احتضن المركز الثقافي بمدينة شفشاون لقاءً ثقافياً مفتوحاً مع الروائي والمفكر المغربي حسن أوريد، تمحور حول البعد الأندلسي في أعماله الأدبية. اللقاء المُنظم من قبل منتدى الحوار للفنون والثقافات عرف حضور ثلة من الفعاليات الثقافية والجمعوية، والطلبة والمتابعين لأعمال وإنتاجات المفكر أوريد، وافتُتح بكلمة لرئيس المنتدى، الكاتب عبد الجواد الخنيفي، أكد فيها أن "الأديب حسن أوريد يعدّ أحد الأصوات الثقافية الفذّة التي شكّلت لنفسها مساحة وموقعاً ورؤية متقدمة داخل المشهد الثقافي المغربي والعربي؛ فهو يمارس دوره في الكتابة السردية بوعي فني ناضج، وبتصورات تعكس تراكماً معرفياً عميقاً للآخر وللعالم وتجاه مسارات تاريخية وقضايا كونية، ووفق متخيّل متجدّد يتماوج بين الماضي والحاضر، ويتطلّع إلى المستقبل، بحثاً عن دلالات واقعيّة ومتغيّرات جوهرية في بنية الإنسان". من جانبه استحضر الروائي بهاء الدين الطود المكانة العلمية والأدبية لحسن أوريد وأبعادها وتجلياتها الإنسانية وآفاقها الإبداعية والتاريخية، وكذا الاهتمام الذي يبديه للبعد الأندلسي في إعماله، متوقّفاً عند المميّزات الجمالية والفنية في تلك الأعمال وما تلقاه من متابعة واسعة من قبل المغاربة الذين يعيشون المكوّن الأندلسي في حياتهم اليومية؛ فضلا عن الأجانب، وخصوصاً الإسبان. واستهلّ الروائي والمؤرخ حسن أوريد مداخلته القيّمة بالتأكيد على حضور المكون الأندلسي وأبعاده الإنسانية والحضارية في كتاباته، مشيراً إلى أن المغاربة يحملون الأندلس وتحملهم، وهم الورثة الشرعيون لها. وأضاف صاحب رباط المتنبي ورواء مكة أنّه دشّن اهتمامه بالأندلس سنة 2009 عبر رواية الموريسكي، قائلا: "نحن نحتاج أن نستعيد هذا البعد من شخصيتنا العميقة، في ظل السياق الذي يعرفه العالم من تضارب الشرق والغرب، والصراع المحتدم بين أصحاب العقل وأصحاب التّراث". وزاد أوريد: "المجتمعات تحتاج إلى الآخر، الذي لا يمكن أن نفهم أنفسنا بمعزل عنه في إطار الحوار والتكامل؛ فأنا لا تهمّني الأندلس الرقعة بل الأندلس الفكرة التي تزاوج بين العقل والرّوح، ومن ثمّ الانتقال من الذّكرى إلى الفكرة. كما أنه هناك أشياء مشتركة مع الآخر وجب العمل على إحيائها، باعتبار أن الأمم تقوم على القيم والمصير المشترك". وأبدى المفكر المغربي خشيته من أن تبقى الهويّات في الإقامات الجبريّة، مؤكداً تجاوزه مصطلح الهويّة واستبداله بالشّخصي؛ فضلا عن أنه لا يمكن أن تكون نهضة من دون لغة متطوّرة تطفح بالحياة، مستطرداً بأن "اللغة العربية لغة حضارية وليست قومية"، ومشدّداً على أنّ "التّفكير يجب أن يشمل القدرة على التميّز". وفي الختام توقف أوريد عند دور المثقف داخل المجتمع، معتبراً أنّه أساسيّ، وأن "عِقد العديد من الدّول انفرط جراء التخلي عن هذا الدور"، وزاد: "المطلوب منّا كمثقفين أن نتجاوز المتناقضات".