شهدت مدينة خريبكة، الاثنين، تنظيم حملة وُصفت ب"الكبرى في تاريخ المدينة"، وأسفرت عن تحرير جميع الشوارع والأزقة الواقعة وسط المدينة من الباعة الجائلين، وهي العملية التي لقيت ترحيب "الفراشة" الذين كانوا يتاجرون بالملابس والأواني والأحذية في الشارع العام، في وقت أثارت غضب واحتجاج أصحاب عربات بيع الخضر والفواكه. انتهاء أجل احتلال الشوارع قرار السلطات إخلاء وسط مدينة خريبكة، انطلاقا من شارع مولاي إسماعيل والأزقة المجاورة له والمتفرعة عنه، جرى إعلانه بشكل نهائي قبل عيد الأضحى، محددة يوم الإثنين الأخير من شهر غشت موعدا لتحرير الملك العمومي، بعدما صار السوق النموذجي 20 غشت لتجارة القرب جاهزا لاستقبال عدد من "الفراشة". انتقال بائعي الملابس والأحذية والأواني من "شارع شوفوني" إلى السوق النموذجي المذكور، صباح الاثنين، من أجل تسلّم محلاتهم التجارية الجديدة بشكل رسمي، جرى تحت إشراف ممثل للسلطة المحلية ورؤساء جمعيات الباعة الجائلين بخريبكة، بحضور أزيد من 400 مستفيد ومستفيدة. تسلّم المحلات بشكل رسمي أوضح شكيب الشعفي، نائب رئيس جمعية الوحدة للإشراف والتسيير لفضاء 20 غشت لتجارة القرب، أن "التوزيع بشكل رسمي تم تحت إشراف خليفة القائد الذي يتولى مهمة ضبط اسم وهوية المستفيد ورقم المحل التجاري الذي استفاد منه، في إطار قرعة أجريت في وقت سابق، في وقت تولى رؤساء الجمعيات مهام جمع توقيعات المستفيدين فعلا، حتى تمرّ العملية بشكل مضبوط". وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن "الشركات هي التي تتولى عادة تسيير الأسواق النموذجية، إلا أن المستفيدين من محلات بالسوق النموذجي 20 غشت غير قادرين على أداء مستحقات هذا النوع من المقاولات، وهو ما دفعهم إلى البحث عن حلول أخرى لتدبير كل ما يتعلق بعمليات النظافة والحراسة والصيانة استهلاك الماء والكهرباء". واجبات شهرية وضمانات رمزية وأوضح الشعفي أن "المستفيدين من المحلات التجارية استعانوا بخبراء في المجال، من أجل تقييم المصاريف الشهرية التي ستتطلبها العمليات المذكورة، وتم الاتفاق مبدئيا على أداء 400 درهم لكل مستفيد خلال الشهرين الأول والثاني كمرحلة تجريبية، في أفق تحديد المبلغ الشهري الرسمي الذي يسمح بأداء مختلف التكاليف داخل السوق، والأكيد أنه سيكون أقل من 400 درهم شهريا". وختم المتحدث ذاته تصريحه للجريدة بالتأكيد على أنه "إلى جانب ما ذُكر، تم الاتفاق على أداء 500 درهم فقط على شكل ضمانة رمزية، في وقت يتمّ فرض ضمانات بمدن خرى تتراوح بين 5000 درهم و8000 درهم، تحتفظ بها الجمعية، وكلما رغب أحد المستفيدين في التخلي عن محله لسبب من الأسباب يكون من حقه استرداد المبلغ". انتقال سلس من الشارع إلى السوق أما المصطفى علاوي، رئيس جمعية الوحدة للإشراف والتسيير لفضاء 20 غشت لتجارة القرب، فأكّد أن "الجميع تجند اليوم لتسهيل عملية انتقال بائعي الملابس والأواني والأحذية من الشارع العام إلى السوق النموذجي، وهو ما تمّ فعلا بفضل تعاون المستفيدين وأعضاء الجمعيات والسلطات المحية والإقليمية". وأضاف المتحدث ذاته أن "الأهم في العملية يتمثل أساسا في الانتقال إلى السوق النموذجي وتسلم 468 محلا تجاريا، على أن يتم إيجاد الحلول المناسبة لباقي النقط التي تستأثر باهتمام المستفيدين، خاصة ما يتعلق بالتكاليف الشهرية للنظافة والحراسة والصيانة والماء والكهرباء"، مشيرا إلى أن "الأمور تسير بشكل تشاركي وواضح وسلس". احتجاج فئتين من "الفرّاشة" وفي وقت استقبل السوق النموذجي المستفيدين والمستفيدات، تجند ممثلو السلطات المحلية والمنتخبة والأمن الوطني والقوات المساعدة والوقاية المدنية لتحرير الملك العمومي من بائعي الخضر والفواكه الذين رفضوا إخلاء الشارع الذي دأبوا على احتلاله بالقرب من سوق السمك الواقع وسط المدينة. وبرّر بائعو الخضر والفواكه رفضهم إخلاء "شارع شوفوني" بكون الساحة التي خُصّصت لهم بالحي السكني الخوادرية، من أجل مزاولة أنشطتهم انطلاقا من اليوم، لا تستجيب لأدنى شروط التجارة، مطالبين الجهات المعنية بتوفير سوق نموذجي من شأنه تأهيل وتنظيم تجارة الخضر والفواكه، عوض نقل العربات من وسط المدينة إلى ساحة عشوائية وذات أرضية ترابية. إنزال أمني ورفع للاحتجاج ومع تدخل السلطات المحلية لحجز بعض العربات بالمكان المذكور، حمل المحتجون الراية الوطنية وصور الملك محمد السادس والملك الراحل الحسن الثاني، مردّدين شعارات من قبيل "هذا عيب هذا عار، والشباب في خطر"، و"الشفارة فوتونا، راكم شرّدتونا"، و"المبادرة ها هي، والمشاريع فين هي"، و"المدينة مظلومة، والحقوق مهضومة". ونظرا لتصاعد حدّة الاحتجاجات، استنفرت القوات العمومية عناصرها التي شكّلت حاجزا بشريا بين المحتجين والشارع العام، من أجل تأمين انسيابية الحركة المرورية، في وقت بدأ بائعو الخضر والفواكه يردّدون شعارات من بينها "تحية نضالية للسلطة المحلية"، و"سلمية سلمية، لا حجرة لا جنوية، ولا خدمة لا تنمية"، و"هذا عيب هذا عار، ولادنا في خطر"، و"يا صاحب الجلالة، أجي تشوف هذه الحالة". وبعدما عبّر المحتجون عن رفضهم للطريقة التي تم بها إخلاء الشارع العام، أعلنوا رفع الشكل الاحتجاجي تفاديا للدخول في مواجهات مع القوات العمومية، مؤكدين في الوقت ذاته رفض الالتحاق بالساحة التي تشير السلطات إلى أن الانتقال إليها سيكون مؤقتا، في انتظار إيجاد الحل الأمثل لهذه الفئة من الباعة الجائلين.