بعد الجدل الذي رافق إنشاء "مؤسسة عبد الكريم الخطيب للفكر والدراسات" داخل حزب العدالة والتنمية، اتهم محمد خليدي، الأمين العام لحزب النهضة والفضيلة، قيادات "البيجيدي" بخطف مبادرة إنشاء مؤسسة الخطيب واستغلالها سياسياً من طرف العثماني وإخوانه المقربين. وأوضح محمد خليدي أنه بعد الحملة "المُغرضة"، التي تعرّض لها عبد الكريم الخطيب قبل أكثر من أربع سنوات، دفعت العديد من أصدقاء ومحبي الراحل، من مقاومين وسياسيين ورجال فكر ومعتقلين إسلاميين سابقين، إلى التفكير الجدي في تأسيس إطار لتخليد ذكرى رجل أفنى حياته في خدمة دينه ووطنه. وكشفت الأمين العام لحزب النهضة والفضيلة، في تصريح صحافي توصلت به هسبريس، أنه كانت "هناك سلسلة من اللقاءات توجت بصياغة ورقة إطار لمؤسسة الخطيب، وتحديد سقف لعقد الجمع العام التأسيسي بعد مشاورات موسعة مع لفيف من الشخصيات التي تنتمي إلى مختلف التوجهات الاجتماعية والتيارات السياسية، بما فيها الحزب الذي تبنى اليوم منفردا مبادرة إنشاء مؤسسة الخطيب"، مضيفا أن المبادرين راسلوا الديوان الملكي "احتراما للبروتوكول المعمول به في هذا الإطار، وآثرنا التريث ريثما تجتمع الشروط للإعلان الرسمي عن انعقاد الجمع التأسيسي". واتهم خليدي سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الذي ترأس مؤسسة الخطيب، بخطف المبادرة، قائلاً: "فوجئنا، خلال المدة الأخيرة، بتحركات سريعة لجماعة سياسية، أرادت أن تلتف على المبادرة الأولى، وتختطف الخطيب من حاضنته المغربية الواسعة، إلى ضيق الانتماء الحزبي". وكان الجمع العام التأسيسي ل"مؤسسة الخطيب"، الذي قاطعه عبد الإله بنكيران، صادق على مشروع القانون الأساسي للمؤسسة بالأغلبية. كما صوّت الجمع العام على لحسن الداودي لشغل مهمة النائب الأول لرئيس المؤسسة، سعد الدين العثماني، وعلى عمر الخطيب نائبا ثانيا للرئيس. ويوجد في العضوية أيضا كل من مولاي إسماعيل العلوي ومصطفى الخلفي وجميلة المصلي وجميلة العماري. وأشار خليدي، الذي حضر الجمع العام التأسيسي، إلى أن هؤلاء الذين "لعبوا دور بطولة وهمي في هذا الحفل، ذي المستوى الضعيف، يتهافتون اليوم على استغلال اسمه وتاريخه، بعدما غابوا نهائيا عندما كان يتعرض المرحوم للهجوم من طرف بعض المغرضين على صفحات الجرائد إلى أن وصل بهم الحال إلى اتهامه بتهم باطلة في قبة البرلمان". "لقد تصرفوا بانتهازية سياسية تجاه عبد الكريم الخطيب الذي لم يعرفوه كما عرفناه؛ فهم لم يعرفوا سوى عبد الكريم الخطيب السياسي الذي وضع حزبه رهن إشارة الوطن، عندما دعت ضرورة المرحلة السياسية في عهد المرحوم الحسن الثاني إلى أهمية دخول الإسلاميين إلى المعترك السياسي والمشاركة في إنجاح المسار الديمقراطي، ولم يكن الخطيب رحمه الله يرضى بالإقصاء الذي كان يتعرض له الإسلاميون. لذلك، فقد دافع عن إدماجهم في الحياة السياسية وإشراكهم في تسيير الشأن العام، وها هم اليوم قد وصلوا بفضله إلى ما وصلوا إليه"، يورد التصريح ذاته. ولفت خليدي الانتباه إلى أن العثماني وإخوانه "الذين يدعون اليوم إنشاء المؤسسة لم يتعرفوا على الخطيب، عندما كنا معه في لجنة تشكلت من الراحل ومني شخصيا وكان ثالثنا المرحوم بنعبد الله الوكوتي، وانضم إلينا الأستاذ عبد الإله بنكيران والمرحوم عبد الله بها، يوم دخلنا في مفاوضات الاندماج بمنزل الوكوتي بالحي الإداري في الرباط، وكان عبد الإله بنكيران يبذل مجهودا كبيرا لإقناع الكثيرين من إخوانه بفكرة الاندماج مع الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية، لتستمر اللقاءات التشاورية إلى حين انعقاد المؤتمر الاستثنائي سنة 1996 حيث انضمت الحركة الإسلامية إلينا بشكل رسمي". ووصف المصدر ذاته مؤسسي مؤسسة الخطيب بالقيام بعمل "لا أخلاقي"، قبل أن "يتحول افتتاح المؤسسة من حفل سياسي وفكري واجتماعي إلى مناسبة حزبية ضيقة، مر التحضير لها بطريقة بدت وكأنها عملية تهريب لمشروع كان من المفترض أن يملأ الدنيا بسبب القيمة الكبيرة للدكتور الخطيب وطنيا وعربيا وإسلاميا وعالميا". وتابع خليدي أن الطريقة التي "هربت" بها مؤسسة الخطيب دفعت الكثيرين إلى الغياب عن الحدث، "من المقاومين وأصدقاء الدكتور الخطيب المقربين، وتم إبعاد وإقصاء العديدين منهم، وفي حين كانت مبادرتنا التي انطلقت قبل أربع سنوات مفتوحة على كل التيارات السياسية والشخصيات الوطنية، لإيماننا بأن الدكتور الخطيب يمثل رمزية مشتركة بين جميع المغاربة، فإذا بالمناسبة تتحول إلى حفل للإعلان عن الخطيب ملكية خاصة لحزب سياسي وعلامة مسجلة باسمه". وزاد أنه "في نفس المناسبة، قدم الدكتور العثماني نموذج الديمقراطية التي يؤمن بها، ديمقراطية الوصفات الجاهزة، التي لا يناقش فيها أحد شخصية رئيس مؤسسة للدراسات والفكر، ويتم فرضه على الحاضرين الذين لا يعرفون لهذه المؤسسة قانونا أساسيا ولا وثيقة تحضيرية". واستغرب القيادي السياسي من غياب بعض الوجوه من "البيجيدي" عن الجمع العام التأسيسي، من أمثال عبد الإله بنكيران وأبو زيد المقرئ الإدريسي وخديجة مفيد وعبد السلام بلاجي ومحمد خليل وغيرهم ممن كانوا أقرب للدكتور الخطيب. وأردف خليدي أن "بعض من اختيروا لعضوية مكتب المؤسسة كانوا على خلاف دائم مع الزعيم الراحل، وكان يرى فيهم من النقائص ما لا يؤهلهم ليتجرؤوا عليه لو كان على قيد الحياة، وهم الذين يتسابقون اليوم لإظهار مودة افتقدوها معه في حياته، رحمه الله".