مساويا بين اليسار واليمين، يمضي الجيش الجزائري في مسلسل تصفيته الرمزية للعديد من الأوجه السياسية التي طبعت المشهد السياسي لدى الجيران الشرقيين للمغرب على امتداد عقود خلت، فخلال الأيام القليلة الماضية وضع القضاء الجزائري مطالب العديد من الشخصيات الدولية بإطلاق سراح رئيسة حزب العمال لويزة حانون جانبا، وحكم عليها بالسجن 15 سنة. لويزة حانون، المعروفة بمواقفها المساندة لمغربية الصحراء، أثار اعتقالها استياء العديد من الفعاليات اليسارية المغربية، بحكم بعدها عن تهم مرتبطة باختلالات التدبير أو المساهمة في الفساد، فضلا عن طموحها الدائم إلى فتح الحدود بين البلدين. لكن في المقابل، اتجهت حساسيات أخرى إلى اعتبارها جزءا من النظام الجزائري بالنظر إلى قربها من عبد العزيز بوتفليقة. تضامن مطلق نبيلة منيب، الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد، قالت: "بمجرد اعتقال لويزة حانون، عبّر حزبنا عن تضامنه معها، معتبرا أن حملة التطهير القائمة ليست حلا للمشاكل القائمة، فالأمر لا يعدو أن يكون صراعا داخل أجنحة الجيش، والكل يريد الظهور كمصلح لما أفسده الآخرون على امتداد عقود". وأضافت منيب، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "ما يجري بالجارة الشرقية يندرج ضمن حروب إعادة التموقع، لكن داخل النظام نفسه"، مسجلة أن "لويزة حانون تعرضت لضغوط في فترة معينة جعلتها قريبة من نظام عبد العزيز بوتفليقة، لكن لها مواقف جد متقدمة من قضية الصحراء المغربية". وأوضحت السياسية اليسارية المغربية ذاتها أن "تبني موقف مغربية الصحراء وسط نظام فاسد بنى نفسه حول عقيدة العداء للوحدة الترابية لجاره، أمر شجاع"، مستبعدة أن يكون ذلك سبب اعتقال حانون، رغم أنه جرَّ عليها عدة مشاكل، معيدة الأمر إلى قربها من الأخوين بوتفليقة، موردة: "سبق والتقيناها لكن ذلك حصل قبل سنوات، وكان موضوع النقاش هو الصحراء المغربية". جزء من النظام مصطفى البراهمة، الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي، قال: "للوهلة الأولى، فكر النهج في التضامن مع لويزة حانون باعتبارها معتقلة سياسية، لكن بعد البحث، تبين أن حزبها جزء لا يتجزأ من النظام القائم"، مشيرا إلى أنها "كانت مقربة من عبد العزيز بوتفليقة، واعتقالها جاء نتيجة صراع على السلطة". ورجح البراهمة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن تكون "لويزة والسعيد بوتفليقة والجنرال توفيق قد خططوا لعزل القايد صالح، لكنه تفطن للأمر واعتقلهم جميعا"، مشيرا إلى أن "الأهم من كل هذا هو انتفاض الشعب الجزائري ضد النظام برمته، بالرغم من افتقاره لقيادة حقيقية ترسم مسارا سياسيا للحراك". وأكمل القيادي اليساري أن حزبه "لا علاقة له بحزب العمال الجزائري، والأقرب لعقيدة النهج هناك هي الحركة من أجل الديمقراطية الاجتماعية"، مسجلا "صعوبة إيجاد يسار حقيقي بالجارة الجزائر، بحكم اجتثاثه بشكل كبير من طرف النظام القائم".