على وقعِ الاحْتفاء بالفرس، أسدل السّتار على الدورة الثانية عشرة لمعرض الفرس للجديدة، الذي استطاعَ جذب ما يزيد عن 200 ألف زائرٍ من مختلف مناطق المملكة، ضارباً موعداً متجدّداً مع عوالم الفرس المغربي والعربي الأصيل، بمشاركة 30 عارضاً يمثّلون 35 دولة. عروض بديعة اسْتمتع جمهور معرض الفرس بعروض للفروسية التي قدمت أقوى اللوحات الإبداعية التي تتمحور حول الفرس، حيث عرفت الدورة الثانية عشرة للمعرض مشاركة أسماء عالمية لامعة ومشهورة في مجال الفروسية الترفيهية، قدموا فقرات ذات جودة عالية. وشارك في العروض الحرس الملكي البريطاني، إذ ينتمي حراس الخيول الذين يمثلون أفواج الفرسان في البيت البريطاني الملكي إلى اثنين من أقدم أفواج الجيش البريطاني؛ وهما بلوز وربالز. كما شارك من إيطاليا جانلوكا و"حراس الحياة" ومجموعة "سياندا". وشاركت فرنسا في هذه العروض من خلال الحرس الجمهوري الفرنسي، الذي يعد آخر وحدة مركبة في الجيش الفرنسي، يتكون فوج الفرسان المرموقين من ثلاثة مجموعات السير، ومجموعة غير مصنفة، ومركز للتأهيل، إلى جانب الفنان غيوم أسير بيكار. ومن الجارة الشمالية للمملكة، شاركت الشرطة الإسبانية، التي تبنت الحصان بسبب قدرته على لعب العديد من العقبات الطبيعية والاصطناعية، فضلاً عن قدرته البدنية التي تسمح له بالتحرك بسرعة، كل ذلك في احترام للطبيعة. الأمن الوطني والحرس الملكي ومثّل المغرب في هذه العروض المديرية العامة للأمن الوطني، إذ تقوم مدرسة الخيالة التابعة للمديرية بتدريب الفرسان رفيعي المستوى بهدف المشاركة في المعارض الوطنية والدولية. كما شاركت مدرسة فنون الفروسية بمراكش، التي تأسست سنة 2011. وقدمت خيول الدرك الملكي والمديرية العامة للأمن الوطني لوحات بديعة تفاعل معها الجمهور بحماس كبير، خاصة أن الاستعراض رافقه أداء أغان وطنية مثل أغنية "المسيرة الخضراء"، التي ألهبت حماس المشاهدين. وخلال هذا الاستعراض الأمني، قدم أفضل الفرسان، التابعين لفرقة خيّالة الأمن الوطني، عرضا فرديا؛ ضمنهم شرطي سبق له أن توج بجائزة بطل المغرب في ترويض الخيول. معرض للسيارات القديمة كما جدّد زوار الدورة الثانية عشرة لمعرض الفرس اللقاء مع مجموعة من السيارات العتيقة التي شاركت في عرض شد انتباه زوار مركز المعارض محمد السادس؛ وهو ما دفع عشاق الخيول والتبوريدة إلى الالتفاف حول العربات التي يعود تاريخ صنعها إلى عقود منصرمة من أجل التقاط صور تذكارية معها. وتروم المبادرة، التي أقامتها جمعية معرض الفرس للجديدة بشراكة مع عدد من الأندية والجمعيات المتخصصة في السيارات العتيقة، إلى تذكير الكبار بالزمن الذي عاشوه إلى جانب صنف من السيارات، وإرجاعهم إلى ذكريات الزمن الجميل، وتنمية الذوق لدى الناشئة وتربية الحس الجمالي لديهم. فن التبوريدة.. تألق دائم وضمن فعاليات المعرض، توجت سربة المقدم البشير ماهر، من جهة الدارالبيضاءسطات، بالجائزة الكبرى للملك محمد السادس لفنون الفروسية التقليدية (التبوريدة) والتي نظمت للسنة الرابعة على التوالي في إطار فعاليات الدورة الثانية عشرة لمعرض الفرس للجديدة. وجاء تتويج سربة المقدم البشير (عمالة سطات) بعد حصولها على مجموع 429.10 نقط بعد خمسة أيام من التباري، متبوعة بسربة المقدم بوشعيب صبار من جهة سوس ماسة (عمالة أكادير) برصيد 423.03 نقط، فيما احتلت سربة المقدم عبد الجليل بوعبادي من جهة بني ملالخنيفرة (عمالة الفقيه بن صالح) الرتبة الثالثة برصيد 422.05 نقطة. وتتنافس السربات المشاركة على هذه الجائزة، التي تبلغ فيها المنحة المخصصة للسربة المتوجة باللقب 500 ألف درهم؛ فيما تحصل السربة الثانية على 300 ألف درهم، والثالثة على 200 ألف درهم، كما تنال باقي السربات منحا مالية تختلف حسب المراكز. ويستقطب الفضاء المخصص للتبوريدة عددا غفيرا من الجمهور، الذي يحجّ لمتابعة المنافسات والاستمتاع بأجواء التراث المغربي الأصيل الذي يعكس الهوية المغربية المتعددة. وفي ختام التظاهرة، أشرف الشريف مولاي عبد الله العلوي، رئيس جمعية معرض الفرس للجديدة، على تسليم الجائزة الكبرى للملك محمد السادس لفنون الفروسية التقليدية لمقدم السربة الفائزة وجوائز للسربتين المحتلتين للرتبتين الثانية والثالثة. وقال ماهر البشير، مقدم سربة جهة الدارالبيضاء-سطات، إن التتويج بهذه الجائزة الكبرى لم يكن سهلاً باعتبار المنافسة كانت قوية بين السربات الاثنتي عشرة. دعم المنتوجات الجهوية كما شكّل فضاء الجهات المقام بمناسبة فعاليات الدورة الثانية عشرة لمعرض الفرس للجديدة مرآة تعكس الأصالة المغربية المتجذرة في التاريخ. وبمجرّد ولوج الفضاء يجتذب الزوار مجموعة من المعروضات، تتمثل في مقتنيات قديمة تعكس حقب مختلفة من حضور الفرس في الثقافة المغربية، والفرسان وعدتهم العتيقة، وكلها نتاج أبدعته أيادي الصانع التقليدي. وتساهم هذه المعروضات، حسب المنظمين، في الاقتصاد الوطني؛ من خلال ترويج المواد الأولية التي تستعمل في إنجازها وتشغيل فئة كبيرة من اليد العاملة المحلية. الفن التشكيلي يداعبُ الفرس ككل سنة، يشاركُ عشرات الفنانين التّشكيلين في معرض الفرس بالجديدة. داخل فضاء الفن والثّقافة، يحضرُ الحصان بجبروتهِ وإثارتهِ وشهواتهِ التي تفيضُ بالألوان؛ فقد كان في كل الأزمنة مرتبطاً بالفن والثقافة. ولذلك، فإن هذا الفضاء يمكن الزوار من السفر في رحلة لاكتشافِ عالم يجمع الإبداعات في علاقتها مع عالم الفروسية. ويشملُ البرنامج الخاص بهذا الفضاء: لوحات، منحوتات، وتحفا من كل الأنواع، تثمن الفرس في كل أشكاله. ويؤكّد الفنان التشكيلي رشيد بنعبد الله أنّ "أسبوع الفرس هو أسبوع الفرح والتلاقي مع الفنانين المغاربة وأسبوع إلهام"، مضيفاً: "نعيش أسبوعاً متميزاً، نقترب من الخيلِ، كما نستلهم من العروض المقدمة".