قال أحمد عصيد، فاعل حقوقي مهتم بقضايا الحريات الفردية، إن "واقعة الصحافية هاجر الريسوني تفترض إعادة نقاش الحريات إلى واجهة النقاش العمومي في المغرب"، مشددا على "ضرورة مراجعة القوانين التي تنافي دستور المملكة، الذي يولي الأهمية للتشريعات الدولية أكثر من الوطنية". وأضاف عصيد أن "الجميع مطالب بفتح حوار وطني والوصول إلى الخلاصات المطلوبة، لضمان الاستجابة لمطلب الحريات الفردية"، مسجلا أن "المغاربة يرزحون تحت وطأة قوانين متخلفة وتيار ديني يمارس النفاق السياسي والإيديولوجي، وبالتالي بات من اللازم تعديل أساليب التفكير ومراجعة المنطلقات الأيديولوجية الدينية". وأوضح الفاعل الحقوقي، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن "السبب في الواقع الحالي هو الجمود الإيديولوجي والبراغماتية السياسية لبعض التيارات الدينية، والتي لم تتجاوز الفقه التراثي القديم، المستجيب للدولة الدينية المنتهية في السياق الحالي، منتقدا عجزها عن الانخراط في مستجدات العصر". وأردف عصيد أن "الدولة تلعب على الحبلين هي الأخرى بخصوص قضايا الحريات الفردية؛ فتارة تستخدم الإسلاميين لضرب الحداثيين، والعكس كذلك وارد، منتقدا الطابع الازدواجي لها حيث تمزج التقليد بالحداثة والأصالة بالمعاصرة"، مطالبا ب"تأهيل المجتمع ليصبح متقبلا للحريات الفردية ومستوعبا لها". وأشار المتحدث إلى أننا "بصدد لعبة فاشلة تعرقل تقدم البلد"، منتقدا "الانتهازية السياسية للحركات الإسلامية، حيث تستفيد من النزعة المحافظة انتخابيا، وتنال بفضلها أصوات المواطنين"؛ وهي "الكارثة التي ابتلي بها البلد"، واصفا الاستثمار في جهل الناس من أجل السياسة ب"التخلف الخطير". وأكمل عصيد: "الإسلاميون مرتبكون ومترددون في تغيير مواقفهم لصالح حرية الناس"، مشددا على أن "جوهر الذات البشرية هي الحرية، والتحفظات بمبررات دينية ليست سوى ظلما لإنسان آخر"، مشيرا إلى أن "الجميع بحاجة إلى الحرية، بمن فيهم الإسلاميون، والواقع خير دليل على ذلك؛ لكنهم لا ينتبهون سوى عندما يصبحون ضحية". وفي السياق ذاته، يرفض دفاع الصحافية هاجر الريسوني الطريقة التي تم التعامل بها مع موكلته في هذا الملف الذي اعتبره "فارغا"، مؤكدا أن "السياسة الجنائية في هذا الملف تسير ضد اتجاه المشرع؛ لأن المغرب في المسودة أزال العقاب في العلاقات الجنسية غير الشرعية إن لم تكن علنية، وأزال العقاب على الإجهاض"، وفق تعبيره. فيما قال وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط إن "اعتقال الصحافية هاجر الريسوني ليست له أي علاقة بمهنتها، وحدث بمحض الصدفة نتيجة ارتيادها عيادة طبية كانت أساسا محل مراقبة بناء على معلومات كانت قد توصلت بها الشرطة القضائية حول الممارسة الاعتيادية لعمليات الإجهاض بها".