أثار لجوء بعض المحامين إلى استغلال وسائل التواصل الحديثة والمواقع الإلكترونية لتقديم استشارات قانونية حول مختلف القضايا لعموم المواطنين غضب هيئة المحامين بالرباط، ما دفع بنقيب الهيئة محمد بركو إلى توجيه منشور صِيغ بلهجة شديدة إلى المحامين والمحاميات بالهيئة. منشور نقيب هيئة المحامين بالرباط تضمن نقدا حادا للمحامين الذين يقدمون استشارات قانونية موجهة إلى عموم المواطنين، وصل إلى حد اعتبار هذه الممارسة "أسلوبا للإشهار على نحو يبعث على الأسى، بما يرمي إليه من استجلاب فجّ للمتقاضين". محمد بركو، نقيب هيئة المحامين بالرباط، قال في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية إن المحامين لا يمكنهم تقديم استشارات قانونية للعموم عبر وسائل التواصل والمواقع الإلكترونية، "لأن الاستشارات القانونية لها أماكنها الخاصة، وتُقدم للموكّلين حسب كل ملف، ولا يمكن تقديمها للعموم عبر وسائل التواصل المختلفة". واستند نقيب هيئة المحامين بالرباط، في تعليله لعدم قانونية تقديم المحامين لاستشارات قانونية للعموم، إلى المادة 35 من القانون المنظم لمهنة المحاماة، التي تنص على أنه "لا يجوز للمحامي أن يمارس أي عمل يستهدف جلب الأشخاص، واستمالتهم، ولا أن يقوم بأي إشهار كيفما كانت وسيلته". وأوضح بركو أن الأمر الوحيد الذي يخوله القانون للمحامي هو أن يعلق لوحة أمام باب مكتبه، تضم معلومات خاصة به، كاسمه وصفته؛ كما له الحق في التوفر على صفحة في الأنترنيت، يشير فيها باقتضاب إلى مساره المهني، بعد الحصول على إذن من نقيب هيئة المحامين. وذهب بركو إلى القول إن الاستشارات القانونية التي يقدمها بعض المحامين للرأي العام "هي استشارات تضرب جميع أعراف وتقاليد مهنة المحاماة، وتتم قصد استمالة المتقاضين"، موضحا أن "الاستشارة القانونية يجب أن تكون موجّها للموكّل، وفي حالة خاصة، وليس لعموم المواطنين". ويبدو أن أصحاب البذلة السوداء يخرقون القانون، ليس فقط من خلال تقديم استشارات قانونية للعموم عبر "فيديوهات" تبث على وسائل التواصل والمواقع الإلكترونية، بل أيضا من خلال كشف أسرار موكّليهم، إذ جاء في منشور نقيب هيئة المحامين بالرباط أن بعض المحامين يُعطون أمثلة بالملفات الرائجة بمكاتبهم، ويكشفون عما تنطوي عليه من أسرار مهنية تمسّ موكليهم. وبالعودة إلى القانون المنظم لمهنة المحاماة، فإن المادة السادسة والثلاثين منه تنص على أنه لا يجوز للمحامي أن يفشي أي شيء يمس بالسر المهني في أي قضية، كما يتعين عليه، بصفة خاصة، أن يحترم سرية التحقيق في القضايا الزجرية، وألا يبلغ أي معلومات مستخرجة من الملفات، أو ينشر أي مستندات أو وثائق أو مراسلات لها علاقة ببحث مازال جاريا. وجوابا على سؤال حول ما إن كان إقدام المحامين على هذه الممارسة المخالفة للقانون مردّه إلى عدم الاطلاع على القانون، أم الطمع في جلب "الزبناء" من المتقاضين، رد النقيب محمد بركو: "كلا السببين معا"، مضيفا: "مع الأسف لا نطلع على القوانين المنظمة لمهننا، سواء مهنة المحاماة أو غيرها من المهن، وإلا لعرفنا حدودنا وواجباتنا". وتوعد نقيب هيئة المحامين بالرباط، في المنشور الموجه إلى المحاميات والمحامين التابعين للهيئة، "بالتصدي لممارسة تقديم استشارات قانونية للعموم بما يتعين من حزم ومسؤولية". وردا على سؤال لهسبريس حول ما إن كان مجلس هيئة المحامين بالرباط سيتخذ إجراءات تأديبية في حق المحامين المخالفين، قال بركو: "سنعرض الأمر في اجتماع المجلس، الذي له صلاحية اتخاذ الإجراء المتعين".