وسط فوضى عارمة، قرّرت اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية الخروج من حكومة العثماني، وبالتالي الطلاق رسميا بين "الرفاق والإخوان"، حيث صوّت 241 عضوا باللجنة المركزية لصالح قرار مغادرة الحكومة، وعارضه 34 عضوا، بينما صوت بالامتناع ستة أعضاء. ولم تنتظر القيادة الاشتراكية طويلاً لتحسم موقفها من الاستمرار في الحكومة، على اعتبار أنّ "التحالف الحكومي الحالي لن يكون قادراً على تلبية مطالب الشعب بتحقيق مزيد من الديمقراطية والتقدم والعدالة الاجتماعية"، وفق تصريحات الأمين العام للحزب، نبيل بنعبد الله. ويبدو أنّ الحزب بات يحمل موقفين متناقضين؛ موقف يسايرُ قرار اللجنة المركزية ويذهب في اتجاه تموقع الحزب في المعارضة والقطع نهائياً مع الأغلبية، وموقف آخر ينتقد القيادة الحالية ويعتبر قرار الانسحاب من الأغلبية "مغامرة وهروبا إلى الأمام". الاختلاف رحمة وفي هذا السّياق، يرى إسماعيل العلوي، عضو مجلس الرئاسة لحزب التقدم والاشتراكية، أنّ "الاختلاف رحمة، ومن الجيّد أن تكون هناك آراء مختلفة". هذه الآراء، بحسبِ المسؤول الحزبي ذاته، "تُحسب بشكلٍ جماعي وتوافقي، ولا يمكن أن نتصور هيئة سياسية منظمة تقبل بتواجد آراء مختلفة داخلها تبني عملها وفق رؤية أحادية". وقال القيادي في حزب "الكتاب"، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: "لا بد أن يكون هناك رأي سائد داخل الحزب، وعلى الرأي النّشاز أن يمتثل إلى الأغلبية بتوجهاته وأفكاره، وأن يعمل على تطوير عمله حتى يملك أغلبية ويؤثّر في القرار". وعن قرار الخروج من الحكومة وتأثيراته على الشأن الداخلي للحزب، أجاب العلوي بأنّ هيئته السّياسية "نجتْ من السّقوط في الفوضى والتّشتت"، مورداً أنّ "اتفاقا حصل داخل الحزب على قبول مغادرة الحكومة لأسباب أوضحها الأمين العام، نبيل بنعبد الله، الذي كان بليغاً في هذا الباب". وأردف المسؤول ذاته قائلا: "نغادر المركبة الحكومية بعدما تبيّن أنّ الأغلبية لا تقوم بمهامها في ظلّ وجود تحالف هجين ومشتت، فالنّموذج التنموي الذي دعا إليه رئيس البلاد لم ير النور إلى يومنا هذا"، مبرزاً أن "الحكومة لم تستطع تفعيل المقترح المولوي، هل ينتظرون أن يقوم الملك بكلّ شيء؟ هذا متناف مع الدستور والديمقراطية". وأورد العلوي أن "الملك له قدسية لا يمكن أن نطلب منه أن يفعل كل شيء، وإلا نقوم بإعطائه كل السّلط ونكون بذلك قد رجعنا إلى عهد فرعون"، مؤكداً أنّ "الحكومة مكونة من أحزاب ذات أفق مختلف وإيديولوجيات متفرقة؛ تحالف هجين ليس في صالح الوطن والشّعب". الحزب انتهى من جانبه، قال محمد سعيد السعدي، الوزير والقيادي الأسبق في حزب التقدم والاشتراكية، إنّ "الحزب مهدّد بالاندثار وأصبح على هامش المشهد السّياسي، ويعيش اليوم حالة من الفوضى بسبب المقاعد الوزارية". وأضاف أنّ "رئيس الحكومة اقترح على التقدم والاشتراكية تسيير حقيبة الشبيبة والرياضة، بينما تقرر إبعاد الحزب عن وزارتي السكنى والصحة". وأردف السعدي، في تصريح لهسبريس، أن "هناك عدم رضا وحالة سخط عارمة داخل الحزب بسبب حصيلة عمل التقدم والاشتراكية في الأغلبية؛ وهو ما دفع باقي الفرقاء إلى اعتبار بقاء حزبنا أو ذهابه من الحكومة لا يؤثّر، وهذا هو الواقع". واعتبر الوزير السابق أنّ "خروج الحزب من الحكومة بعد 21 سنة من العمل داخل الأغلبية يتطلب وقفة من قبل قيادته"، مشيرا إلى أنّه "منذ مجيء القيادة الحالية استبدّ قرار أحادي داخل الحزب وانتشر منطق الزبونية وشراء المناصب".