بامتعاض شديد، استقبل النشطاء ومزاولو فن "الراب" بالمغرب تصريحات الناطق الرسمي باسم الحكومة، أمس الخميس، بشأن الرقابة التي يعتزم الفاعل التنفيذي ممارستها على "الرّاب السياسي"، الذي نشأ وترعرع في الشارع بعيدا عن الفن الرسمي، معتبرين أن هذه الخطوة بمثابة "تضييق" على اللون الموسيقي، الذي يتخذه الشباب وسيلة للتعبير عن الوعي السياسي والمجتمعي تجاه مجموعة من القضايا الآنية. وفي وقت لم ينفِ فيه المسؤول الحكومي صحة تجميد الأنشطة الفنية المتعلقة بفن "الراب"، أوضح بالمقابل أن "الفن وسيلة للتعبير والفرجة وليس لوسيلة أخرى"؛ الأمر الذي جرّ عليه انتقادات جمّة، في طليعتها كون هذه الموجة الموسيقية تعبّر عن السخط الجماهيري إزاء بعض القرارات ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ما ساهم في اجتياحها للمنطقة المغاربية في السنوات الأخيرة. وبعدما وصف الناطق الرسمي باسم الحكومة مغنّيي "الراب" الراديكاليين بأنهم "خارجون عن القانون" ولو بطريقة مُضمرة، عبر قوله: "أي تصرف خارج القانون يجب أن يقابله فعل المحاسبة"، بدعوى احترام الثوابت والمبادئ، ردّ النشطاء المغاربة بأن موسيقى "الراب" عبارة عن "فوضى جميلة" لا يمكن أن تتماهى أبدا مع السلطة، مُرجعين ذلك إلى "أصوله وجذوره ذات الطابع الراديكالي"، ومع ذلك يشددون على أنه "فن ملتزم، وإن كان راديكاليا". وفي جواب عن سؤال هسبريس بشأن التناقض الذي يعيشه المغاربة في آن واحد؛ بين الإيمان بحرية التعبير ورفض بعض المنتجات الفنية لدواعٍ دينية أو مجتمعية، مثلما وقع مع العديد من الأفلام السينمائية أو الأغاني الموسيقية، يقول موليم العروسي، الباحث في الجماليات، إن "المشكل يُطرح لأي شخص، بحيث قد يكون مع مبدأ حرية التعبير، لكن حينما يصل الأمر إلى مرحلة التسويق، فإنه يتحدث عن بعض الحدود المعينة". هذه الطينة من الأعمال الفنية تثير الكثير من الجدل حتى في أعرق ديمقراطيات العالم، بحسب العروسي، الذي يسوق المثال، في تصريح أدلى به لجريدة هسبريس الإلكترونية، ب "فنان تشكيلي ذي أصول عربية أراد أن يسلط الضوء على تناقض شعب معين، قد يُقدم على القيام بمجزرة في حالة الحرب أو بعض الحالات الإنسانية، ما جعله يعد شريط فيديو ذبح عبره حيواناً بشكل مباشر، الأمر الذي تسبّب في ضجة بفرنسا وأمريكا". ويضيف أستاذ الفلسفة الباحث في علم الجمال أن "الأمر وقع أيضا لبعض الأعمال السينمائية على غرار "الزين اللي فيك"، وما طرحته بخصوص مستوى الإبداع"، مبرزا أنه "حينما نصل إلى مرحلة التسويق تتباين آراء المغاربة حول المنتوج الفني، علما أنه قد نتفق جميعا على مبدأ حرية التعبير والإبداع في الأصل". ويرى العروسي أن "الراب فن سجالي احتجاجي يمكن أن يذهب إلى أبعد نقطة، من خلال الاحتجاج على أشخاص بأعينهم أو الاحتجاج على وضعية معينة"، ليُشير بذلك إلى "نموذج الكْلاَشَاتْ بين فناني الراب بالمغرب التي تصل إلى أبعد حدود"، خاتما بالقول: "الفن ليس للفرجة، بل حتى الأغاني الوطنية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي تحمل رسالة معينة، ومن ثمة لم يعد للمنع أي معنى في هذه الظرفية بالذات؛ لأن هذه المنتجات متوفرة على منصات "فيسبوك" و"يوتيوب"".