أشعل قرار مجلس النواب الأمريكي بالاعتراف، للمرة الأولى، بتعرض الأرمن لتطهير عرقي من جانب الامبراطورية العثمانية قبل نحو قرن من الزمان، فتيل أزمة جديدة بين الولاياتالمتحدة وأنقرة. وأدانت تركيا قرار مجلس النواب، مشيرة إلى أنه يفتقد إلى السند التاريخي والقانوني"، وحذرت من أن هذا القرار قد يؤدي إلى "قطع للعلاقات بين البلدين". واستدعت وزارة الخارجية التركية، الأربعاء، السفير الأمريكي في تركيا، ديفيد ساترفيلد، لإبداء رفضها للقرار، متهمة واشنطن بأنها تسعى إلى "إعادة كتابة التاريخ". من جانبها، رحبت يريفان بهذا "التصويت التاريخي" لمجلس النواب الأمريكي، الذي فرض أيضا عقوبات على تركيا لهجومها الأخير في شمال شرق سوريا على الأكراد. وكتب رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، على حسابه على موقع "تويتر" أن "القرار 296 خطوة جريئة نحو خدمة الحقيقة والعدالة التاريخية، تريح الملايين من أحفاد الناجين من الإبادة الجماعية للأرمن". كما هنأ باشينان أعضاء الشتات الأرميني في الولاياتالمتحدة وممثلي هذه الأمة المنتشرين في كافة أنحاء العالم، الذين كان "نشاطهم الجماعي" ومثابرتهم بمثابة "القوة الدافعة والإلهام" ل"التصويت التاريخي". جدير بالذكر أن مجلس النواب الأمريكي أصدر القرار بشبه إجماع بعدما حصل على تأييد 405 نواب، مقابل رفض 11 فقط. وأوضحت رئيسة المجلس، الديمقراطية نانسي بيلوسي، أنه "في كثير من الأحيان تم إنكار الحقيقة" حول الجرائم البشعة. وقالت: "اليوم دعونا نذكر بوضوح الحقائق في هذا المجلس ليتم حفرها إلى الأبد في سجل الكونجرس: الهمجية التي ارتكبت بحق الشعب الأرميني كانت إبادة جماعية". ولطالما كانت الولاياتالمتحدة متحفظة فيما يتعلق بالاعتراف بالمذبحة التي ارتكبتها الإمبراطورية العثمانية ضد الأرمن بين أبريل 1915 و1918 خلال الحرب العالمية الأولى، لعدم الإضرار بعلاقتها مع تركيا الحليفة لواشنطن ضمن حلف شمال الأطلسي (ناتو). وأدان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان القرار، معلنا أن هذا الاجراء يشكك في التحالف بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي "الناتو" وقد يؤدي إلى إلغاء زيارته المقررة إلى واشنطن الشهر المقبل. وقال أردوغان في خطاب بأنقرة إن "اتخاذ الولاياتالمتحدة هذه الخطوات يجعلنا نشكك في تحالفنا". وأكد أن "قرار مجلس النواب الأمريكي ليس له قيمة ولا نعترف به"، معتبرا أنها "إهانة كبيرة ضد بلدنا. جمعيتنا الوطنية ستوجه الرد الضروري على هذا الاجراء". وشكك أردوغان في إمكانية الاجتماع مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب في 13 نوفمبر المقبل في واشنطن، كما هو مقرر في جدول أعمال القائدين. ويأتي قرار الاعتراف بالإبادة الجماعية وفرض العقوبات على تركيا بعد شهر من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن سحب قوات بلاده من البلد العربي، في قرار فتح الطريق أمام الهجوم التركي ضد المليشيات الكردية، التي كانت حليفة لواشنطن في مكافحة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وجاء ذلك الإعلان وقتها بعد محادثة هاتفية مع أردوغان الذي أخبر ترامب بنواياه في شن هجوم عسكري ضد الأكراد، الأمر الذي تسبب في توجيه انتقادات شديدة إلى الرئيس الأمريكي.