أخيراً "رضوان تاغي" (42 سنة) في قبْضةِ الأمن. ابنُ قرية بني سلمان (نواحي شفشاون) لم يهنأ قطّ بحياةٍ مستقرّة، ظلّ تحت أعين السّلطات الاستخباراتية، وواحداً من الأهداف التي سطّرتها شبكة المافيا الدّولية لاغتيالها؛ نظراً لتورّطهِ في عمليات "مشبوهة"..هو رئيس منظمة "ملائكة الموت" والمشتبه به الرّئيس في عملية إطلاق النار التي شهدتها مقهى "لاكريم" بمدينة مراكش. الصّحف الدّولية وصفت تاغي ب"أخطر مجرم مطلوب في العالم"..ظلَّ لسنواتٍ بعيداً عن أعين الشّرطة، قبل أن تعتقله السّلطات الإماراتية عشيّة أمسِ، في شقة بإمارة دبي، لتنتهي بذلك قصّة أحد أخطر العناصر الإجرامية المطلوبة عالمياً والمُدرجة على قوائم "إنتربول"، والمتّهم بكونه العقل المدبر لجريمة مقهى "لاكريم" بمراكش. الشّاب الخجول لم يُكتبْ لرضوان تاغي الاحتفاء بعيدِ ميلادهِ الذي يُصادفُ العشرين من هذا الشّهر، فقد اعتقلتهُ السّلطات مساء أمس الإثنين مُتخفّياً في إحدى الشّقق بإمارة دبي، رفقة شخصٍ لا يمثّل أيّ خطرٍ، بعدما أصبح موضوع مذكرة دولية على خلفية تورّطه في عدد من الجرائم المرتبطة بالقتل وتكوين عصابة إجرامية والاتجار بالكوكايين. القصّة بدأت لمّا قرّر والدا رضوان (42 سنة) تركَ الوطن والتّوجه صوب هولندا، حلمُ جيل الثمانينيات الباحث عن فرص عيش أفضل. رضوان، هذا الطّفل "الخجول" الآتي من "مداشر" بنسليمان البعيدة، وجدَ صعوبة كبيرة في التّأقلم مع البيئة الهولندية الجديدة، وعندما بلغَ سنوات المراهقة، "أصبحَ أكثر نضجاً، وبدأ تجارة "الحشيش" في الثانوية، وكان عنيفاً للغاية". الشّاب "الخجول"، ذو الابتسامة السّاطعة، سرعان ما سيتحوّل إلى تاجر ناجح للمخدّرات في هولندا، خاصة في مقاطعة "أوتريخت"، بفعلِ توسيع شبكة علاقاته مع تجار آخرين، خاصة من المغاربة، منهم منتمون إلى منطقة الرّيف والشّمال. في هذا الجوّ من التّمرد، قرّر رضوان أن يقود شبكة لنفسهِ أسماها "ملائكة الموت"، وكان من أصغر الأشخاص في هذه المجموعة. لا يثقُ في أحد لا يثقُ في أحد، هذا ما يوضّحهُ "إبراهيم"، أحد أعضاء المجموعة، الذي سبق أن أدينَ من قبل القضاء الهولندي بتهم تتعلق بجرائم القتل. وقال "الجزار" كما يلقبه أصدقاؤه: "إنّه مجرم خطير.. بل إنه أخطر مما يتصوّره الجميع.. قام ببناء سجل إجرامي خطير على مرّ السنين". يمكن اعتبار تصريح "إبراهيم" بداية مطاردة رضوان تاغي..منذ بداية عام 2018، أصبحَ أكثر المجرمين المطلوبين في هولندا. انتهت تلك المطاردة في دبي، بعد ظهر يوم الإثنين، باعتقال تاغي، الذي أبلغ محاميه من قبل بأنه ليس لديه أي اعتراض على استخدام اسمه الكامل في الصّحافة. وتقول إنز ويسكي، محامية رضوان تاغي، إنها "لن تردّ" على اعتقال موكلها "في الوقت الحالي"، كما تقول إنه "ليست لديه أي مشكلة في استخدام اسمه في وسائل الإعلام"، وأضافت متحدثة لوسائل إعلام هولندية: "لن أدافع عنه، لكنّه يظلّ موكلي". ووفقًا للمحامية فإنها كانت تنتظر لسنوات عديدة الوصول إلى جميع أنواع المستندات الإجرائية، وأن يخضع موكلها للمحاكمة العامة. التسليم لهولندا وقال جانين فان دن بيرج، رئيس قسم الشرطة الوطنية الهولندية، في مؤتمر صحافي مساء الإثنين، إن عملية الاعتقال وقعت الليلة الماضية، دون وقوع حادث في شقة في دبي. وقالت السلطات في الإمارة إن شخصًا آخر اعتقل مع تاغي، لكنه لم يكن مطلوبًا من قبل الشرطة. ورغم أنّ هولندا ليست لديها معاهدة رسمية لتسليم المجرمين مع دبي، إلا أنّ المسؤول الهولندي قال: "نحن واثقون من أن عملية التسليم ستنجح؛ كما أنّ المدعين العامين متفائلون بأن تاغي سيحاكم في جلسات استماع مفتوحة". وتتضمن جلسات الاستماع تسع عمليات اغتيال في الشوارع وعدة محاولات اغتيال فاشلة. وأوضحت القيادة العامة لشرطة دبي أن المتهم يُدعى رضوان تاغي، ويبلغ من العمر 41 عامًا، وهو رئيس منظمة "ملائكة الموت" الإجرامية، وصدرت بحقه مذكرات قبض دولية العام الماضي بتهمة الانتماء إلى منظمات إجرامية خطيرة، بعد أن دخل إلى أراضي الدولة منتحلًا هوية شخص آخر، وكان يقيم في إحدى الفلات السكنية في إمارة دبي. مكافأة وفي نونبر 2018، قررت النيابة العامة بهولندا وضع مكافأة مادية لمن يدلي بمعلومات عن مكان تاغي. وصلت المكافأة إلى 100 ألف أورو، إذ تم الاشتباه في أن المطلوب هو العقل المدبر لجريمة مقهى لاكريم في مراكش. وفي أكتوبر الماضي، ذكرت صحيفة «دي تليغراف» الهولندية اليومية أن أخطر مجرم مطلوب للعدالة في هولندا يعيش بحرية في إيران، ويتمتع بحماية الدولة. وقالت الصحيفة إن رضوان تاغي (42 عامًا) مغربي متهم بتهريب المخدرات وتجارة السلاح وجرائم أخرى، بما في ذلك التعاون على قتل المنشق الإيراني محمد رضا كولاهي عام 2015، في هولندا؛ وعلاوة على ذلك ساعد عملاء المخابرات في الجمهورية الإيرانية على اغتيال معارضين آخرين في جميع أنحاء أوروبا.