على بعد 30 كيلومترا شرق مدينة سطات عبر الطريق الجهوية رقم 308، تقع الجماعة الترابية كيسر أو قيصر أو جيسر أو إيجسر، وهي التسميات التي كانت تغير من قبل ساكنة المنطقة، حيث أخذت اسما عربيا، ثم تغيّر إلى اسم أمازيغي عند تغيّر ساكنتها من العرب إلى الأمازيغ. وتقع قيصر بقبيلة أولاد سيدي بنداود نسبة إلى جدهم سيدي محمد بن داود، المنسوب إلى الأدارسة، وهناك من المؤرخين من ينسبه إلى أولاد بوزيري الصنهاجيين. وقد توفي في حدود 935 ه، الموافق ل1528م، ودفن بتادلة قرب «غرم العلم». وتقول الروايات المحلية إن سيدي بنداود قدم من الساقية الحمراء. في الطريق إلى المركز تصادفك أراضي تربتها خصبة يعتمدها الفلاحون في زرع البذور، فضلا عن الخضر والمتوجات الموسمية، خصوصا الجزر والنعناع. على جوانب رصيف المركز شباب وأطفال يعرضون رزما من النعناع للبيع، وأدخنة محلات الشواء تتصاعد في الهواء، وسوق أسبوعي لا يزال يخضع للإصلاحات. وعند التوغّل داخل المركز التقينا عددا من الشباب، عبّروا عن متمنياتهم بالإسراع في الأشغال على مستوى المشاريع التنموية المفتوحة، والرفع من مستوى الخدمات الصحية. كما طالبوا بإخراج مشروع المستوصف الصحي إلى حيّز الوجود، وحل مشكل انقطاعات الماء. معالم تاريخية وسياحة روحية أثير اسم المنطقة خلال لقاء تواصلي حول "مؤهلات السياحة في الشاوية" في وقت سابق، على لحسن حداد، الذي كان وزيرا للسياحة ، بالنظر إلى تاريخ المنطقة ومؤهلاتها الطبيعية والتاريخية والأثرية، بالإضافة إلى أن وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد توفيق زار المنطقة ووضع الحجر الأساس سنة 2007، رفقة والي جهة الشاوية ورديغة سابقا، من أجل بناء مركّب ديني يضمّ مسجدا ومكتبة ومركزا للبحث حول مخطوطات وكتب شخصية هذا العلامة، وقاعة للمحاضرات وقاعات للتدريس، ومدرسة للتعليم العتيق، تتوفر على مرافق لإيواء الطلبة والمدرسين، إضافة إلى مركّب لفنون الفروسية التقليدية، ومجمّع سكني يتكون من 2000 وحدة، وهو المشروع الذي لم ير النور بعد منذ وضع حجره الأساس سنة 2007. علاقة ابن عربي بقيصر هو محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن عبد الله الحاتمي الطائي، الملقّب بمحيي الدين، والمكنّى بأبي عبد الله وأبي بكر، والمعروف كذلك بالحاتمي أو بالطائي. وقد اشتهر ابن عربي في الأندلس ب"ابن سراقة"، ودعاه آخرون ب"سلطان العارفين"، وغير ذلك من التشريفات، وهو من مواليد 17 رمضان سنة 560 هجرية، الموافق ل 26 يوليوز 1165 ميلادية، بمدينة مورسيّة شرق الأندلس، وزار المغرب وتونس مرّات عدة، وحصل في مدينة فاس على " مقام الأنوار". وكان المتصوّف ابن عربي قد شرّف منطقة كيسر عندما زار المغرب لآخر مرة سنة 597 هجرية، حيث ارتقى بكيسر إلى أعلى مقام في التصوف، ألا وهو مقام القربة، واصفا إياها (أي كيسر) "بالمنازل المعتبرة"، في موسوعته المشهورة "الفتوحات المكية". وقد مكث فيها عدة أيام حتى حصل فيها على أكبر لقب، هو لقب "مقام القربة" في التصوف، ثم رحل إلى المشرق سنة 598 للهجرة الموافق ل1201 ميلادية. للمجلس الجماعي رأي وفي تصريح لهسبريس، أوضح محمد ياسين الداودي، رئيس المجلس الجماعي لكيسر، أنه ركّز على البنية التحتية والمشاريع التنموية المدرة للدخل بفضل تثمين الوعاء العقاري وفق مساطر صافية، منها ما اكتمل، ومنها ما هو في طور الإنجاز، مشيرا إلى أن الجماعة خطت على مستوى تطهير السائل ومعالجة المياه العادمة خطوات كبيرة، حيث حققت نسبة 90 في المائة على مستوى الربط بشبكة تطهير السائل، سواء بالمركز أو الدواوير المجاورة، بعد تجديدها وتقويتها في إطار اتفاقيات شراكة بين الجماعة وباقي المصالح المختصة. وحول الماء الصالح للشرب أفاد الداودي أن المركز كان يعرف انقطاعات متكررة، بسبب الاستغلال المفرط للمياه الجوفية من طرف بعض المزارعين، مشيرا إلى أن المجلس ينتظر الربط بالشبكة الوطنية للماء الصالح للشرب، التي من المفترض أن تربط مركز كيسر بسد الدورات، وهو المشروع المتداول منذ أكثر من 10 سنوات. وتساءل باستغراب عن سبب عدم إخراج المشروع إلى الوجود، مضيفا أن المجلس قام، كحلّ مؤقت، بإبرام اتفاقية شراكة وملحق إضافي لربط 12 تجمعا سكنيا تضم 1300 أسرة بالماء الصالح للشرب والأشغال مشرفة على الانتهاء. وأشار الداودي إلى اللوم الحادّ الذي توجّهه الساكنة إلى المجلس الجماعي بخصوص قطاع الصحة بسبب تردي أوضاع القطاع بالمنطقة، رغم أن ذلك ليس من اختصاص الجماعات الترابية، موضّحا أن المجلس قام بدوره في تبليغ معاناة الساكنة إلى الوزارة الوصية على القطاع منذ سنة 2010، وتم بناء سكن وظيفي من ثلاثة طوابق منذ أربع سنوات، مع مساهمة الجماعة بسدّ الفراغ على مستوى خدمات نقل المرضى بواسطة ثلاث سيارات إسعاف. وأشار ممثل جماعة كيسر إلى أن وزارة الصحة استجابت لجماعة كيسر وتمّ تخصيص 3 ملايين درهم لإعادة بناء المركز الصحي، إلا أن بعض مشاكل التنفيذ حالت دون ذلك كالتعرض على الوعاء العقاري، حيث قامت الجماعة باستبدال الموقع وتوفير وعاء عقاري آخر. وسجل عدم التزام وزارة الصحة بوعودها إلا بعد تدخل عامل سطات مشكورا، وتخصيص موارد من صندوق التنمية القروية رغم العقبات التي تعترض إخراج المشروع الصحي من قبل من نعتهم ب"مسامر الميدة". وتأسف لسحب وزارة الصحة المبلغ المالي المرصود من طرفها في وقت سابق. واعتبر الداودي أن مشروع بناء السوق الأسبوعي بمواصفات عالية في احترام تام للبيئة، يجمع بين تأهيل البنية التحتية إلى جانب الطرقات الجهوية، منها 308، والإقليمية المتمثلة في 3629 و3618، والمسالك الحيوية، منها ما هو في طور الإنجاز، ومنها ما هو مبرمج، رغم تعرّضات بعض الساكنة لفك العزلة وإنعاش اقتصاد المنطقة. وأضاف أن المجلس ينتظر مساعدات مجلس جهة الدارالبيضاءسطات، لكون جماعة كيسر لم تستفد ولو مترا واحدا، فضلا عن إنشاء المشاريع المدرة للدخل. وبخصوص الرياضة والشباب قال الداودي إن الجماعة تتوفر على ملعب سوسيو رياضي للقرب من فئة "باء"، يلبّي رغبات شريحة واسعة من الشباب وهواة الرياضة من مختلف الفئات العمرية، وقد أنجز بشراكة بين المجلس الجماعي ووزارة الشباب والرياضة، مشيرا إلى وجود مشروع إنجاز ملعب سوسيو رياضي ثان قيد التنفيذ بدوار البصارة، بعد اكتمال جميع الدراسات، في انتظار إعلان الصفقة العمومية من قبل المصالح الإقليمية لوزارة الشباب والرياضة. واعتبر ممثل جماعة كيسر أن تلك المجهودات التي يسعى إلى الرفع منها غير كافية للشباب ولجمعيات المجتمع المدني، مشيرا إلى استفادة 100 شاب من جماعة كيسر من المخيمات الصيفية في أول تجربة إقليمية. وأعلن أن جماعة كيسر أصبحت عضوا بالشبكة العالمية بمدن التعلم التابعة ل"اليونسكو"، إلى جانب مدينة شفشاون، منذ شهر شتنبر على هامش المؤتمر الرابع للشبكة المذكورة بمدينة ميديلن بكولومبيا.