قال الدكتور والمفكر محمد سبيلا: "ظننا، ولسنوات طويلة، بأن المغرب تابع للشرق أو للغرب.."، وجاء ذلك ضمن مداخلته في لقاء ثقافي نظمته جمعية "البحث من أجل تنمية القنيطرة والغرب" واحتضنتها قاعة عروض الغرفة التجارية للنقاش بشأن"الحداثة في الفكر المغربي المعاصر". وأردف سبيلا، الجمعة 13 يناير الجاري، بأن المغرب عاش، منذ أواخر القرن التاسع عشر، تجربة التحديث التي وصلت ذروتها إبّان الاستعمار، معتبرا أن نمط العيش "تحولات كمية وكيفية مرتبطة بمسألة التحديث".. كما اعتبر التحولات التي انخرط فيها المغرب "ذات أبعاد عميقة" وأنّها جعلته "يخرج من زمن الركاكة والركود والتقهقر إلى مدارات وزمن جديد كوني لا يخلو من العنف والتجديد ترتبت عنه مجموعة من الانعكاسات". وزاد ذات المتدخّل بأن المغرب "لا يختلف في مسايرة وتيرة التطور العام الذي عرفته بعض البلدان الإقليمية الأخرى، نتيجة الاستعمار الذي شكل تجربة سيطرة واحتلال من جهة، وتجربة تطور وتحديث من جهة ثانية".. واسترسل بأنّ "الاستعمار مثل الطريقة والكيفية التي عرف بها التحديث بعدا كونيا بالنسبة إلى العديد من القارات.. والصدمة الاستعمارية صدمة استفاقة وانفتاح على عالم جديد وقوى جديدة، إذ دفعت بالشعوب إلى الانخراط في العالم الجديد بكل ما فيه من عنف وتجديدات واختراعات وغيرها من التطورات التي لم تكن سائدة". سبيلا اعتبر أيضا أن بعض البلدان "دخلت في الشقاء إثر صدمة أمام بلدان متميزة بتاريخها وقدرتها على التطور ومواكبة التجديد"، كما قال بأنّ صدمة الحداثة في هذه البلدان، ومنها المغرب، ارتبطت بالبلدان الاستعمارية "حيث الاستعمار احتل الأرض واستغل الشعب.. غير أنه، في الوقت ذاته، استفادة من التحديث وإقحام التقنيات التكنولوجيا المستجدة.. إلاّ أن الكثير من المثقفين، ممن صودفت إنجازاتهم في دراسة هذه المسائل، لا يعطونها تفاصيلها وحيثياتها وجزئياتها، وإنما يقدمون لها تصورا عاما". تدخل ذات المفكر المغربي شدد على أنّ "فلاسفتنا ومفكرينا اهتموا بالحداثة والتحديث، كما اهتموا بجوانب كبرى عامة، تمحورت حول ماهية الحداثة وعلاقتها بالهوية والاستلاب والتحرر وموقف الإسلام منها.. وذلك بتساؤلات ميزت المغاربة".. كما أضاف: "عندنا مدارس فلسفية مغربية تتميز باتجاهات فكرية.. إلاّ أنّنا ظننا، ولسنوات طويلة، بأن المغرب تابع للشرق أو للغرب، في حين يتميز السياسيون المغاربة بنقص فكري ومحدودية الرؤية.. متجاهلين تواجد باحثين ومفكرين بالبلاد"، مبرزا تواجد مدارس فلسفية تحظى بقيمتها وأهميتها كم طينة مدارس العروي والجابري والخطيبي.. وموردا أنّ "المغرب يفكر للعرب لكونه مرجعا أساسيا من خلال ما أفرزته النخبة المغربية من إنتاجات فكرية، منهجية، دقيقة، وعميقة الأبعاد، وتتوزع على بحوث ودراسات وأعمال مترجمة، وكذا الفلسفة التي يعتبر المغاربة روادها على مستوى شمال إفريقيا والشرق الأوسط". وتوقف سبيلا عند فكرة الحداثة لدى العروي، حيث قال إن مجمل كتابات هذا الأخير من خلال دراستها، وذلك منذ بداية الستينيات، كانت حداثية واضحة، حيث تميزها بخيط ناظم، جعلتنا نقول إن كل أفكاره، من خلال زوايا مختلفة، تناقش الحداثة وتتمحور حولها.. وذلك بأن تساؤل العروي حول تقدم المغرب ومعوقات الحداثة وهل الحداثة يجب أن تحافظ على التراث.. وغيرها من التساؤولات التي تفكر في عمق الواقع الاجتماعي، كإبراز ماهية الحداثة والتحديث ككلمتين وكشيئين، مع تقديم مستويات الحداثة والإشارة إلى علاقتها بالدين وعوائق الحداثة والتحديث ببلد كالمغرب..