بعد الجدل الذي رافق مشاركته في مهرجان "كان"، يتنافس فيلم "آدم"، للمخرجة المغربية مريم التوزاني، على جوائز الأوسكار للسنة المقبلة، ومهرجان الجونة السينمائي بحر الشهر الجاري. واختار المركز السينمائي المغربي "آدم" للتنافس على جوائز المهرجان العالمي في صنف "أفضل فيلم أجنبي"، حسب معايير أعدتها أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية، بعد تحقيقه لإجماع من طرف لجنة الاختيار. مصادر من المركز قالت في حديث لهسبريس إن "اللجنة أجمعت على ترشيح آدم للتنافس حول جوائز الأوسكار، أمام قلة الإنتاجات السينمائية لهذه السنة"، معتبرة أن الوقت حان لتنال السينما المغربية مكانتها في المشهد السينمائي العالمي، وتواكب التطورات التي عرفتها خلال السنوات الأخيرة. وأضافت المصادر قائلة: "رغم خوض (آدم) في معركة النساء العازبات، الموضوع الذي سبق أن تم تناوله مرارا في سينمانا المغربية والعربية، غير أن التوزاني نجحت في صياغته في قالب سينمائي متميز، وهو ما جعل الفيلم يتبوأ مكانة مميزة في المشهد السينمائي العربي والعالمي". الناقد الفني محمد الإبراهيمي أثنى بدوره على المقومات الجمالية للفيلم، وثمّن اعتماد التوزاني على زاوية إخراجية جديدة وضعت فيها التفاصيل تحت مجهر عدسات الكاميرا لرصد الحياة اليومية لأم عازبة وتصوير الشخصيات عن قرب من المعاناة، بالإضافة إلى الأداء المقنع طيلة ساعة وأربعين دقيقة من الفيلم، حيث أبانت نسرين الراضي في دور "سامية" على قدرة كبيرة في خلق إحساس رهيب. ما جعل "آدم" مميزا عن باقي الأفلام التي عالجت الموضوع ذاته، يسترسل الناقد المغربي في حديثه لهسبريس، كون التوزاني "صنعت شريطا عن المرأة بعيون وأحاسيس امرأة، ونأت عن توزيع الاتهامات كما يحدث في أفلام مماثلة". واختارت التوزاني إشكالية الأمهات العازبات في المغرب موضوعا لفيلمها "آدم"، عبر قصة "سامية"، وهي فتاة قروية أقامت علاقة خارج إطار الزواج نتج عنها حمل، لتقرر في الشهر الثامن منه التخلي عن رضيعها لمن يرغب في تبنيه. وقالت مخرجة العمل في حديث لهسبريس: "آدم يعكس ما كنت أود قوله والقيام به من خلال عدسة الكاميرا، وأنا سعيدة ومتأثرة للغاية بمشاركة الفيلم في مهرجان بهذا الحجم والاعتراف به". يفتتح الفيلم بمشهد للممثلة نسرين الراضي، التي أدت دور الشابة الحامل سامية، وهي بصدد طرق أبواب منازل أحد الأحياء الشعبية في الدارالبيضاء طلبا للعمل، بعد أن قررت الابتعاد عن أسرتها بحكم أن الحمل نتج عن علاقة خارج الزواج. لكن الكل رفض فتح أبواب منزله في وجهها، لتجد نفسها عرضة للشارع أمام منزل عبلة، وهو دور لعبته لبنى أزابال، وهي أرملة تربي ابنتها الوحيدة بمفردها بعد وفاة زوجها في حادث سير. تتواصل أحداث الفيلم وتتطور معها علاقة سامية بابنة عبلة، تسللت معها الابتسامة إلى كل شخصيات الفيلم، إلى حين وضعت سامية مولودها الذي فتح صفحة جديدة في عذابها، ووجدت نفسها أمام نظرة المجتمع القاسية ورفض الأسرة، وصراخ المولود المتواصل. تجدر الإشارة إلى أنه تم تتويج الفيلم الطويل "آدم" خلال مهرجان الفيلم الفرنكفوني لأنغوليم (جنوب غرب فرنسا) الذي نظم في الفترة ما بين 20 و25 غشت 2019.