طيلة مسيرتها الدراسية كانت مولعة بحب الخير والانخراط في أب الفنون، والمشاركة في الحياة المدرسية، إلى جانب تركيزها على تحصيلها الدراسي، مما مكنها من نقطة ممتازة في الامتحان الجهوي خلال السنة الماضية. وفي مؤسستها التعليمية صارت أشهر من نار على علم، بعدما انخرطت في نادي التضامن، الذي يقوم بمبادرات إنسانية لفائدة الفئات الهشة من التلاميذ بالمناطق القروية وغيرها، قبل أن تخوض تجربة ستجعلها تشارك قادة العالم في مؤتمر دولي لهيئة الأممالمتحدة سينعقد بماليزيا من 15 إلى 18 فبراير المقبل. إنها التلميذة خديجة بوساعد، التي تتابع دراستها بمؤسسة للتعليم الخصوصي بمراكش، والتي استطاعت أن تنزع مكانا لها من بين حوالي 4000 شاب وشابة على مستوى العالم بفضل قدرتها على الإقناع. تحظى بوساعد، التي تتابع دراستها بالسنة الثانية بكالوريا بمسلك الاقتصاد والتدبير، بالتقدير والاحترام، سواء في محيطها العائلي أو المدرسي، بسبب ما تملكه من مهارات وقدرات مكنتها من إثارة فضول مسؤولين تربويين جهويين ومركزيين، فتحوا لها الأبواب ووعدوها بتقديم كل الدعم لمساعدتها في بلوغ أهدافها الاستراتيجية. وفي تصريح لهسبريس، قال عنها مدرس الفلسفة لحسن المامون: "خديجة بوساعد استطاعت أن تكتسب كل الكفايات التواصلية والمنهجية والمعرفية والقيمية، وبها كسبت قلوب كل من تتعامل معه، سواء في محيطها المدرسي أو في العالم الخارجي لمؤسستها التعليمية. وبها أيضا تمكنت من جذب وإقناع مسؤولين أمميين ومندوبين لشباب الأممالمتحدة، عكسه قرار المنظمين، الذين لهم مواضيع محددة ستناقش في هذا المؤتمر، بتمكينها من 15 دقيقة للترافع عن قضية وطنية تشكل أولوية دستورية، تتمثل في عرض مجهودات المغرب في مجال محاربة الهدر المدرسي". في القسم يلاحظ حضور الحس النقدي لدى هذه التلميذة، يضيف مدرس الفلسفة، الذي أشرف على تدريسها في مستوى الجذع المشترك العلمي والسنة الأولى بكالوريا، مؤكدا أنها "لا تقبل الجاهز وتعبر عن رأيها برفض كل فكرة تعرضها على عقلها وتبدو لها متهافتة ولا تنبني على أسس متينة". وعن أسباب انخراطها في منصة إلكترونية للأمم المتحدة توفر حلقات مخصصة للشباب، تقول بوساعد إن حبها للوطن، وغيرتها على القيم الإيجابية، ونبذها للتفاهات التي أضحت تغزو الشبكة العنكبوتية، كانت وراء اختيارها الانخراط في "إنستغرام"، "الذي مكنني من التواصل مع شباب القارة الأوروبية والإفريقية والآسيوية، التي تعرف انتشارا واسعا لهذا النوع من حلقات النقاش". تقول عنها والدتها لطيفة فتح الله بعينين دامعتين: "كانت ابنتي مقدامة منذ صغرها وتملك صفات القيادة، وهو ما كنا نلاحظه في ألعابها"، مشيرة إلى أن "وسطها الأسري كان يحترم اختياراتها، ويوفر لها كل ما تحتاجه، سواء تعلق الأمر بالمتطلبات المادية أو التربية على القيم النبيلة". وفيما يتعلق بمسار بوساعد الدراسي، قالت والدتها لهسبريس: "أنا فخورة بالتحصيل الدراسي لابنتي، فهي تحقق نتائج جد إيجابية، كما يسعدني أن تكون مندمجة، وتبحث عن تكوين شخصية قيادية قوية تمكنها من التواصل مع محيطها، وتقديم خدمات علمية وتطوعية لمجتمعها". بفضل كفاءتها المعرفية والتواصلية انخرطت بوساعد في حلقات للنقاش وفي قناة "اليوتيوب" وشبكات التواصل الاجتماعي، للدفاع عن القيم الإيجابية وتعزيز التعايش واحترام القانون والأخلاق. وهكذا وجدت نفسها، من خلال منصة إلكترونية تحت إشراف الأممالمتحدة، في حوار مع شباب آخرين من مجتمعات أخرى. ولتفسير سر نجاحها في انتقائها لحضور المؤتمر الدولي بماليزيا شهر فبراير المقبل، قالت بوساعد: "حين تم انتقائي طلبت مني مندوبتي معالجة موضوع يهم دولة كوبا، فاقترحت عليها موضوعا يهم وطني، فكان الجواب باستحالة ذلك، لكنني قررت رفع التحدي وإقناع المشرفين بمقترحي، وهو ما كان، حيث انتزعت 15 دقيقة". وحين سألتها هسبريس عن كيفية حصولها على مبتغاها، أجابت بوساعد: "لا يهدأ لي بال حتى أصل إلى غايتي، فإذا حددت هدفا لا بد من الوصول إليه. لذا أتسلح بما أملكه من مهارات التواصل والإقناع والجدية في تناول موضوع ما ورؤيتي له". وأضافت قائلة: "إذا ما اعترضني عائق أبحث عن حله بكل الوسائل الممكنة". وبخصوص طبيعة هذه المنافسة العالمية لصناعة القيادات الشبابية، أوضحت بوساعد قائلة: "سنتبارى في مجالات عدة، منها التواصل العمومي والمرافعة والإلقاء والنص المكتوب". وأضافت "انتزاعي 15 دقيقة لم يكن ممكنا لو لم أستعن بإرشادات مناديب سابقين، منهم صحافي بالقناة البريطانية BBC، الذي ساعدني بمعلومات جد مهمة، وربط لي الاتصال بمندوب إفريقيا الذي كان إلى جانبي، واقترح أن أمثل المغرب والقارة الإفريقية والعرب أيضا". واستطردت بوساعد قائلة: "اشترطت المنظمة المشرفة على المسابقة حضور سفير المغرب بماليزيا كي يمكنوني من 15 دقيقة لعرض مشروعي عن إشكالية الهدر المدرسي بالحفل الختامي الذي سيحضره نواب من الكونغرس الأمريكي وممثلو بعض الدول وصحافيون دوليون". ومن أجل تقديم مشروعها تتلقى بوساعد تكوينا مباشرا على منصات الأممالمتحدة بالشبكة العنكبوتية بخصوص كيفية الإقناع والتقديم من طرف المشرفين عليها وقيادات معترف بها من طرف هذه المنظمة الدولية.