وجه نقباء سابقون انتقادات لاذعة إلى مشروع قانون الميزانية الذي جاءت به حكومة سعد الدين العثماني، خصوصا ما تعلق بالأحكام القضائية الصادرة في حق الدولة، والتي وردت في المادة رقم 9 ضمن مشروع القانون، إذ نصت على أنه "لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تخضع أموال وممتلكات الدولة للحجز". وعبر رؤساء سابقون لجمعية هيئات المحامين بالمغرب عن رفضهم التلاعب بأحكام القضاء ضد الدولة، إذ اعتبروا أن المادة المذكورة "ستغتصب مصداقية القضاء ومصداقية أحكامه ضد الدولة، وستقوض أحد المقومات الأساسية لدولة القانون، وفي النهاية ستقتل ما بقي من ثقة للمواطنين وللمتقاضين وللمحامين في القرارات والأحكام الصادرة عن القضاء من مختلف درجاته". والأخطر في هذه المادة، حسب رسالة المحامين، أنها "منحت الدولة والإدارة المحكوم عليها والمحاسبين التابعين لها سلطة فوق سلطة القضاء، وقوة فوق قوة قراراته، وأعطت الإدارة حق التصرف في تنفيذ الأحكام حسب نزواتها وميولاتها وصلاحياتها التحكمية، سواء لتنفيذ الحكم أو تأجيل التنفيذ لسنوات دون تحديد ولا آجال". ولفت النقباء إلى كون حكومة العثماني من خلال هذه المادة "أبانت عن موقفها التحكمي في النهاية ضد المرفق القضائي أولا، وقررت فتح النار ضد قرارات المحاكم الإدارية الشجاعة التي أطلقت اجتهاداتها بجرأة قضائية مثالية، وأصبحت تصدر أحكامًا بالحجز على أموال الإدارة بين يدي المحاسبين، ولتقول للإدارة ولأعوانها أنتم والمتقاضون سواء أمام القانون، وإن القضاء الإداري يمنع التعامل بالتمييز مع أطراف الدعوى، فضلا عن أنه لم يوجد أصلا كما تعلم الدولة والحكومة سوى للتصدي للقرارات الجائرة وللشطط وللتعسف الإداري". وقال الرؤساء السابقون لجمعية هيئات المحامين بالمغرب: "نشهد فضيحة سياسية وقانونية ومسطرية ليست بعدها فضيحة.. إننا نقف على عتبة الضربة القاضية ضد سيادة واستقلال القضاء وعلى بداية الانهيار القضائي بسبب توجه الحكومة الجديدة المنافي لمصالح المتقاضين"، موجهين نداءهم إلى المحامين من أجل "عدم السكوت أمامها لأن تنفيذ الأحكام ضد الدولة ليس منحة، بل هو واجب مفروض عليها، وعلى كل محكوم عليه، على السواء كما حددته قواعد المسطرة المدنية وكما فرضته المادة 126 من دستور المغرب". ودعا هؤلاء البرلمانيات البرلمانيين إلى "رفض المقتضى الذي جاء به مشروع قانون المالية الجديد في المادة التاسعة، كما رفضوا المصادقة على المادة الثامنة في مشروع السنة الماضية"، مضيفين: "نطالب الحكومة بسحب المادة القاتلة، ووزارة العدل بالدفاع عن الأحكام وعن تنفيذها دون عرقلة من الدولة ولا ومن غيرها. كما نطالب السلطة القضائية بأن تدافع عن أحكامها لأنها هي المسؤولة عن تنفيذها وعن فرض احترام القرارات النهائية". واعتبر النقباء أن "كل محاولة لمسخ قيمة الأحكام هي خروج عن المشروعية ومبعث للقلق والغضب والفوضى التشريعية والخضوع للوبيات المقاومة التي تصر على معارضتها سيادة الأحكام ومصداقية القضاء وانتهاك حقوق المتقاضين". وتنص المادة التي أثارت الجدل على أنه "يتعين على الدائنين الحاملين لسندات أو أحكام قضائية تنفيذية نهائية ضد الدولة ألا يطالبوا بالأداء إلا أمام مصالح الآمر بالصرف للإدارة العمومية"، أي دون اللجوء إلى القضاء.