طلبت نيابة المحكمة العسكرية في البليدة، الواقعة جنوب غرب الجزائر العاصمة، الثلاثاء، إنزال عقوبة السجن 20 سنة بكلّ من سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق، ومسؤولَيْن أمنيَّين سابقيَن ورئيسة حزب سياسي، بتهمة "التآمر ضد الدولة لتغيير النظام"، حسب ما صرّح محام لوكالة فرنس برس. وقال المحامي ميلود ابراهيمي، وكيل الدفاع عن أحد المتّهمين، إنّ "النيابة طلبت أقصى عقوبة، وهي 20 سنة، لكلّ المتّهمين" الموقوفين، وهم سعيد بوتفليقة والفريق المتقاعد محمد مدين (الجنرال توفيق)، المدير السابق لأجهزة الاستخبارات، وبشير طرطاق، الرجل الذي خلف مدين على رأس الأجهزة سالفة الذكر، ولويزة حنون، رئيسة حزب العمال. وأضاف وكيل الدفاع عن الجنرال توفيق أنّ النيابة طلبت إنزال العقوبة نفسها ببقيّة المتهمين "غيابياً" في القضية وهم: خالد نزار، وزير الدفاع الأسبق، ونجله لطفي نزار، وفريد بلحمدين وهو مدير شركة أدوية. وحسب ابراهيمي، فإنّ الحكم قد يصدر "الأربعاء أو الخميس على أقصى تقدير". وتتعلّق القضية باجتماع حضره سعيد بوتفليقة، الرجل القوي في القصر الرئاسي منذ مرض شقيقه، ومدين وطرطاق وحنون في مارس، غداة تصريح لرئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح طالب خلاله علناً باستقالة رئيس الجمهورية. وبعد بضعة أيام، اتّهمهم قايد صالح، من دون تسميتهم، بالاجتماع للتآمر ضدّ الجيش. وأكّد هذه الواقعة اللواء المتقاعد خالد نزار في شهادته خلال التحقيق مع شقيق الرئيس السابق، حيث كشف أنّ سعيد بوتفليقة قال له إنّه يعتزم عزل الفريق قايد صالح. "التآمر مع الأعداء" والثلاثاء أشار قايد صالح، في خطاب في تندوف، إلى "فئة (...) تولت مسؤوليات سامية (...) لم تراع حق الوطن وعمدت على التآمر ضده مع الأعداء (...)، لتصل أعمالهم الشنيعة حد الخيانة" دون أن يذكر احدا بالاسم. وحسب المحامي برغل، فإن الجنرال توفيق، الذي تم استجوابه صباح الثلاثاء، لم ينف حضوره هذا الاجتماع وقال إنه "تم الاستنجاد به كخبير من طرف رئاسة الجمهورية ممثّلة في سعيد بوتفليقة للنظر في ما تمر به البلاد"، و"حاول ان يخدم وطنه في هذه اللحظات الحرجة" كما جاء في تصريح لوسائل الاعلام بالبليدة. وأضاف برغل أن موكله، اللواء المتقاعد بشير طرطاق، رفض الحضور للمحاكمة، فاتخذت ضده المحكمة "الإجراء المنصوص عليه قانونا، حيث أخبره القاضي أن ذلك لن يمنع محاكمته". وقال "طرطاق رفض الامتثال للمحكمة ليس خوفا من المواجهة لكنه يعتبر أن ظروف المحاكمة العادلة في ظل ما تعيشه الجزائر غير متوفرة". وكان الدفاع طلب تأجيل المحاكمة بالنظر إلى الوضع الصحي المتردي للجنرال توفيق، بحسب عائلته ومحاميه، حيث يتحرك على كرسي متحرك. لكن القاضي، وبعد الاطلاع على تقرير طبي أعدّه خبراء، قرر مواصلة المحاكمة. وجاءت هذه المحاكمة التي تحمل الكثير من الرمزية في الواقع السياسي الجزائري، بعد موجة اعتقالات طالت الدائرة المحيطة بالرئيس بوتفليقة مباشرة بعد استقالته في 2 أبريل تحت ضغط الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة التي انطلقت في 22 فبراير. كما فتح القضاء سلسلة من التحقيقات بشبهة الفساد ضد قادة سياسيين وعسكريين ورجال أعمال متهمين بالاستفادة من روابطهم المتميزة مع أوساط بوتفليقة. وبينما المحاكمة تجري في البليدة، كان الطلاب يتظاهرون في العديد من المدن ومنها الجزائر العاصمة كما دأبوا على ذلك كل يوم ثلاثاء منذ 31 أسبوعا. وردّدوا شعارات معارضة للانتخابات الرئاسية المقررة في 12 دجنبر كما أرادها رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح الرجل القوي في الدولة حاليا. وانتقد رئيس أركان الجيش "تعنت بعض الأطراف وإصرارها على رفع بعض الشعارات المغرضة، التي لم يعرها الجيش الوطني الشعبي أي اهتمام وظل ثابتا على مواقفه"، مؤكدا "ألا طموحات سياسية لقيادته" كما جاء في الخطاب الذي نشرته وزارة الدفاع عبر موقعها. *أ.ف.ب