استعرض عدد من المبدعين المغاربة معالم التجربة الإبداعية السينمائية والتشكيلية والفوتوغرافية والمسرحية المغربية الممتدة على أزيد من نصف قرن، مبرزين أنها تميزت بالتعدد والتنوع والتفاعل الجمالي مع قضايا البلاد وتحولاتها الانعطافية، وذلك على هامش معرض تونس الدولي للكتاب. وأشاروا خلال ندوة "المغرب صور مرئية..سينما-تشكيل-فوتوغرافيا-مسرح" المنظمة في اطار فعاليات المعرض، الى أن الابداع السينمائي والتشكيلي والفوتوغرافي " راكم صورا عديدة للبلد والناس والأهواء والثقافة، صورا جمالية وفنية، باتت جزءا من هوية المغرب، ومقياسا لتعلق الآخرين به، تراوحت في مقاماتها التعبيرية والأسلوبية بين الواقعي والمتخيل، والحسي والمجرد، والمدهش والتغريبي، والمغرق في بساطته المخاتلة، بحيث تحول الموضوع الجغرافي والإنساني إلى مجرد مثير لكم هائل من المتنوعات الصورية المتراسلة هي اليوم ركن أساس من ذخيرة المغرب الرمزية". وفي هذا السياق توقف الباحث والناقد السينمائي خليل الدامون عند منجزات السينما المغربية خصوصا بعد تخصيص الدولة لدعم عمومي لتطوير الفن السابع ، ما مكن من الرفع من عدد الأفلام المنتجة سنويا حيث انتقلت من فيلمين إلى ثلاثة خلال السبعينيات ومن 5 إلى 6 نهاية الثمانيات إلى 20 فيلما طويلا و60 فيلما قصيرا حاليا ، إضافة إلى توالي حصول الافلام المغربية على العديد من الجوائز في مهرجانات دولية ، وكذا ترسيخ مواعيد سينمائية قارة تحتفي بالسينما الوطنية والعربية والإفريقية (مهرجان مراكش الدولي، مهرجان السينما الافريقية في خريبكة، سينما المؤلف في الرباط، مهرجان السينما الوطنية بطنجة ...). وفي المقابل اعتبر أنه رغم هذه الإنجازات السينمائية فإن المغرب "لم يؤسس بعد لصناعة سينمائية متكاملة"، مضيفا أن التوجه إلى هذا الأفق الطموح بدأت ملامحه تظهر بعد المناظرة الوطنية سنة 2012. وأبرز الدامون أن السينما المغربية ، من خلال تجارب عدد من المخرجين ، سعت جاهدة إلى رصد وتناول مواضيع والتفاعل مع قضايا وتحولات مجتمعية شهدها المغرب على امتداد تاريخه المعاصر، من قبيل مدونة الأسرة، وماضي انتهاكات حقوق الانسان. وخلص إلى أن المجال السينمائي الوطني ما يزال يعاني من إكراهات تعيق مسار تطوره ، مشيرا في هذا الصدد إلى تراجع القاعات السينمائية من 250 بداية الستينيات إلى 60 قاعة حاليا، علاوة على إشكاليات الإنتاج والتسويق، وسؤال الجودة والكيف. من جهة ثانية أبرز الناقد التشكيلي والروائي موليم لعروسي معالم حركة الفن التشكيلي المغربي المعاصر الذي ظهر من خلال اللوحات التجريدية للتشكيلي الجيلالي الغرباوي مرورا بالسبعينيات التي برز فيها مبدعون حاملون لمشروع مجتمعي في سياق تاريخي وسياسي معين، وصولا إلى جيل شبابي جديد يحمل أسئلة جديدة ويوظف تقنيات الوسائط الرقمية الحديثة. أما المسرحي والباحث حسن النفالي الرئيس السابق للائتلاف المغربي للثقافة والفنون، فاستعرض التجربة المسرحية المغربية منذ ظهور النوادي السينمائية ومسرح الهواة ، ونقط التشابه والتفاعل مع المسرح التونسي من خلال تجربة الدعم المسرحي الذي تعتبر تونس رائدة فيها منذ منتصف الثمانينات، مشيرا إلى أن هذا التلاقح بدأ منذ منتصف ال60 من خلال زيارة المسرحي التونسي علي بن عياد إلى المغرب وتقديمه لإحدى الروائع المسرحية، وتطور في سنوات 70 من خلال مساهمات الفنان الطيب الصديقي الذي ترك بصمة كبيرة على المسرح التونسي. وذكر النفالي أن التفاعل بين التجارب المسرحية التونسية والمغربية ما يزال متواصلا من خلال تبادل العروض، معتبرا أن المسرح المغربي "لم يدخل بعد الى مناهج التعليم ، ولم يتم توطين الفرق المسرحية في الفضاءات المسرحية بشكل قار". وتناول الفنان الفوتوغرافي المغربي جعفر عاقل صاحب المؤلفات والدراسات النظرية والنقدية حول فن الفوتوغرافيا الفترات والتقاطعات العديدة التي شهدها المجال الفوتوغرافي في المغرب منذ الثمانينات من القرن الماضي إلى حين ظهور المهرجانات والدراسات السينمائية والمجلات التي شكلت الانطلاقة الحقيقية لفن الفوتوغرافيا ، بحيث صار " موضوعا للتأمل ، مثيرا للنقاش خاصة مع تناوله لمشاكل اجتماعية وتناوله لقضايا راهنة كالهجرة والحدود وغيرها من القضايا التي تشغل الشباب".