أوصت الحكومة الروسية المدارس في أنحاء البلاد بتقديم دروس جديدة للطلبة عن كيفية الاحتفاظ ببندقية هجومية، في خطوة تعد إحياء ل "أساسيات سلامة الحياة" التي كان يتم تدريسها أثناء حقبة الحرب الباردة. وتأتي المبادرة التي تستهدف الأطفال بداية من سن ال 13 عاما فأكثر، بمناسبة الذكرى المئوية لميلاد ميخائيل كلاشنكوف، الذي قام في أواخر أربعينيات القرن الماضي، عندما كانت بلاده تسترد عافيتها من ويلات الحرب العالمية الثانية، بتصميم البندقية الهجومية الأكثر انتشارا في أنحاء العالم، وهي طراز "إيه كيه -47" (كلاشنكوف). وقالت وزارة التعليم الروسية في استعراض للمنهج إن الدروس ستتضمن الأعمال "الروحية والمعنوية" المتعلقة باستخدام البنادق الهجومية للدفاع عن البلاد. وأضافت الوزارة أن الأطفال سيتلقون دروسا عن دور القتل من أجل الدفاع عن وطنهم، ودور البندقية كلاشنكوف في تشكيل "الذاكرة التاريخية" للبلاد، و"هويتها الروسية". وتهدف الدروس أيضا إلى "مساعدة تلاميذ المدارس على فهم المعضلة الأخلاقية التي يواجهها أي مخترع أسلحة". ووفقا لما ذكرته الوزارة، هناك "ربع مليون شخص يموتون سنويا بسبب الأعيرة النارية المستخدمة في البنادق الكلاشنكوف... كما أن عدد الأشخاص الذين قتلوا بسبب إصابتهم بهذه البنادق أكثر من عدد الذين سقطوا قتلى بنيران المدفعية أو قصف الطائرات أو الهجمات الصاروخية". وأشار ديمتري جودكوف، السياسي المعارض البارز، إلى أن استعراض المبادرة الذي نشرته الوزارة مؤخرا "تمجيد غير مقبول لعملية القتل". وقال جودكوف، في بيان، إن الحكومة الروسية تعرض "قتل أكبر عدد ممكن من الناس" بوصفه جزءا من الهوية الروسية. وقالت ماريا سنجوفايا، وهي خبيرة سياسية روسية، إن المبادرة تأتي في إطار جهد دعائي يهدف إلى غرس الخوف من عدو خارجي لصرف الانتباه عن الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية المتنامية داخل البلاد. وأضافت سنجوفايا، وهي زميلة مساعدة في مركز تحليل السياسة الأوروبية، أنه "للحفاظ على السيطرة على المواطنين، يحاول الكرملين غرس فكرة أورويل عن القلعة المحاصرة-روسيا وهي محاطة بالأعداء". وكان كلاشنكوف خدم ضمن الجيش السوفيتي أثناء الحرب العالمية الثانية، التي تكبدت خلالها بلاده-التي غزتها قوات ألمانيا النازية-سقوط عشرات الملايين من الضحايا، وهو أعلى عدد بين قوات الحلفاء. وقدم كلاشنكوف بندقيته الهجومية طراز "إيه. كيه" في عام 1947، أي بعد عامين من انتهاء الحرب العالمية الثانية. وقد شهد مخترع الأسلحة الشهير، الذي فارق الحياة في عام 2013 عن عمر ناهز 94 عاما، بأن أسلحته كانت مخصصة لأغراض الدفاع فحسب. ورفض متحدث باسم شركة "كلاشنكوف كونسيرن" الروسية الحكومية، التي تنتج مثل هذه الأنواع من البنادق، التعليق على مبادرة وزارة التعليم. وقالت وزارة التعليم في تقديمها للمبادرة: "أثناء الحقبة السوفيتية، كان كل طالب في مدرسة يعرف كيفية تجميع وتفكيك بندقية هجومية طراز (إيه كيه – 47)". وسيركز التدريب الجديد، الذي سيتم بأحد الفصول الدراسية، على البندقية المعدلة، طراز "إيه كيه-74". ولم يتضمن استعراض الوزارة للمبادرة التدريب على الرماية وإصابة أهداف. ودافع فيكتور ليتوفكين، وهو خبير في الشؤون العسكرية بوكالة الأنباء الروسية الحكومية (تاس)، عن النهج الجديد، قائلا إن وجود جانب وطني للتعليم أمر "مفيد لأي دولة". وقال ليتوفكين، في حديث لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، إن "المهارات الأساسية للدفاع عن الوطن جزء من التعليم الوطني... من الطبيعي أن يكون الشخص قادرا على حماية أحبائه من المصائب". وتعد بندقية "إيه كيه–47" أكثر الأسلحة النارية شيوعا في العالم، حيث تتراوح الأعداد الموجودة منها بين 50 و80 مليونا، وذلك بحسب موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية. وتقول وزارة التعليم الروسية إن هناك حوالي 100 مليون بندقية كلاشنكوف في أنحاء العالم، مضيفة: "هناك بندقية كلاشنكوف واحدة لكل 60 شخصا بالغا على كوكبنا". ووصف المؤرخ الروسي إيفان كوريلا الكلاشنكوف بأنها "تعد حقا أحد رموز العبقرية التقنية الروسية". وقال كوريلا، الأستاذ بالجامعة الأوروبية في مدينة سان بطرسبرغ، "أتفهم لماذا ترغب الوزارة في أن يتعلم الأطفال عن البندقية بمناسبة الذكرى المئوية لميلاد كلاشنكوف... ولكن الطريقة التي تم بها التخطيط لذلك، بتمجيد عملية القتل بهذه البندقية، أمر غير مقبول". ووصف ديار أوتال، خبير السياسة الروسي، النهج الجديد بأنه "يتماشى مع النزعة الوطنية المسلحة التي نشأ عليها الكرملين". *د.ب.أ