بعد جمع توقيعات من ساكنة بالقنيطرة، ومتضامنين مع مطلب عدم هدم كنيسة بالمدينة تمثّل "ذاكرة للمنطقة التي كان يقطنها الأوروبيون والأمريكان"، ومراسلة الجهات المعنية من قبيل وزارة الداخلية، والوقاية المدنية، ووزارة الثقافة والشّباب والرياضة، وجّهت جمعية "ثيمياتريون" مراسلة إلى مديرة مكتب "اليونسكو"، غولدا الخوري، لطلب تسجيل هذه الكنيسة ضمن لائحة التراث الوطني والعالَمي. وتأتي هذه الخطوة لوقف هدم هذه المعلمة التي يعود تاريخ بنائها إلى بداية القرن العشرين، ومحاولة استغلالها في كلّ ما هو ثقافي لتصير متحفا، أو مكتبة، أو ملحقة لدار الشّباب، ووقف محاولة بناء عمارة من ثلاثة طوابق في مكانها. وتقول الجمعية إنّ هذه المعلمة التي تقع في الحيّ الثالث من شاطئ المهدية، والتي تعود ملكيّتها للمهندس أندري ريبِس، كانت من أوائل البنايات في مدينة "بور ليوطي"، التي صارت تُدعى القنيطرة في وقت لاحق، وتصنيفُها كتراث لامادي مستعجَل، وسيُنقِذُها من الهدم، وسيُنقِذ بالتالي ذاكرة المدينة. كما تذكر جمعية "ثيمياتريون" في مراسلاتها للجهات المغربية المعنية أنّ هذه البناية المسمّاة "الكنيسة" أو "دار الرّهبان" جزءٌ لا يتجزّأ من هوية المنطقة، ويطبعها تصميم معماري وهندسي فريد من نوعه على المستوى الوطني، وبالتالي سيغيِّر هدمها، الذي وسمَتْهُ ب"الجريمة التاريخية"، ملامح المنطقة، التي تعدّ قبلة سياحية متميِّزة بإقليم القنيطرة، ومنطقة الغرب بشكل عام، خاصّة من السياح الإسبان والبرتغال. إسماعيل حاجي، رئيس جمعية "ثيمياتروين"، قال إنّ هذه البناية تمثِّلُ جزءا من ذاكرة المنطقة التي كان يقطنها الأوربيون والأمريكان في الماضي، شأنها شأن باقي البنايات التاريخية المسجلة في إطار التراث الوطني والعالمي، لأن المهدية "ملتقى للعديد من الحضارات والثقافات، ومن المجحف في حقّ ذاكرة المنطقة وتاريخها أن يتم إقبار معالمها العمرانية بجرة قلم". وذكر حاجي أنّ هناك زحفا إسمنتيّا حصد الأخضر واليابس بإقليم القنيطرة، ومسّ شاطئ المهدية أيضا بعد تحويل المنطقة السكنية المقابلة له إلى عمارات، بعدما كان يتميَّزُ ب"الفيلات"، وهو ما اعتبره "محاولة جذرية لتغيير ملامح المنطقة، باعتبار الشكل المعماري بشاطئ المهدية يميزها عن باقي الشواطئ الوطنية". ووضّح رئيس الجمعية أنّ المراسلات التي تعترض على هدم هذه المعلمة، وتنادي ب"تقييد هذه البناية التي تشبه الكنائس الأوروبية ضمن التراث الوطني والعالَمي"، تنطلق من مقتضيات القانون رقم 22.80، المتعلِّق ب"المحافظة على المباني التاريخية، والمناظر والكتابات المنقوشة والتحف الفنية والعاديات"، وهو القانون الذي يحدّد خصائص المباني التي يمكن أن تُقَيَّد وترتَّبَ في عداد الآثار، التي في المحافظَة عليها فائدة بالنسبة لفنون المغرب وتاريخه وحضارته، ومساطر القيام بذلك. وبيّن إسماعيل حاجي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنّ جمعية "ثيمياتروين" بصدد إعداد الملفّ التقني للبناية، بعد تواصلها مع قطاع الثقافة في وزارة الثقافة والشّباب والرياضة، وهو ما قادها إلى التّواصل مع أُسقُفية الرباط، لتعميق البحث حول طبيعة هذه البناية، التي تعود ملكيّتها لأندري ريبِس، المهندس الذي بنى "بور ليوطي"، أي بنايات القنيطرة الأولى، وأهمّها القنطرة التي سُمِّيَت المدينةُ تيَمُّنا بها.