التأمت نخبة من الفعاليات الحقوقية، في اللقاء التشاوري الأول، الذي نظمته جمعية "المرأة المناضلة"، بشراكة مع وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، الثلاثاء، بتطوان، للمشاركة في نقاش عمومي حول المادة ال49 من مدونة الأسرة، يرمي إلى معالجة الثغرات والإكراهات المرتبطة بها. وقالت ثريا البراج، رئيسة الهيئة المنظمة، في تصريح لهسبريس، إن "اللقاء يأتي تفاعلا مع الدينامية الوطنية التي تهدف إلى مراجعة وتعديل مدونة الأسرة، بما يتماشى مع المواثيق الدولية والتزامات الدولة المترتبة عنها"، مشيرة إلى أنه يندرج ضمن مشروع 'جميعا من أجل المزيد من الاعتبار لمجهودات النساء'، الذي تنجزه بشراكة مع المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان". وحول مرامي هذا اللقاء، أوضحت البراج أنه "يهدف إلى تجميع المقترحات والتوصيات، لتعديل المادة ال49 من مدونة الأسرة، من أجل تجاوز الإكراهات المرتبطة بها، والتي تعاني النساء ظلما وحيفا كبيرين بسببها"، وفق قولها، مضيفة أن "أغلبية النساء تضيع حقوقهن المالية ومجهوداتهن المعنوية، لغياب وسائل الإثبات أو لعدم تثمين مجهوداتهن داخل المنزل؛ فيجدن أنفسهن، في حالة الطلاق، بلا ملجأ ولا مورد مالي". وتابعت المتحدثة ذاتها قولها إن "القضاء يبقى مقيدا بنص هذه المادة، التي تتميز بعدم الوضوح وانعدام الإلزامية فيما يخص تقاسم الأموال المكتسبة بعد الزواج"، مشددة على ضرورة أن يحضر القانون بقوة من أجل إنصاف المرأة، في حالة وقوعها ضحية صراع أو خلاف زوجي. وفي السياق ذاته، اعتبر عبد الناصر القصري، ناشط حقوقي ومحام بهيئة تطوان، أن "هذه القضية يمكن مناقشتها من جوانب عديدة؛ قانونية، واقتصادية، واجتماعية، بل ونفسية كذلك"، حسب تعبيره. وأضاف الناشط الحقوقي أن الساحة السياسية والفكرية تشهد حاليا نقاشات فيما يخص تحرير المرأة ومساواتها داخل المجتمع؛ "وهو ما يعرف تناقضات على المستوى الفكري، يُسْتقى من المنابع الإيديولوجية لكل تنظير على حدة، وما يراه داخل المجتمع من صراعات"، يضيف الناشط الحقوقي. ودعا القصري إلى جعل "لقاء اليوم فرصة لجمع أفكار المشاركين ورصّها، من أجل الوصول إلى فكر وحدوي، للرفع من شأن المرأة داخل المجتمع، لما لها من دوري ريادي"، مراهنا على قدرة النخب المشاركة في تعبيد أرضية مثمرة، والخروج بنتائج إيجابية، على الرغم من تعدد مشاربهم الفكرية. من جانب آخر، اعتبر أحمد بوزيان، أستاذ جامعي وعضو المجلس العلمي بتطوان، أن ما يدعو إليه هذا اللقاء من نقاش "هو ربما بعد وتعدٍّ على الشريعة الإسلامية، ويزيد في التباعد بين الرجل والمرأة، كما يزيد من العنوسة والبعد عن الزواج" حسب قوله، مشيرا في حديثه لهسبريس إلى أن "التدخل في أمور الشريعة كلما زاد إلا وزادت معه السلبيات". وعرج عضو المجلس العلمي على نتائج بحث أنجزه مع مجموعة من طلابه، بين سنة 1995 و1997، حول معدل الطلاق بتطوان، للاستدلال على موقفه، موضحا أنه بعد دراسة دقيقة توصلوا إلى أن "نسبة الطلاق في سنة 1993 لم تتجاوز 14 في المائة، ثم تحركت المدونة ما بين 1993 و1995، لترتفع معها نسبة الطلاق إلى 25 في المائة، ووصلت في سنة 1997 إلى نسبة 29,65 في المائة، ولعلها في تزايد منذ ذلك الوقت"، يقول بوزيان، الذي أرجع سبب ذلك إلى تزايد مساحة الحرية التي أعطتها المدونة للمرأة.