بإقليم أزيلال، حيث توجد فرشة مائية مهمة، تعيش قرى لا تبعد كثيرًا عن السدود وعن منابع المياه بالجبل محنة في الحصول على الماء الكافي للشرب؛ فالعشرات من النقط، حيث تتزاحم النسوة والأطفال لملء عبوات بلاستيكية من بعض الآبار أو من صهاريج متحركة، تُقدم مشاهد مُفجعة، تشهد على أن شربة ماء بأزيلال الغنية بثرواتها المائية تحولت إلى رحلة عذاب من سفر يومي في متاهات زمن المتناقضات. بدوار تفانت بجماعة آيت امحمد، وبدوار تنكارف بجماعة بوتفردة، وبأدار نيغيل، واسكر، وننوتفي، وتداوت، وافرض نشنون، وتابرعيت، بويردن بجماعة تاكلفت وبعشرات الدواوير الجبلية الأخرى، حيث تختلف المواقع وتتماهى المحنة، أضحى الماء عنوان رحلة سيزيفية أبطالها نسوة وأطفال، البعض منهم يقطع أميالا طويلة لبلوغ نقطة التوزيع، والبعض الآخر يتجرع مرارة الازدحام اليومي على صبيب مائي كثيرا ما يكون سبب توتر إضافي. يقول ميمون ما اعاطى الله، القاطن بجماعة تاكلفت، إن ساكنة الدواوير المذكورة تعترضها صعوبات في الحصول على هذه المادة الحيوية؛ فالعشرات من الأسر تقطع مسافات طويلة من أجل الوصول عند نقطة توزيع مياه الشرب عبر شاحنة صهريجية، ما يترتب عنه إكراهات إضافية غالبا ما تكون المرأة القروية والفتاة ضحيتها. وأضاف المتحدث ذاته، الذي صادفته هسبريس بمكان وجود شاحنة توزيع مياه الشرب، أن دواوير تاكلفت تعرف خصاصا على مستويات عديدة، وأن جهود الجماعة الترابية التي تبقى محدودة بحكم مواردها الضعيفة لم تستطع تلبية حاجيات الساكنة من هذه المادة الحيوية التي باتت تؤرق عشرات العائلات، خاصة منها تلك التي تقطع مسافات من أجل الحصول على كمية لا تفي بالغرض في غالب الأحيان. ووصف ميمون، القاطن بتراب الجماعة، الوضع ببعض دواوير جماعة تاكلفت بالمقلق بفعل غياب الماء الصالح للشرب نتيجة نضوب الآبار التي كانت مصدر هذه المادة الحيوية؛ وهو ما يزيد حسبه من صعوبة الحياة بهذه المناطق الجبلية، ويدعو الى الإسراع لإيجاد حل لمشكلة الماء الصالح للشرب لحمايتهم من شبح العطش؛ فضلا عن ضرورة العمل على ضمان وصول هذه المادة الحيوية إلى السكان بوتيرة يومية ودائمة. وطالبت امرأة أربعينية، فضّلت عدم ذكر اسمها، كانت تحمل طفلة تعاني من إعاقة على مستوى رجلها، الجهات المسؤولة بالإسراع بحل مشكل الماء، وقالت إن العديد من النسوة ممن يقمن بمهمة جلب الماء يعانين الأمرّين من أجل بلوغ مكان توزيع الماء ونقله على الدواب؛ وهو ما يستدعي وقف هذه المحنة التي تقول إنها انضافت إلى إكراهات أخرى كانت لزمن طويل سببا في عزلة بعض دواوير الجماعة، لولا تدخل الرئيس الحالي للجماعة الترابية. وأوضح محمد أقبيش، رئيس جماعة تاكلفت الترابي، أن مجلسه الجماعي يعي بقوة حجم هذه الإكراهات، وأنه قام بمبادرات عديدة، بتنسيق مع محمد عطفاوي عامل الإقليم والمجلس الإقليمي لأزيلال، من أجل توفير الماء الشروب للساكنة؛ لكن تضاريس المنطقة كانت أقوى من إرادة البشر، ما اقتضى- يقول الرئيس- اعتماد هذا الحل الظرفي، الذي يروم توزيع الماء على المواطنين بشكل دوري، من خلال استعمال صهاريج متنقّلة، بعدما أنفقت أموال مكلّفة في التنقيب عن الماء ببعض المناطق الذي يبدو أنها جفت بسبب قلة التساقطات المطرية. وقال المسؤول ذاته إن جهود المجلس الجماعي والسلطات الإقليمية تكللت مؤخرا بالنجاح، حيث بات مؤكدا أن كل هذه الدواوير المذكورة ستستفيد من الماء الشروب في إطار صفقة تم تفويتها لإحدى المقاولات بتاريخ 8/10/2019 من لدن المجلس الإقليمي، (برنامج 2018)، بمبلغ 364 مليون سنتيم تقريبا علما أن دواوير أخرى، مثل تمتكارف بآيت إسماعيل وتنوتفي بآيت بولمان وإغرم نواسيف بايت تمجوط، كان قد سبق لها أن استفادت في مرحلة أولى من التزويد بالماء الشروب، ما يفيد بأن جميع دواوير الجماعة ستستفيد بالماء الشروب في القريب العاجل.