل 20 يوما متتالية، في غياب أي مخاطب من جانب المجلس الجماعي". وعلى مستوى الخدمات الإدارية المقدّمة للمواطنين من قبل مصالح الجماعة الترابية، أقر المتحدث بجودتها وسهولة الحصول على جميع الوثائق الإدارية التي يحتاجها المواطن، خصوصا شواهد السكنى وبطائق نظام المساعدة الطبية "راميد". "إلا أن ذلك لا يعفي المجلس الجماعي من مسؤوليته في تأهيل الجماعة الترابية وتفقد أحوال الساكنة حتى يكون في مستوى تطلعات من وضعوا ثقتهم في أعضائه"، يضيف بنعيسى، الذي طالب بعض المستشارين الجماعيين بتغيير سلوكياتهم في تعاملهم مع الساكنة التي انتخبتهم. المجلس الجماعي يرد حسن صناك، رئيس المجلس الجماعي لأولاد بن حمادي، قال في تصريح لجريدة هسبريس إنه يترأس الجماعة منذ 2003، موضحا أن أولاد بن حمادي "جماعة فقيرة وضعيفة في الجهة، ولا مداخيل لها باستثناء المصادر المالية من الضريبة على القيمة المضافة التي تضخها الدولة في ميزانيتها، والتي يصرف أغلبها في أداء أجور الموظفين والتسيير والخدمات"، ويضيف: "لما تسلمت مفاتيح تدبير شؤون الجماعة كانت المنطقة آنذاك غير مربوطة بأي مسلك طرقي معبد، ولا تتوفر إلا على نسبة 30 بالمائة من الربط بشبكة الكهرباء، فيما كانت شبكة الماء غائبة نهائيا". وأوضح صناك: "ساكنة الجماعة استفادت من البرنامج الوطني لتزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب من خلال إنجاز نافورات عمومية بكل من الرزازكة والصالحية واسليتات واولاد الطاهر وغيرها من التجمعات السكنية، فيما استفادت دواوير أولاد بوثابت واجبيرات واسويلمات وسيدي صابر من شبكة الربط الفردي، في انتظار تعميمه على باقي الدواوير بتكلفة قدرت بأكثر من 10 ملاين درهم ستتحمل فيها الجماعة نسبة 50 بالمائة؛ أما بخصوص الكهربة القروية فقد قطعت فيها أشواطا مهمة بفضل برنامجها الشمولي والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إذ تمكنت من تغطية حوالي 99 بالمائة من ترابها". وأشار صناك إلى "تميز الجماعة عن غيرها من الجماعات باستخدامها مصابيح الإنارة العمومية التي تعمل بالطاقة الشمسية في بعض الأماكن"، متمنيا أن "تعمم على باقي مناطق الجماعة، خصوصا أن الاستهلاك السنوي للكهرباء يفوق 70 مليون سنتيم"، ومشيرا إلى أن "المكتب الوطني للكهرباء يدين حاليا للمجلس الجماعي ب 300 ألف درهم، وهو ملزم بأدائها قبل نهاية السنة وإلا ستغرق الجماعة في ظلام دامس". وحول معاناة ساكنة الصالحية من الانقطاعات المتكررة للكهرباء قال الرئيس إن "المكتب الوطني للكهرباء قام بتغيير المحول ثلاث مرات، وسبب ذلك يعود إلى اختلاس الطاقة من طرف بعض أصحاب المنازل واستعمالهم للأجهزة ذات التوتر المرتفع، ما يؤدي إلى احتراق المولد"، داعيا ساكنة الدوار إلى "الكف عن هذا العمل والتحلي بثقافة التعاون للحفاظ على نعمتي الماء والكهرباء". وحول المسالك الطرقية لفك العزلة، قال صناك إن "الجماعة تتوفر على شبكة مهمة من المسالك المعبدة المؤدية إلى مختلف التجمعات السكنية، والتي يحرص المجلس الجماعي على تحسين جودة إصلاحها وصيانتها بانتظام في أفق الوصول إلى ربط مركز الجماعة بباقي الدواوير بنسبة 100 بالمائة بفضل مساعدات المجلس الاقليمي ومجلس الجهة"، مضيفا أن "بعض المسالك تأثرت بفعل أشغال ربط بعض الدواوير بشبكة الماء الصالح للشرب". وعلى المستوى التعليمي أفاد الرئيس بأن "المجلس الجماعي يسهر على إصلاح المؤسسات التعليمية المتواجدة في نفوذ ترابه باستمرار"، مشيدا ب"افتتاح داخلية إعدادية الوفاق في الأيام القليلة الماضية لاستقبال ما مجموعه 160 تلميذا وتلميذة سيستفيدون من خدماتها"، مضيفا أن "المبادرة الوطنية للتنمية البشرية زودت الجماعة ب7 حافلات للنقل المدرسي لتسهيل تنقل التلاميذ والتلميذات إلى مؤسساتهم التعليمية بمبلغ معقول"، وفق تعبيره. وحول قطاع الصحة، قال حسن صناك إن "المركز الصحي الجديد الذي هو في طور الإنجاز يعتبر "بركة من عند الله"، لما سيوفره من خدمات صحية للمواطنين وسيرفع من مستوى جودة الخدمات الطبية بالمنطقة"، مشيرا إلى "توفر الجماعة على سيارة إسعاف وسيارة لنقل أموات المسلمين تقدمان خدماتهما بالمجان". وبخصوص مساهمة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية قال المسؤول الجماعي: "لولاها لما تحسنت عدة خدمات بالجماعة بسبب قلة الموارد المالية وعجز الميزانية التي وصلت إلى 60 مليون سنتيم"، مختتما حديثه بالقول: "قدمنا طلبا إلى الجهات المختصة من أجل تسديد هذا العجز، وسائرون في البحث عن سبل دعم الجماعة للنهوض بها حتى تقوم بدورها في تحقيق التنمية لساكنتها".