واضح جدا أن القانون وحده من يستطيع تنظيم حياة البشر ، وعندما يغيب القانون فإن كثيرا من الناس يتصرفون مثل حيوانات بلا أحاسيس . في الدول الغربية المتقدمة يعيش الناس حياة كريمة ينال فيها كل ذي حق حقه ، وفي الدول المتخلفة مثل المغرب تهضم حقوق الناس في كل يوم . ويعيش أغلبية المغاربة حياة مليئة بالبؤس والذل ، ليس من طرف المخزن فقط ، بل حتى من بعضهم البعض . أرباب المعامل والشركات مثلا يستغلون العمال والعاملات لتحريك الآلات الصناعية داخل شركاتهم دون أن يعطوهم ولو قليلا من حقوقهم ، حتى أنه لم يعد مستغربا أن تسمع الناس يرددون عبارات روتينية من قبيل " الله يعمرها دار النصارى ، أما المغاربة يلا ما قتلوك ما يحيوك " ، لدرجة أنك عندما تسمع مثل هذه التعابير تخال النصارى ملائكة بقلوب مليئة بالرحمة والحنان عن آخرها . والواقع أن الذي جعل مواطني البلدان الديمقراطية يحترمون بعضهم البعض ، ولا ينتهكون حقوق الآخرين ليس هو الفطرة ، وإنما القانون المطبق فوق رؤوس الجميع . في الحي الذي أقطنه توجد فيلا في ملكية أحد الفرنسيين ، هذا الأخير يشغل شابا مغربيا لحراسة فيلته ، اللي شاف فين كاينعس هاد الشاب وشحال كايشد فالشهر يكول هاداك الفرنصاوي ماشي نصراني ! المسكين يستيقظ مع الفجر باش يشطب قدام الفيلا ويسقي الجردة ، ولا ينام إلا بعد منتصف الليل ، وماشي شي نعاس نيت . المسيو كاينعس هو وامراتو في هدوء واطمئنان داخل غرفتهما الدافئة ، والحارس المسكين ينام في غرفة ضيقة جدا في الحديقة ، هاد لاشومبغ ما مديورش ليها حتى المرطوب ! هل يستطيع هذا الفرنسي أن يقوم بنفس الشيء مع حارس بيته في فرنسا ؟ مستحيل . حيت تما كاين القانون الذي يعطي لكل ذي حق حقه ، وهذا ما ينقصنا في المغرب كي نرى هذا البلد الحزين يتغير ، ليس بشكل تدريجي ، بل بنسبة 180 درجة ، ودقة وحدة ! الناس الذين يعيشون في البلدان المتقدمة لم يخرجوا من بطون أمهاتهم بسلوكيات مستقيمة ، وإنما القانون والتربية والصرامة هي التي جعلتهم أسوياء . المغاربة الذين يعيشون في بلدان المهجر مثلا يحترمون قوانين السير في البلدان التي يعيشون فيها ، ولكن غير كايحطو رجليهم فالمرسى ديال طنجة حتى كايعطيو الدق للسطوب والفروج وحق الأسيقية ، ويسيرون بسرعة مفرطة ! حيت هنا يلا كاع شدوك البوليس تقدر تفكها غير بشي بركة دالفلوس أولا شي باكية ديال الكارو ! بينما في البلدان الأخرى الفكان كايكون بالبروصيات صحيحة كاتخلي داود عمرو ما يعاود ! . عندما يغيب القانون يتفشى الاعوجاج ! . وهذا يعني أن الأوروبيين والأمريكيين والأستراليين والكنديين لم يستقيموا من تلقاء أنفسهم ، وإنما استقاموا بفضل الزيار ! وفي الوقت الذي تستفيد فيه تلك الآلاف من المغربيات اللواتي ذهبن إلى اسبانيا بعقود عمل قانونية من أجل قطف التوت في ضيعات الفلاحين الاسبان من أجور محترمة تصل إلى أربعين أورو في اليوم الواحد مع احترام عدد ساعات العمل القانونية إضافة إلى تعويضات أخرى ، نجد أن آلافا من المغربيات يشتغلن في ضيعات يملكها فلاحون اسبان هنا في المغرب مقابل أجور بئيسة وساعات عمل بلا نهاية . علاش ؟ حيت اسبانيا فيها القانون ، لهذا تشتغل تلك النساء اللواتي ذهبن إلى هناك قبل أسابيع في ظروف مريحة نوعا ما ، بينما اللواتي يشتغلن عند الاسبان في ضيعاتهم الفلاحية بالمغرب يشتغلن في ظروف قاهرة ولا يحصلن حتى على أبسط حقوقهن . وحتى في المجال السياسي يبقى القانون وحده الذي يجعل رجال السياسة في الغرب أكثر استقامة وعدلا ، ولولا القانون لما كان بينهم وبين نظرائهم في الدول الاستبدادية أي فرق . وما حدث للرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك خير دليل على ذلك ، فما أن انتهت ولايته الرئاسية الأخيرة وخرج من قصر الاليزيه حتى تلقى دعوة عاجلة من طرف قاضي المحكمة الوطنية في باريس للمثول بين يديه بتهمة اختلاس أموال عمومية عندما كان عمدة لمدينة باريس ، إضافة إلى تهم أخرى . نحن عندما ينهي وزير ما مهمته يذهب إلى كندا أو باريس لقضاء آخر أيام عمره في شقة فاخرة بناها بأموال غير مشروعة ، دون أن يتجرأ أحد حتى على مساءلته من أين لك هذا . بل لدينا مفسدون ينهبون خيرات البلاد في كل دقيقة وثانية وفي وضح النهار ، دون أن يجدوا من يضع حدا لتصرفاتهم الإجرامية . الحاصول بنادم راه صعيب ، ويلا ما كانش القانون عمر الحياة ديال البشر ما غاتقاد . almassae.maktoobblog.com