ارتباطا بحادث تبادل "القبل" بين الممثلتين المغربيتين نسرين الراضي ولبنى أزبال، على هامش مهرجان "كان" للسينما، الذي خلق كثيرا من الجدل، نشر المنشط التلفزيوني والناقد السينمائي بلال مرميد، تدوينة مطولة جدا عبر حسابه الفيسبوكي، عنونها ب" آدم في كان .. بعيدا عن القبل .. قريبا من السينما"، حيث كشف "بلال" بعيون العارف تفاصيل أكثر دقة عن هذا الشريط الذي جر عليه كثيرا من القيل والقال. وجاء في تدوينة "مرميد": "بدأ الشريط بلقطات مقربة ترصد ملامح سامية (نسرين الراضي) المرأة الحامل خارج إطار الزواج و التي توصد في وجهها الأبواب، و ينتهي بعد ساعة و ثمان و ثلاثين دقيقة بلقطة مقربة لنفس الشخصية التي تفتح الباب لتغلقها مغادرة رفقة مولودها "0دم" نحو المجهول". وتابع ذات الواصف: "المجهول يرافقها من أول الشريط، و يبقى مستأسدا إلى أن ينتهي العمل الذي يحكي معاناة أم عازب نتعرف عليها وهي في فترة حمل متقدم. مجتمع يرفضها، و حالة تيه تعيشها بين الأزقة القديمة للدار البيضاء خلال بحثها عن بيت تشتغل فيه ليأوي جسدها و جسدا صغيرا لرضيعها الذي قد يأتي بين الفينة و الأخرى. تستمر اللقطات المقربة التي لجأت إليها المخرجة لتصوير قسمات (سامية). ينتهي بها المطاف عند عبلة (لبنى أزابال) التي فقدت رفيقها في الحياة، و تعيش رفقة ابنتها. علاقة متشنجة، ليحصل التقارب تدريجيا رغم نز الأعصاب". ويضيف بلال متحدثا عن فيلم "آدم" : "يستوعب المشاهد بأن المخرجة تريد أن تمرر فكرة مفادها أن المرأة التي تعاني هي سند امرأة أخرى تعاني، أما الرجل فيغيب و لا يوجه له اللوم في أي لحظة من لحظات شريط صنعته المرأة من أجل المرأة. في الفيلم، كثير من النوستالجيا، و كثير من التفاصيل يبدو أن مريم التوزاني (المخرجة) عايشت مثيلا لها من ذي قبل". "تعطف عبلة على سامية"، يواصل المتحدث، "وتساند "سامية" مضيفتها، و تساعدها على التحرر من عقد ماضيها، وفي الخلفية أغنية "بتونس بيك" لوردة التي تصير مع مرور الدقائق مؤشرا على حصول تصالح مع الألم و عبور نحو الأمل. الأمل يعود ليختفي في 0خر دقائق الشريط، حين يرى "0دم" النور في ظروف عسيرة. أم عازبة ترفضه و تتأهب للتخلي عنه، و صديقة تشجعها على الاحتفاظ به. قوة الفيلم في نهايته، حين تعانق "سامية" ابنها و تفكر في تصفيته ثم تقترب منها الكاميرا أكثر حين تعيد احتضانه في إشارة إلى اقتناعها بحقه في الحياة. تغادر رفقة ابنها فيما بعد نحو المجهول، و يغادر المشاهدون قاعة "Debussy" الشهيرة بعد أن لفظ الفيلم أنفاسه، و لفظت المقاعد أجساد مشاهدين حركتهم الدقائق الأخيرة من 0دم". "موضوع الأم العازبة"، يؤكد مرميد، "سبق أن تم تناوله مرارا في سينمانا المغاربية و العربية. قد يقول قائل بأن "مهرجان كان" يختار عن قصد الأفلام التي تتناول مثل هذه المواضيع، و هي ملاحظة لن يمارس اثنان بخصوص صحتها حين يتوفر للفيلم الحد الأدنى من مقومات جمالية. الجديد هنا، أن مريم التوزاني صنعت شريطا عن المرأة اعتمادا على كفاءة المرأة لعرض معاناة المرأة". وتابع:"بغض النظر عن الجدل الذي أعقب التقاط صور خارج صالة العرض و هو أمر لا يهمني في هذا المقام، وجب الإقرار بأن الكاستينغ الأنثوي كان موفقا، و الحديث هنا عن نسرين الراضي و لبنى أزابال و الطفلة دعاء بلخودة و حسنة طنطاوي بدور ثانوي. أداء فيه إقناع في أغلب فترات الشريط، مع تسجيل بعض الملاحظات منها مثلا دارجة لبنى أزابال التي كان بالإمكان الاشتغال عليها أكثر قبل الشروع في التصوير. في 0خر دقائق الفيلم، أبانت الممثلة نسرين الراضي على قدرة كبيرة في خلق إحساس رهيب، و تقديم أداء يتغذى من الداخل. دور "سامية"، يستحق الإشادة و يظهر بأن الشخصية تم الاشتغال على بنائها مطولا و بعناية. بعيدا عما رافق عرض الفيلم، بالإمكان القول بأن الراضي التي حملت الفيلم لعبت أفضل أدوارها في السينما لحد ال0ن، و هو أمر سيتأكد منه الخلق بعد عرض الفيلم في القاعات لاحقا". وشدد بلال على أن "المخرجة مريم التوزاني، وفي في محاولتها الأولى في صنف الفيلم الطويل، نأت عن توزيع الاتهامات كما يحدث عادة في أفلام بمواضيع مماثلة، و أرادت أن تمنح الأم العازبة فرصة الإفضاء بما يساورها من مخاوف تخص مستقبل ابنها الذي قد يعيش رفضا من ذويه و بني جلدته. 0خر الكلام، في هذا الركن لم و لن نتحدث عن قبلة أو صفعة لأن ما يهمني شخصيا هو ما أشاهده في قاعة العرض. هو ركن سينمائي، و سيبقى كذلك على الدوام مع احترامي لاختيارات ال0خرين. "0دم"، طفل ولد خارج مؤسسة الزواج و جعل مريم التوزاني داخل ثاني أهم المسابقات هنا في مهرجان "كان". هنيئا لها و لفريق عملها، و بالتوفيق ل "0دم" في مشاركاته المقبلة، وبالتوفيق أيضا لكل السينمائيين المغاربة في محاولاتهم المضنية لفرض الذات في مواعيد عالمية توضع أمام الراغبين في المشاركة فيها عراقيل كثيرة .. لكم قبلاتي من "كان"، و لا أحتاج طبعا لأذكر بأنها كانت و ستبقى قبلات أخوية".