افتتح المهرجان الدولي للسينما والذاكرة المشتركة بالناظور، مساء أمس الاثنين، دورته الثامنة التي اختارت "ذاكرة المستقبل" شعارا لها، للبحث في الكيفية التي يمكن للسينما أن تُعلي بها من "تجاربَ المصالحة وثقافةَ السِّلم". واختار مهرجان الذاكرة المشتركة بالناظور، في دورة 2019، عرض مجموعة من الأعمال السينمائية التي تقارِب فترة سنوات الرصاص في المغرب، في إطار مسابقة خاصة معنونة ب"المغرب.. السينما وقضايا الزّمن الراهن"، إلى جانب مسابقتَيه الرّسميّتين للأفلام الطويلة والقصيرة. وكرّم هذا المهرجان، الذي افتتح دورته الحالية على أنغام ورقصات "الرّكّادة"، كلا من المخرج المغربي أحمد بولان والمنتج عبد الرحيم هربال والكاتب والفاعل الأمازيغي محمد بودهان، الذي تعذّر عليه الحضور، والمصورة الصحافية زليخة أسبدون التي تعد أوّل مصوّرة صحافية مغربية. عبد السلام بوطيب، مدير المهرجان الدولي للسينما والذّاكرة المشتركة رئيس مركز الدّائرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسّلم، قال إنّ الاشتغال على الذّاكرة لا يجب أن يجعل المشتغلين بها تيّارا حقوقيا رِجعيّا يتشبّثُ بالماضي، ويحاول إعادة تكراره بدون استحضار سياقات الأحداث؛ بل يجب جعلُ الماضي بجميع إنجازاته، وأخطائه، وإيجابياته، وسلبياته، "الحطبَ النّبيل من أجل المستقبَل". وأضاف بوطيب، في سياق حديثه بالحفل الذي افتتحَ المهرجان، أنّ للفنون، وخصّ بالذّكر السّينما، ربًّا يحميها، وزاد: "للجمال الدّاخلي، والخارجي كذلك ربٌّ يحميه، ويضيئه أكثر"، ثم استرسل متسائلا: "وهل هناك من جمال أكثر من تشبُّثِنا بكرامتنا، وحقوقنا، وحرّيّاتنا، ومساهمتنا في بناء وطننا، خطوة خطوة، بنفس تصالحي، يستحضر المستقبل بقوّة، ولا يلتفت إلى الماضي إلا لأخذ بعض العبر والدّروس منه؛ لأنه الأهم بالنسبة للأبناء والأحفاد؟". كما استحضر المتحدّث حصوله على "جائزة ايميليو كاستيلار الدولية للدّفاع عن حقوق الإنسان والحريات" بإسبانيا، وتحدّث عن الحاجة إلى "معرفة كيفية المحافظة على المكتسبات الثقافية والحقوقية، وخلق فضاءات إضافية للتّعبير الحرّ الهادف إلى استعمال الذّكاء الجماعي، من أجل المساهمة في انتقال "بلدنا إلى البلد الذي نريده"؛ الذي هو وطن يتّسع للجميع وراء القيادة الرّشيدة للملك محمد السادس". وقال أحمد بولان، مخرج أفلام مثل "علي ربيعة والآخرون" و"ملائكة الشيطان"، في كلمة ألقاها بمناسبة تكريمه، إنّ هذا التكريم يدفعه إلى العمل أكثر، وتحدّث عن كتابته سيناريوهات أخرى بعد "عطالته" هذه السنة، وبعد "تجربته الرائعة" في كتابة كتاب بعد تجربة إخراج الفيلم الذي "لا يترك حريّة قول كلّ شيء لغلاء ثمنه". فيما قالت المصوِّرَة الصحافية المكرّمة زليخة أسبدون إنّها تتشرّف بأن تُكَرَّمَ في مدينتها، مضيفة أنّ لهذا التكريم وقعا خاصا، وشكرت جريدتها "الاتحاد الاشتراكي"، وكلّ الرجال الذين ساعدوها في مسارها، وخصّت بالذّكر "معلّمها الأوّل" الطاهر الجميعي، وأباها الراحل الذي ساعدها، ووثق بها، لتكون أولى بنات عائلتها اللائي خرجنَ من المنزل، وأتممن دراستهنّ. وفي حين تعذّر على الكاتب والمناضل الأمازيغي محمد بودهان الحضور، وناب عنه في تلقي درع التكريم جمال مسين، شدّد عبد الرحيم هربال، المنتج المدافع عن السينما الأمازيغية، في ختام كلمته، على حاجة مدينة النّاظور إلى قاعة سينمائية. تجدر الإشارة إلى أنّ المهرجان الدولي للسينما والذّاكرة المشتركة، الذي فتح أبوابه الاثنين تحت شعار "ذاكرة المستقبل"، ستستمرّ فعاليّاته إلى حدود يوم السبت المقبل، الموافق لليوم السّادس عشر من شهر نونبر الجاري.