تطورات ملف الصحراء المغربية.. سيناريوهات الحسم مع الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    تصعيد عسكري إسرائيلي على عدة جبهات وتحذيرات من تفاقم الكارثة الإنسانية    الركراكي: المهارات الفنية صنعت الفارق أمام تنزانيا    مكتب السكك الحديدية يدين حادث التخريب بمحطة الرباط المدينة    المغرب في المرتبة 64 عالميا في سرعة الإنترنت    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    خلال تسليم السلط بينه ومحمد البشير الراشدي.. محمد بنعليلو: "محاربة الفساد تتطلب تعبئة مستمرة ومجهودات كبيرة"    دراسة توضح تأثير استخدام شات جي بي تي على الشعور بالوحدة    المغرب يقود جهود إعادة دمج دول الساحل وإفريقيا الوسطى في الاتحاد الإفريقي    اعتقال المتسبب في أعمال تخريبية بمحطة القطار الرباط المدينة    كأس العالم 2026: الأرجنتين تسحق البرازيل برباعية وتصبح أول المتأهلين للنهائيات عن أمريكا الجنوبية    بوركينا فاسو والغابون يقدران جهود المغرب ودعمه لعودتهما الى مؤسسات الإتحاد الإفريقي    أجواء غائمة جزئيا في توقعات طقس الأربعاء    وزير الصناعة يتحدث عن "تضحيات اقتصادية مهمة" بهدف "تعبيد الطريق للشباب" المغربي    المحكمة الدستورية تصرح بشغور مقعد الراحل بن عيسى في مجلس المستشارين فاسحة المجال لتعويضة من لدن فاطمة سعدي    المغرب في حالة تأهب لمواجهة اجتياح الجراد الصحراوي القادم من الجزائر    وزير الخارجية الإسباني: المغرب وإسبانيا يعيشان أفضل فترة تعاون في تاريخهما    بنعلي تُبرز تجربة المغرب ببريطانيا    وزارة التربية تعلن ترميم 1443 مدرسة وتكشف حصيلة توفير مرافق صحية    قرار نزع الملكية بطنجة يثير القلق .. والعمدة: الخبرة تحدد قيمة التعويضات    حرب الطرق في المغرب تواصل حصد المزيد من الأرواح    الركراكي يعبر عن رضاه عن أداء لاعبيه ويقول إن هناك عملا كبيرا ينتظر المجموعة قبل كأس إفريقيا    تطور جديد في قضية وفاة الأسطورة مارادونا    في رسالة إلى بوريطة.. بوركينافاسو تشكر المغرب على دعمها في رفع تجميد عضويتها في الاتحاد الإفريقي    المنتخب المغربي يهزم تانزانيا … بدون إقناع … !    تنقيط أداء لاعبي المنتخب الوطني المغربي بعد الفوز المثير على تنزانيا    تصفيات المونديال.. فلسطين تهزم العراق وتعزز آمال الأردن    شكوى حقوقية حول إصابة طفلة بفيروس الإيدز إثر عملية أذن في مستشفى جامعي    الركراكي: التأهل للمونديال أصبح اعتياديًا.. وهذا دليل قوة الأسود    أمطار مارس تنعش زراعات الشمندر وقصب السكر بجهة الشمال وتغطي أزيد من 9 آلاف هكتار    المركز الثقافي الروسي يبرز نضال الجنود السوفييت والمغاربة ضد النازية    ميناء طنجة المتوسط يتقدم في الترتيب العالمي للموانئ    أداء سلبي ينهي تداولات البورصة    الدورة الثلاثون للمعرض الدولي للنشر والكتاب فضاء لمواصلة السعي الواعي إلى النهوض بالكتاب والقراءة (بنسعيد)    ارتفاع حصيلة الضحايا في غزة إلى 792 قتيلا، والاحتلال الإسرائيلي يخطط لهجوم بري كبير    اكتشاف سلالة مغربية من "بوحمرون" في مياه الصرف الصحي ببروكسل    الدورة العشرون للمهرجان الدولي للرحل.. محاميد الغزلان تتحول إلى ملتقى عالمي يجمع الفنانين    مشاهد جريئة تضع مسلسل "رحمة" في مرمى الانتقادات    عندما يعزف الشيطان: فصول الجابي !    بعد تداول تصريحات منسوبة إليه.. عمرو موسى يوضح موقفه من المغرب وينفي الإساءة    حوض سبو.. نسبة ملء السدود تفوق 50 في المائة إلى غاية 25 مارس    يا رب أنا جيتلك.. جديد سميرة سعيد    واشنطن تتباحث مع كييف في الرياض    الكوميدي "بهلول" يطلب دعم الفنانين لتسديد شيك بدون رصيد    دراسة: الخلايا السرطانية تتعاون من أجل البقاء على قيد الحياة    تركيا.. القبض على 41 متهماً ب"شتم أردوغان وعائلته"    الوزيرة السغروشني: التحول الرقمي في التعليم يحتاج إلى تعبئة جماعية وتنسيق فعال    زلزال عنيف بقوة 6,7 درجات قبالة سواحل الجزيرة الجنوبية بنيوزيلندا    "تراث المغرب".. سلسلة وثائقية لتثمين الموروث الثقافي للمملكة    أوراق من برلين .. رسالة فرانز كافكا: جروح قديمة ما زالت تنزف    اكتشاف جديد يحدد الأجزاء المسؤولة عن تذكر الكلمات في الدماغ    ملياري شخص غير مشمولين في إحصاءات عدد سكان الأرض    نهاية سوق پلاصا جديدة بطنجة    كسوف جزئي للشمس مرتقب بالمغرب يوم السبت القادم    عمرو خالد يحث المسلمين على عدم فقدان الأمل في وعد الفتح الرباني    السعودية تحين الشروط الصحية لموسم الحج 2025    المجلس العلمي يحدد قيمة زكاة الفطر بالمغرب    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفلا قرآنيا لتكريم الفائزين بالمسابقة القرآنية المحلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عصابات منظمة تدمّر غابات الأطلس .. والسلطة تطارد المتورّطين
نشر في هسبريس يوم 08 - 12 - 2019

تعد أشجار الغابة المحيطة بإقليم ميدلت، بالأطلس الصغير، كنزا وطنيا وطبيعيا، حيث تبلغ مساحة الملك الغابوي حوالي 462800 هكتار، أي 35 في المائة من مساحة الإقليم. وتتوزع أشجار الغابة هاته على 40 في المائة من سهوب الحلفاء، و25 في المائة من إكليل الجبل، و13 في المائة من الصنوبريات، و8 في المائة من البلوط، و11 في المائة من الأرز، و3 في المائة من تشكيلات أخرى.
تتميز الغابة بالأطلس الصغير (إقليم ميدلت) بتنوعها الكبير، وأغلبها يكون مجموعة متجانسة أو مختلطة، مثل البلوط الأخضر والأرز والصنوبر والعرعر وإكليل الجبل وغيرها، وعندما تكون هذه الأوساط البيئية الغابوية في حالة جيدة، فإنها تلعب دورا جوهريا في الحياة الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين والمنطقة بصفة عامة.
هذه الغابة التي تعد كنزا طبيعيا وطنيا أصبحت اليوم مهددة بالزوال نتيجة التجاوزات الخطيرة التي تقوم بها مافيات الاغتناء على حساب الثروة الغابوية من خلال اجتثاث الأشجار، خصوصا الأرز الذي يشكل نسبة قليلة من هذه الثروة الغابوية بالإقليم، مما يدعو إلى تسطير خطة عمل محكمة من أجل إنقاذ الأطلس الصغير بصفة عامة من كارثة بيئية خطيرة.
خطر محدق بالأطلس الصغير
مازالت الغابة المحيطة بإقليم ميدلت ونواحيها تتعرض للتدمير بسبب عوامل ناتجة عن تغير المناخ، بالإضافة إلى النشاط البشري الجشع "مافيات الغابة"، من خلال قطع الأشجار بطريقة غير مشروعة، مما بات يهدد الثروة الغابوية، خصوصا شجر الأرز، بالانقراض عما قريب في حالة عدم تدارك الأمر من قبل الجهات المختصة وردع المخالفين.
أحمد أبركاش، من ساكنة تونفيت، لم يخف مخاطر تدمير الغطاء الغابوي من طرف من سماهم "المافيات والسماسرة"، وأكد أن مساحة الغابة تراجعت بشكل مخيف خلال السنوات الخمس الأخيرة بفعل الاستغلال المفرط للموارد الغابوية من طرف المافيات التي تتستر عليها الساكنة المحلية، محملا المسؤولية لهذه الأخيرة في ما تتعرض له الغابة "لأنها تشارك في الجريمة بتسترها وعدم إبلاغ الجهات المختصة للقيام بالمتعين"، وفق تعبيره.
وشدد المتحدث لجريدة هسبريس الإلكترونية على "ضرورة تفعيل الدورية المشتركة بين وزارة الداخلية ووزارة العدل وقطاع المياه والغابات الصادرة بتاريخ 20 يناير 2011، المتعلقة بخطة العمل لمحاربة ظاهرة استنزاف الثروات الغابوية لردع المخالفين وصيانة هذه الثروة الطبيعية، وكذلك تكثيف الدوريات بمحيط الغابة للتصدي لكل من سولت له نفسه المساس بالثروات الغابوية للمنطقة"، داعيا الساكنة بدورها إلى "عدم التساهل مع هذه المافيات التي تبحث عن الربح المادي على حساب حياة الطبيعة والإنسان"، وفق تعبيره.
الاستغلال المفرط للثروة الغابوية بالأطلس الصغير من طرف "مافيات النهب" بات يهدد المنطقة بكارثة بيئية حقيقية لا يمكن تجاهلها، الأمر الذي يجعل مسؤولية السلطات المختصة أكبر من أي وقت سابق، ويحتم تضافر الجهود لإنقاذ رئة الأطلس الصغير من النهب والسرقة.
واقع مؤلم
خلال الزيارة التي قامت بها جريدة هسبريس الإلكترونية إلى عدد من الغابات المحيطة بإقليم ميدلت، وقفت على واقع مؤلم وخطير؛ فآثار المنشار تبدو حديثة على أشجار عمرت طويلا، خصوصا الأرز الذي يتم قطعه واستنزافه بشكل بشع من طرف أشخاص بلا ضمير، هدفهم ربح دراهم معدودة مقابل إعدام منظومة بيئية مهمة في حياة الأرض والبشر.
وخلال إعدادنا لهذا الروبورتاج، كشف عدد من السكان القاطنين بمحيط الغابة عن المخاطر المحدقة بالغابة، وتساءلوا عن أسباب عدم مواجهة هؤلاء الناهبين بالقانون وتطبيق عقوبات زجرية في حقهم، موردين أن الأشجار يتم قطعها في واضحة النهار، وفي الليل يتم نقل الخشب بواسطة الدواب أو السيارات.
محمد الدرويش، من ساكنة ميدلت، قال في تصريح لهسبريس إن "مافيات الغابة تستهدف شجر الأرز بالخصوص لثمنه الغالي، وهي لا تأتي من خارج الإقليم، بل هي من أبناء المنطقة"، مشددا على أن "شجر الأرز بغابات ميدلت مهدد اليوم بالانقراض رغم تدخلات قطاع المياه والغابات لإعادة غرسه"، بتعبيره.
وأبرز المتحدث أن واقع الغابة اليوم أضحى مؤلما بسبب جشع الإنسان، ودعا إلى "ضرورة التدخل من طرف الجهات المسؤولة، بتنسيق مع الساكنة وفعاليات المجتمع المدني، لحماية هذا الموروث الطبيعي"، مضيفا: "صحيح أن المسؤولية تتحملها الساكنة أولا قبل السلطات، لكن هذا لا يمنع الجهات المختصة من التدخل لإصلاح الوضع المتردي الذي أصبحت عليه الغابة"، وفق تعبيره.
حق الساكنة تنهبه المافيات
في تصريحات متطابقة لعدد من السكان القاطنين بمحيط المجال الغابوي بإقليم ميدلت، أكدوا أن الثروة الغابوية تتعرض اليوم أكثر من أي وقت مضى لجريمة اجتثاث تباشرها في واضحة النهار مافيات معروفة إقليميا، مشيرين إلى أن الساكنة تعاين سيارات وشاحنات ودوابا تحمل خشب الأرز إلى وجهات مجهولة، مما يطرح التساؤل عن يقظة المصالح الأمنية لحماية هذا الموروث البيئي.
وقال هؤلاء إنهم لا يستطيعون الاستفادة من حقهم في الغابة من خلال استغلال الأشجار الميتة حطبا للتدفئة وغيرها من الأمور اليومية، مؤكدين أن مساحات شاسعة من الغابة تحولت إلى بقع قاحلة بعد أن استبيح غطاؤها النباتي، وعبروا عن إدانتهم لهذا السلوك الذي يمارس في حق الغابة، والذي لا ينسجم مع التوجيهات الملكية الداعية إلى المزاوجة بين التنمية والاقتصاد في الموارد الطبيعية.
حياة أوعلي، فاعلة حقوقية من ميدلت، قالت إن "الغابة المحيطة بالإقليم هي آخر فضاء إيكولوجي يساهم في راحة السكان الذين يتوجهون إليه لتجديد طاقتهم الجسدية والمعنوية"، موردة أن "هذه المافيات لا تعرف الدور الذي تلعبه الغابة ضد التدهور البيئي".
وأضافت أن "الوضع الحالي للغابة يدعو إلى القلق وينتظر تدخلا عاجلا لإنقاذها من وضعية التدهور والاندثار التدريجي والاجتثاث، وذلك من خلال تحيين التشريعات المتعلقة بتنظيم وتدبير واستغلال القطاع الغابوي، وتنظيم حملات للتحسيس بأهمية الشجرة في حياتنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية"، وفق تعبيرها.
مدير قطاع المياه والغابات يوضح
يونس محب، المدير الإقليمي لقطاع المياه والغابات بميدلت، قال إن "القطاع بالإقليم، وعيا منه بمختلف التحديات المرتبطة بالتوازنات البيئية للنظم الغابوية في ظل التغيرات المناخية والاستغلال المفرط للموارد الغابوية، اعتمد على محورين أساسيين".
وأوضح أن "المحور الأول يتجلى في المقاربة التنموية التشاركية مع ذوي الحقوق، من خلال إنجاز مشاريع مجالية مندمجة تهم التشجير وتخليف الغابات والمحافظة على المياه والتربة ومحاربة زحف الرمال، وتجهيز وتأمين الملك الغابوي، وفك العزلة عن الساكنة المجاورة للغابات".
والمحور الثاني، يضيف المسؤول الإقليمي ذاته، "يتمثل في تفعيل، إن اقتضى الحال ذلك، المقاربة الزجرية للترامي اللامشروع، خاصة من طرف العصابات المنظمة، وذلك في إطار استراتيجية مشتركة مع السلطات المعنية (وزارة الداخلية، وزارة العدل، السلطات الإقليمية والمحلية والقضائية، الدرك الملكي، والأمن الوطني)، تستهدف المخالفين الغابويين، لاسيما أولئك الذين يتكتلون في إطار عصابات منظمة تنشط في مجال قطع وتخزين وتهريب الموارد الغابوية ذات مصدر غير قانوني"، وفق تعبيره.
المسؤول الإقليمي نفسه أشار، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن مصالح المياه والغابات بإقليم ميدلت تعمل على أجرأة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة ظاهرة الاعتداء على المجال الغابوي في إطار برنامج عمل ممتد إلى غاية سنة 2024.
وقال إن "المديرية ساهمت في تأسيس 10 تعاونيات، تضم أزيد من 1500 منخرط، تستفيد من عقود شراكة مع قطاع المياه والغابات من خلالها يتم الاستغلال العقلاني للموارد الغابوية مقابل ضمان مدخول سنوي قار لمنخرطيها. كما تم تأسيس 8 جمعيات رعوية تضم أزيد من 900 منخرط من ذوي الحقوق، تستفيد سنويا من مبلغ إجمالي يتجاوز مليونا و100 آلف درهم كمنحة عن مقاصة حق الرعي"، على حد قوله.
وأضاف المسؤول ذاته أن مصالح المياه والغابات أبرمت اتفاقيات شراكة مع عمالة الإقليم وجمعيات مدنية بهدف حماية الموارد الغابوية، وذلك "عبر تنظيم مزاولة حرف النجارة وتجميع الأوراش في مركب حرفي لتيسير عملية المراقبة، والتزام الحرفيين باستعمال مواد ذات مصدر قانوني".
وأقر المصدر نفسه بأنه "رغم الجهود المشتركة المبذولة لمحاربة عصابات نهب وتهريب المواد الغابوية، خاصة خشب الأرز، إلا أن بضع نقط سوداء ظلت قائمة"، موردا أن ذلك "دفع مصالح المياه والغابات إلى تعزيز المقاربة التنموية التشاركية مع ذوي الحقوق من خلال بلورة مشاريع مجالية وتدخلات مندمجة على أرض الواقع".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.