كشفت نتائج استطلاع أجرته شبكة "البارومتر العربي" عن ضُعف التدين لدى الشباب المغاربة، وارتفاع نسبة الرغبة في الهجرة إلى الخارج في صفوفهم. وجاء في التقرير الخاص بالشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن الشباب المغاربة يعتمدون على مواقع التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار العاجلة، فيما لا يهتم كثير منهم بالسياسة. والباروميتر العربي هو شبكة بحثية مستقلة تقدم نظرة عن الاتجاهات والقيم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمواطنين العاديين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتقوم الشبكة بإجراء استطلاعات للرأي العام في المنطقة منذ سنة 2006، وتحصل على تمويلات من طرف عدد من المؤسسات الدولية، من بينها جامعتا برنستون وميشيغان في أميركا وبرنامج الأممالمتحدة للتنمية. وقد شمل هذا الاستطلاع، الذي نُشرت نتائجه الخميس 5 شتنبر 2019، أحد عشر دولةً من خلال دراسة استقصائية للرأي العام تم إجراؤها ما بين شتنبر 2018 وأبريل 2019، من خلال أكثر من 20 ألف مقابلة وجهاً لوجه. وجاء في التقرير أن فئة الشباب ما بين 15 و29 سنة تُمثل حوالي 30 في المائة من ساكنة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتلعب معتقداتهم ومواقفهم دوراً في تشكيل مستقبل هذه المنطقة. وتُفيد معطيات الاستطلاع بأن الشباب يختلفون عن الفئات الأكبر سناً منهم ليس فقط من حيث الإحباط الكبير تُجاه أنظمتهم، بل من حيث أيضاً أنهم يميلون إلى أن يكونوا أقل تدنياً وأقل اهتماماً بالسياسة، وأكثر إقبالاً على الانخراط في وسائل التواصل الاجتماعي. التقرير الذي أشرفت عليه الباحثة دانييلا راز من جامعة ميشغان الأميركية أشار إلى أن "الاختلافات بين الأجيال تبدو صارخة بشكل خاص في المغرب حيث تتباين مواقف الشباب بشكل كبير، ويظهرون عدم الرضا عن الوضع بشكل كبير". وفيما يتعلق بالقضايا الجنسانية، يميل مُعظم الشباب إلى دعم الحقوق المتساوية لفائدة المرأة، بحيث تقول الأغلبية إن للمرأة الحق أن تكون رئيسة للحكومة وأن تحصل على التعليم، لكن فيما يتعلق بالمساواة في الإرث، فإن أقلية فقط تؤيد حصول النساء على القدر نفسه الذي يحصل عليه الرجال. ويؤيد الشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ربط العلاقات مع الصين بشكل أساسي أكثر من القوى العالمية الأخرى، بحيث تُفضل غالبيتهم إقامة علاقات اقتصادية أوثق معها، في حين يقول أقل من نصفهم الشيء نفسه بالنسبة للعلاقات مع الولاياتالمتحدة الأميركية. تدين ضعيف مُعطيات الاستطلاع فيما يخص تدين الشباب تكشف أن 24 في المائة فقط من الشباب المغربي صرحوا بأنهم متدينون، وسُجلت أعلى نسبة في هذا الصدد في العراق ب42 في المائة، بينما تصل في مصر إلى 36 في المائة، وفي اليمن 33 في المائة، وأقل نسبة سجلت في كل من الجزائر بحوالي 15 في المائة، وتونس ب16 في المائة، وليبيا ب18 في المائة. أما فيما يخص مؤشر اهتمام الشباب بالسياسة، فقد صرح 23 في المائة فقط من الشباب المغربي بأنهم مهتمون جداً بالسياسة، ولوحظت أعلى نسبة في لبنان ب31 في المائة، و29 في المائة في اليمن. أما أقل نسبة فكانت لدى الجارة الجزائر بحوالي 15 في المائة. ويبدو جلياً أن مستويات التدين والاهتمام بالسياسة متدنية لدى الشباب مقارنة بالأجيال الأكبر سناً، ويرجع أصحاب الاستطلاع عدم اهتمام الشباب بالسياسة جزئياً إلى نظرتهم بخصوص النزاهة في الانتخابات البرلمانية. ويقول التقرير: "إذا كان الشباب يرون هذه الانتخابات غير عادلة بغض النظر عما إذا كانوا مصوتين أم لا، فإن عدم اهتمامهم ربما يعكس خيبة الأمل من العملية السياسة في بلدانهم. وفي المغرب صرح أربعة من كل عشرة شباب بأن الانتخابات البرلمانية الأخيرة لم تكن حرة ولا نزيهة". استخدام كبير للأنترنيت ويتجلى من معطيات الاستطلاع أن أكثر من 90 في المائة من الشباب يستخدمون الإنترنت، بحيث سُجل أعلى معدل في لبنان ب99 في المائة، يليه الأردن ب96 في المائة، وفلسطين ب95 في المائة، والجزائر والمغرب ب93 في المائة، وتونس ب91 في المائة. وبخصوص الحصول على الأخبار العاجلة، صرح 67 في المائة من الشباب المغربي بأنهم يعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعي، أما الأشخاص فوق 30 سنة فيعتمدون على مواقع التواصل الاجتماعي بنسبة لا تتجاوز 14 في المائة. ويظهر أكبر تباين بين الشباب والأجيال الأكبر سناً في المغرب، بحيث يصل الفرق فيما بينهم إلى 53 نقطة مئوية. أما فيما يخص ثقة الشباب في مواقع التواصل الاجتماعي، فإن المغرب يُسجل المرتبة الأولى، بحيث نجد أن 77 في المائة منهم يصرحون بنعم مقابل 45 في المائة من الفئات أكثر من 30 سنة. ويُعتبر "فيسبوك" أكثر منصة تُستخدم من طرف الشباب في المنطقة، باستثناء اليمن حيث يفوق استخدام "واتساب" معدل "فيسبوك" (46 في المائة مقابل 36 في المائة). وفي المغرب تصل النسبة إلى 90 في المائة من الشباب الذين يستخدمون "فيسبوك"، وفي مصر 94 في المائة، وبالجزائر 91 في المائة، وفي لبنان 90 في المائة. أما فيما يخص معدلات رضا الشباب على أنظمة التعليم العمومية، فقد صرح 17 في المائة فقط من الشباب المغربي عن رضاهم عن التعليم، وهي أضعف نسبة في بلدان منطقة "مينا"، وترتفع النسبة لدى الفئة أكثر من 30 سنة لتصل إلى 39 في المائة. الرغبة في الهجرة ويسجل المغرب أيضاً نسبة أعلى في مؤشر الرغبة في الهجرة، بحيث تصل النسبة إلى 70 في المائة لدى الفئة ما بين 18 و29 سنة، فيما تصل إلى 25 في المائة لدى من هم أكثر من 30 سنة، ويُعزى ذلك حسب الاستطلاع إلى انخفاض مُعدلات الرضا عن التعليم وضُعف فرص التشغيل للشباب. ويبدي ثلثا الشباب في شمال إفريقيا الناطقة بالفرنسية رغبتهم في الهجرة إلى بلد أوروبي، وهذا ليس مفاجئاً في نظر أصحاب الاستطلاع، نظراً لقُرب المنطقة من أوروبا الغربية والروابط الوثيقة بين فرنسا وبلدانهم. لكن في مصر، وفي اليمن والسودان، فقرابة نصف الشباب يرغبون في الهجرة إلى دول مجلس التعاون الخليجي. ولدى الشباب بشكل عام آراء ليبرالية حول مسألة ما إذا كان يجب أن تتمتع المرأة بحقوق متساوية في قرار الحصول على الطلاق؛ إذ يصرح 78 في المائة من الشباب المغربي بأنهم يؤدون هذا الأمر، وتُسجل أعلى نسبة في هذا الصدد في لبنان ب 87 في المائة، وأضعف نسبة في السودان ب46 في المائة. أما المساواة في الإرث، فغالبية الشباب يبدون تحفظاً؛ إذ تسجل أعلى نسبة في هذا الصدد في لبنان بتأييد 62 في المائة من الشباب لهذا الأمر، وأضعف نسبة في فلسطين ب8 في المائة، وفي المغرب تبلغ نسبة المؤيدين حوالي 26 في المائة. أما إمكانية تقلد المرأة لمنصب رئيس حكومة، فيؤيدها 77 في المائة من الشباب المغربي، بعد شباب لبنان الذي سجل أعلى نسبة ب79 في المائة، وكانت أدنى نسبة في الجزائر بحوالي 37 في المائة.