قال أحمد رضا الشامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إن "التحولات الحالية التي تشهدها المدن تستدعي الانتقال إلى نموذج المدينة المُستدامة، على أساس أن أي مدينة كيفما كانت يفترض أن تتوفر على مشروع مجتمعي يُبنى بمشاركة الساكنة المحلية، من خلال تحديد طبيعة الأنشطة الاقتصادية والثقافية التي تحتاج إليها المدينة أكثر، سواء تعلق الأمر بالمسارح أو ملاعب كرة القدم أو النقل العمومي أو النجاعة الطاقية، وغيرها من الجوانب". الشامي الذي كان يتحدث خلال ندوة عقدت بالدار البيضاء، صباح اليوم، بخصوص التحول صوب المدن المستدامة في القارة الإفريقية، أضاف أن "العودة إلى اليونان مع المنظر أفلاطون في كتاباته حول المدينة الفاضلة، وكذلك مع الصوفيين من خلال ما يسمى بأزهى المدن، تحيلنا إلى بعض المواصفات التي ينبغي أن تتوفر في نموذج المدينة اليوم، تتمثل أساسا في التمتع بالحريات الأساسية، وإشراك المواطنين في كل شيء، فضلا عن التمازج الاجتماعي". وأوضح رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن "المجلس قدم توصياته بخصوص المدينة المستدامة، التي يفترض أن توجد في جميع جوانب الحياة، لاسيما ما يتعلق بالنجاعة في تدبير المياه وعدم تبذيرها من لدن المواطن، إضافة إلى طريقة معالجة النفايات التي ينبغي ألاّ تُضر المواطنين". واعتبر المسؤول عينه، في تصريح أدلى به لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "القضية باتت تضطلع بأهمية كبرى في زمننا الراهن، بالنظر إلى أننا كنّا نولي الأهمية في وقت سابق لمخططات التعمير والنقل وغيرها، بينما يجب الآن الاهتمام كذلك بمعالجة المعطيات الشخصية للمواطن، بما يضمن ولوجه إلى مختلف الخدمات العمومية بالمدينة". "من شأن ذلك ضمان ولوج المواطن إلى بياناته الشخصية عبر الأنترنت فقط، وكذلك التعرف على مختلف مستجدات المدينة، إلى جانب التقليل من نسبة التلوث بواسطة رقمنة الخدمات"، يردف الشامي، الذي يرى أن "مشاركة المواطن في بناء هذا المشروع المجتمعي محورية، مع إيلاء الأهمية للتطورات التكنولوجية التي ستُمكن من تخطيط المعطيات الشخصية، بما يضمن الولوج السلس إليها من لدن المواطن، ومن ثمة تحقيق النجاعة المتوخاة". من جهتها، قالت هيلين لوغال، سفيرة فرنسا بالمغرب، إن "اللقاء، المنظم بشراكة بين المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والسفارة الفرنسية بالمملكة، يناقش تيمة محورية هي المدن المستدامة"، مبرزة أن "ساكنة المغرب بشكل عام، على غرار البلدان الإفريقية، أصبحت حضرية أكثر فأكثر؛ أي إنها صارت تنتقل للعيش في المدن". هذا المعطى، وفق لوغال، يستدعي "خلق مدن جديدة تضمن مختلف الخدمات الأساسية للمواطن، سواء تعلق الأمر بالتنقل أو السكن أو الولوج إلى الصحة والتعليم، ما يجعل من هذه التيمة الأساسية التي تفرض نفسها في النقاش العمومي موضوعا في اللقاء الذي يهدف إلى ابتداع حلول عملية وتشاركية بمساهمة مختلف القطاعات، وكذلك بمشاركة فرنسا وبقية الدول الإفريقية، ناهيك عن مساهمة القطاعين الخصوصي والعمومي". وبخصوص التجربة المغربية في مجال المدن المُستدامة، أشارت سفيرة باريس بالرباط إلى أن "المغرب يعتبر تجربة نموذجية بالقارة الإفريقية، بحيث يمتلك طموحات مهمة في هذا المجال، وهو ما تجلى في استضافته لقمة المناخ 22". وضربت لوغان أمثلة على ذلك ب"مشروع مدينة زناتة بالدار البيضاء، ومدينة ابن جرير التي شهدت تشييد مجموعة من المركبات الاجتماعية والمؤسسات الجامعية والمشاريع الطموحة".