نظم المركز المغربي لحقوق الإنسان ندوة وطنية بمدينة كلميم تناولت موضوع "إلغاء عقوبة الإعدام بين الرفض والتأييد"؛ وذلك في إطار الشراكة التي تجمع المركز بوزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان. وشارك في اللقاء ثلة من المحامين والحقوقيين والأكاديميين والباحثين، بحضور وكيل الملك بابتدائية كلميم، ممثلا لرئيس النيابة العامة، الذي قدم مداخلة باسمه، أعرب من خلالها عن تثمينه مبادرة فتح نقاش عمومي حول الموضوع، "الذي لازال يشكل إحدى العقوبات الأكثر إثارة للجدل وأهم القضايا الخلافية على الصعيد الوطني والدولي". وأبرز المتحدث كيف ساهم النقاش في التأثير على الموقف الرسمي للحكومات المغربية المتعاقبة، منذ عقدين تقريبا، في حين يبقى قرار إلغاء عقوبة الإعدام قرارا سياسيا، ضمن الخيارات السياسية الإستراتيجية للمملكة المغربية، مبرزا في الوقت ذاته أن رئاسة النيابة العامة، باعتبارها جزءا من السلطة القضائية، لا تتدخل في وضع التشريع، وزاد: "التجربة أثبتت أن قضاة النيابة العامة لا يلجؤون إلى المطالبة بالحكم بعقوبة الإعدام إلا في حالات نادرة واستثنائية، متأثرين بالحوارات الاجتماعية التي تصاحب اقتراف الجرائم المعنية بالحكم". وتنوعت آراء المتدخلين وكذا المشاركين خلال الندوة بين تأييد إلغاء عقوبة الإعدام وبين الإبقاء عليها، إذ أكد مؤيدو مطلب الإلغاء على ضرورة أن تمضي الحكومة المغربية قدما في طريق المصادقة على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام؛ وذلك لكون معظم الدول ماضية في هذا الاتجاه، كما لا يمكن للمغرب الرجوع إلى الوراء بعدما علق تنفيذ الإعدام ضد من صدرت في حقهم العقوبة منذ ست وعشرين سنة. ويرى آخرون أن عقوبة الإعدام وسيلة في يد الأنظمة السياسية للانتقام من الخصوم السياسيين، مشددين على أن الدراسات التي همت الموضوع بينت أن الدول التي تعرف تطبيقا لعقوبة الإعدام لم تشكل فيها العقوبة رادعا للمتورطين في جرائم موجبة للحكم، بل ازدادت وتيرتها؛ فيما دافع بعض المشاركين في الندوة عن الإبقاء على العقوبة في القانون الجنائي المغربي، لما تنطوي عليه بعض الجرائم البشعة من خطر على المجتمع المغربي، وضرورة ردع مرتكبيها عن طريق أحكام الإعدام في حقهم. وتمخضت الندوة عن توصيات ضمت الرأيين المتعارضين بشأن عقوبة الإعدام، مشفوعة بمبررات كل رأي على حدة، وسيتم تضمينها في مذكرة سيتم تقديمها للحكومة المغربية، في إطار مساهمة المجتمع المدني في أوراش إصلاح منظومة العدالة والقانون الجنائي على وجه الخصوص.