بعد يوم على الانتخابات العامة في إسرائيل، لم يبق في شوارع مدينة كفر قاسم العربية في إسرائيل أثر من الدعاية الانتخابية للقائمة المشتركة العربية سوى لافتة كبيرة كتب عليها "مليون صوت عربي ... وحدتنا قوة". ولد سمير فرج (54 عاما) ونشأ في المدينة العربية وسط إسرائيل، والتي يبلغ تعداد سكانها نحو 22 ألف نسمة.. ولكن "هذه هي المرة الأولى في حياتي التي أسمع فيها صوتا لحزب عربي"، يقول فرج. وسمير عربي إسرائيلي وأحد أحفاد الفلسطينيين الذين بقوا على أرضهم بعد قيام إسرائيل عام 1948. يقول فرج، الذي لطالما صوت لصالح حزب العمل الصهيوني: "هذه المرة شعرت بأنه يتعين علينا المشاركة في الحكومة". بالنسبة لفرج الذي يعمل تقني كمبيوتر فإن "اليهود وحتى اليساريين منهم بعيدون عن مشاكل العرب اليوم (...) هم حتى لا يدخلون إلى مدننا"، ويقول: "إن صوتي ذهب للنواب العرب لكي يتعاملوا مع مشاكل الإسكان والبنية التحتية". ويضيف الرجل ذو البنية الطويلة وهو يبتسم ويهم بالدخول إلى مكتبه في بلدية المدينة: "الثلاثاء، قال أحد أعضاء حزب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو: الآن يجب أن نولي اهتماما بالعرب لأنهم يستخدمون حقهم في التصويت". ويبدو أن فرج فرح بنتيجة الأحزاب العربية ويقول: "هذا انتصار صغير". وشاركت الأحزاب العربية في انتخابات أبريل عبر قائمتين، وهو انقسام أفضى إلى نسبة تصويت لم تزد عن 49 في المائة. ويحق لنحو 960 ألف نسمة من عرب إسرائيل التصويت في الانتخابات. وكان نصيب النواب العرب في الانتخابات الماضية 10 مقاعد فقط من أصل 120 مقعدا في الكنيست (البرلمان). لكن رئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتانياهو فشل بعد انتخابات أبريل في تشكيل ائتلاف حكومي وفضل التوجه نحو إجراء انتخابات جديدة، على أن يطلب الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين من شخص آخر تشكيل الحكومة. وهذه المرة، نجحت الأحزاب العربية في توحيد نفسها والمشاركة بقائمة واحدة هي القائمة المشتركة. يقول عيسى، وهو أحد موظفي بلدية كفر قاسم أيضا: "حتى ساعات الظهر لم أكن أرغب في الذهاب إلى التصويت، لكني قررت وذهبت في النهاية"..ولم يعد يؤمن بوعود النواب العرب لأنهم "لم يفعلوا لنا شيئا"، وأدلى بصوته الثلاثاء فقط "لإسقاط بنيامين نتانياهو"، الذي يبدو في موقف صعب بعد انتخابات الثلاثاء ويكافح من أجل البقاء في السلطة. ضد العنصرية وفي أقصى الشمال في مدينة الناصرة، أكبر المدن العربية في إسرائيل، خرج الناس للتصويت بعد اشتداد معاناتهم منذ أكثر من عقد جراء التمييز والعنصرية اللذين تضاعفا خلال حكم نتانياهو. وآخر سيناريوهات العنصرية كان الثلاثاء بعدما حذر نتانياهو من التحالف مع الأحزاب العربية التي "تمجد الإرهابيين المتعطشين للدماء". وبلغت نسبة مشاركة سكان المدينة في الانتخابات 55 في المائة مقابل 40 في المائة في انتخابات أبريل. وذهبت أكثر من 90 في المائة من الأصوات للقائمة المشتركة. ويتحدث الناشط السياسي فادي الزعبي (21 عاما) كيف أنه عقد عدة اجتماعات في الأشهر الأخيرة لإقناع الناس وحثهم على التصويت..يقول: "عقدت الاجتماعات هنا وفي مختلف القرى المحيطة...عقدتها في كل مكان". ويشكل العرب الإسرائيليون 20 في المائة من مجموع سكان البلاد البالغ عددهم 9 ملايين نسمة. وأظهرت آخر النتائج أن القائمة المشتركة باتت ثالث أكبر قوة سياسية في البرلمان الإسرائيلي مع 13 مقعدا. وتشير المحللة السياسية الفلسطينية ديانا بطو إلى أن النواب العرب في الكنيست تعلموا الدرس من التجربة السيئة ومن انقسامهم في انتخابات أبريل، وتضيف: "أدرك الفلسطينيون وعرب إسرائيل أنهم إذا لم يصوتوا بأعداد كبيرة فسيحصل أعضاء حزب عوتسماه يهوديت المتشدد على المقاعد في البرلمان". ويعتقد الزعبي أن أصوات عرب إسرائيل ستخدم مصالحهم "من أجل مزيد من المساواة وإلغاء قانون القومية" الذي أقرته إسرائيل العام الماضي..وينص القانون على أن إسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي، ويضيف: "تصويتنا جعلنا نشعر بأننا في وطننا أينما كنا في البلاد"، ويتابع: "هذه هي المرة الوحيدة التي أشعر فيها بأن لصوتي قيمة تساوي قيمة صوت اليهودي الإسرائيلي، وهذا يحدث فقط في الانتخابات". *أ.ف.ب