الساعة تشير إلى الخامسة والنصف صباحا، فجأة يسمع الصراخ. اعتقد صاحب منزل بمنطقة طماريس في الدارالبيضاء أن الأمر يتعلق بعصابة مختصة في السرقة، لكن الأمر لم يكن كذلك..عناصر المكتب المركزي للأبحاث القضائية تبحث عن مشتبه فيهم ينتمون إلى خلية متطرفة. فيلا تتحول إلى وكر "إرهابيين" كان صاحب الفيلا مصدوما، وهو الذي يعاني من تبعات داء السكري. لم يخطر على باله أن يتحول منزله الذي يعده للكراء إلى مقر لمشتبه فيهم ينتمون إلى تنظيم إرهابي له أهداف تخريبية تمس المملكة واستقرارها. "كنت نائما رفقة أسرتي، فإذا بي أسمع طرقا قويا ومحاولات لتكسير الباب، اعتقدت وزوجتي أن الأمر يتعلق بمحاولة سرقة، قبل أن يتبين لي أنها عناصر أمنية تقتحم المكان"، يقول صاحب الفيلا التي اعتقل فيها شخصان صباح الجمعة بمنطقة طماريس، ثم يضيف: "تم تكسير الباب والزجاج، وسمعت صوتا شبيها بإطلاق الرصاص، ليتم اعتقال الشخصين". ويؤكد صاحب الفيلا أنه لم يكن على علم بهوية الشخصين ولا انتماءاتهما، موردا: "جا عندي السيد، بغا يكري، قدم لي بطاقة التعريف الوطنية وسلمني ثمن الكراء، منذ أقل من أسبوع. كان يلج المنزل لوحده على دراجته النارية"، ثم يردف: "كنت أراقب المكان باستمرار، ولَم ألحظ معه شخصا آخر". وأوضح المتحدث ذاته: "الشاب الذي يوجد في الثلاثينات من عمره قدم إلي الأسبوع الماضي، وأخبرني بأنه يرغب في الكراء، بعدما أكد أن شقيقه سبق له الكراء لدي، ولهذا قمت باستلام المبلغ المالي منه". وأردف المتحدث نفسه، الذي لازالت علامات الصدمة بادية علي محياه، بأن حارسا أخبره بأن "سيارة قدمت في الساعة الثالثة صباحا، أدخل من كان على متنها شيئا ما إلى المنزل ثم غادر المكان". صدمة الأسرة والجيران غير بعيد عن المكان الذي اعتقل فيه الشخصان من داخل الفيلا، استفاق سكان كاريان دوار بنعبيد على وقع صفير سيارات الأمن وتطويق المكان من طرف عناصر المكتب المركزي، بحضور عبد اللطيف الحموشي، المدير العام لمديرية مراقبة التراب الوطني. العناصر الأمنية تقتحم "براكة"، لاعتقال شاب يسمى "عبد الله"، يشتغل حدادا رفقة والده في ورشة حدادة يمتلكها في الكاريان المذكور. تفاجأت الأسرة والجيران وأصدقاء الموقوف، وذهل الجميع.. لم يتصوروا يوما أن يتم توقيف شاب من بينهم على ذمة التحقيق في قضايا الإرهاب. وحسب بعض الشبان الذين تحدثت إليهم جريدة هسبريس الإلكترونية فإن الموقوف "ليس معروفا عنه ميول كهذا"، مضيفين: "دائما يجلس رفقتنا ونراه بشكل يومي بعد انتهائه من العمل رفقة والده في المساء"، ثم زادوا: "لم نسمع يوما عنه أمرا سيئا، لذلك صدمنا بعد سماعنا الخبر". والد الشاب الموقوف لازال مصدوما، ولم يقو على الحديث، لكنه أكد أن ابنه لم يتم العثور بحوزته على شيء داخل المنزل خلال تفتيشه من طرف "الكومندو الأمني" الذي حل بالمكان. وأضاف المتحدث نفسه: "أخبروني بأنه سيتم إطلاق سراحه لأنه ليس معنيا بذلك، هادشي لي عطا الله". صيد ثمين وجرى خلال هذه العملية، الأمنية، التي قادها عبد اللطيف الحموشي، المدير العام لمديرية مراقبة التراب الوطني، حجز مجموعة من الأسلحة النارية، عبارة عن بندقيتين للصيد و3 مسدسات أوتوماتيكية؛ منها اثنان مشحونان بعيارات نارية، كان المشتبه فيهم ينوون استعمالها لتنفيذ هجمات خطيرة بالمملكة. كما عرفت هذه العملية التي شاركت فيها تعزيزات أمنية كبيرة، وعناصر بالزي المدني، حجز 7 علب للذخيرة تتكون من 60 خرطوشة للصيد، بالإضافة إلى 38 رصاصة نارية من عيار 9 ملم وحزامين لحمل الذخيرة، و9 أسلحة بيضاء من أحجام كبيرة. وبدت حمولات الفكر الإرهابي حاضرة خلال عملية التوقيف، إذ تم حجز علمين يرمزان إلى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، إلى جانب مطبوع يعلن فيه أعضاء الخلية بيعتهم للخليفة المزعوم أبو بكر البغدادي، ويؤكدون فيه استعدادهم للقيام بهجمات إرهابية انتقاما للانتحاريين وأعضاء التنظيم المعتقلين بالسجون. هذا وهمت العملية مدينة وزان، التي جرى فيها أيضا، حسب بلاغ لوزارة الداخلية، حجز سكاكين كبيرة ومديتين وأحذية وبذل خاصة بالمرتفعات الجبلية ومجموعة خيم، وحبال معدة للتسلق، وحقائب نوم وبوصلتين وأجهزة اتصال لاسلكي ومصابيح كهربائية وشاحن بالطاقة الشمسية ومناظير وصدريتين خاصتين بالصيد. وحسب الوزارة فإن المعلومات المتوفرة تفيد بأن "أفراد هذه الخلية كانوا بصدد التحضير للقيام، في أقرب الآجال، بسلسلة من العمليات الإرهابية بتنسيق مع عناصر أجنبية، كانت تستهدف ضرب بنيات تحتية حساسة ومواقع حيوية".