حالة عزلة تعيش على وقعها جبهة البوليساريو الانفصالية جراء أجواء الاحتقان الداخلي الذي وصل إلى حد اقتحام مقر إقامة زعيم الجبهة في تندوف من لدن المعارضة، وانضافت إليه تحذيرات مدريد لمواطنيها بشأن السفر إلى المخيمات المحفوفة بالمخاطر، ما تسبّب في استنفار لقيادات الجبهة، حيث خرج محمد خداد، المتحدث باسم البوليساريو، بتصريح قال فيه إن "تصريحات وزارة الخارجية الإسبانية غير مبررة". وأضاف خداد، في خرجته الإعلامية التي نقلت مضامينها مَنابر مقربة من قيادة التنظيم الانفصالي، أن تحذيرات العاصمة مدريد "توضح تواطؤ الحكومة الإسبانية مع المغرب"، موردا أن "المملكة تعيش على وقع مشاكل على المستوى الداخلي"، مدعيا وجود "قلق بالغ من القرارات التي سيتخذها المؤتمر الخامس عشر لجبهة البوليساريو المنعقد في التفاريتي". وسبق لوزارة الخارجية الإسبانية أن حذرت مواطنيها من زيارة معسكرات الصحراويين في منطقة تندوف بالجزائر، معتبرة أن السفر إلى المخيمات "محفوف بالمخاطر بسبب عدم الاستقرار في شمال مالي والنشاط المتزايد للجماعات الإرهابية في المنطقة"، وأوصت بضرورة الامتناع عن زيارة المخيمات، والحدود مع مالي، والنيجر، وليبيا، وموريتانيا. منسق جبهة البوليساريو الانفصالية مع بعثة "المينورسو" ذهب إلى القول إن "المغرب سيكون مسؤولا مباشرًا عن أي عمل إرهابي ضد مخيمات المحتجزين الصحراويين ومحيطها"، مدعيا أن "المغرب أول مصدر للإرهابيين في العالم". واعتبر خدّاد أن التنبيهات الصادرة عن الخارجية الإسبانية "مثيرة للشكوك"، وقال: "لقد أتت عقب الزيارة التي قام بها وزير الخارجية المغربي إلى مدريد، الأربعاء، حيث جرى استقباله من لدن رئيس الحكومة بالنيابة، بيدرو سانشيز"، قبل أن يعلن أن "البوليساريو تحمل المغرب مسؤولية أي عدوان بالمنطقة". وتأتي هذه التصريحات عقب التقارب بين الرباطومدريد في الآونة الأخيرة، حيث استقبل رئيس الحكومة الإسبانية المؤقت، بيدرو سانشيز، ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، وتباحثا حول العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية. وعبر الجانبان عن ارتياحهما لدخول الاتفاق الزراعي والبحري حيز التنفيذ بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وشموله للأقاليم الجنوبية الصحراوية. كما اتفق الطرفان على مواصلة العمل من أجل الحد من الهجرة غير الشرعية، التي انخفضت بنسبة 55 في المائة خلال السنة الجارية مقارنة مع العام الماضي، وفق المعطيات الصادرة عن الحكومة الإسبانية. في مقابل ذلك، تعيش الجبهة توترا داخليا في الفترة الأخيرة، نتيجة شنّها لسلسلة اعتقالات متوالية للمعارضين السياسيين، حيث أقدم العشرات من الصحراويين المحتجزين في مخيمات تندوف على اقتحام مقر إقامة زعيم التنظيم، إبراهيم غالي، لمطالبته بالإفراج الفوري عن أحد المعتقلين بسبب مواقفه المعارضة. وتسببت الوضعية الداخلية المتأزمة لجبهة البوليساريو الانفصالية في زيادة المخاطر الأمنية المترتبة عن تسريب أسلحتها بمنطقة الساحل، الأمر الذي جعل المملكة تواجه تهديدات حقيقية في الحدود الجنوبية، ومرد ذلك إلى السياسة التي كانت تنهجها الجبهة خلال العقود الماضية بدعم من جنرالات الجزائر، القاضية بتزويد ساكنة مخيمات تندوف بالأسلحة بدون مقابل بغية تكوين ما تُسميه ب"الجيش الصحراوي".