قالت جمعية بيت الحكمة إنها "تلقت بقلق شديد وأسف بالغ خبر اعتماد المجلس الحكومي مشروع قانون رقم 58.19 المتعلق بالمصادقة على ما يسمى "عهد حقوق الطفل في الإسلام"، المعتمد خلال الدورة الثانية والثلاثين لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقدة بصنعاء من 28 إلى 30 يونيو 2005". وأضافت الجمعية، في بيان لها، أنه "انسجاما مع أهدافها الرامية إلى الترافع حول حقوق الإنسان بصفة عامة وحقوق الطفل على وجه الخصوص، وبعد دراسة مستفيضة لهذا العهد، تعلن جمعية بيت الحكمة للرأي العام الوطني والدولي استنكارها الشديد لهذا التصرف الذي أقدمت عليه الحكومة المفتقر للحس التشاركي والذي يشكل محاولة للمس بالمكتسبات الحقوقية التي راكمها المغرب في مجال حماية الطفل عبر مصادقته على اتفاقية حقوق الطفل المعتمدة من طرف الأممالمتحدة، كمرجعية كونية في هذا المجال، إلى جانب البروتوكولات المرفقة بها، وإدراج مقتضياتها في دستور2011، مما ساهم بشكل كبير في النهوض بالتشريع الوطني والتقدم في ملاءمته مع المرجعية الكونية في مجال حقوق الإنسان". وعبّرت الجمعية، في البيان الذي توصلت به الجريدة، عن "رفضها التام لهذا العهد الذي يعتبر انتكاسة حقوقية، لكونه يتضمن مفاهيم مطاطة مبهمة قابلة للتأويل بشكل رجعي قد يضرب في الصميم مكتسبات بلادنا ويناقض التزاماتها الدولية، من قبيل "ثوابت الأمة الإسلامية الثقافية والحضارية"، و"أحكام الشريعة الإسلامية"، و"الحلال"، و"الحرام"، وغيرها من المفاهيم التي تم توظيفها في العديد من الدول لممارسة كافة أشكال الانتهاكات والتضييق على الحقوق والحريات". وجاء ضمن البيان ذاته أن "الالتزامات الواردة في هذا العهد لا ترقى إلى الالتزامات الدولية للمغرب الذي صادق على جل الاتفاقيات الدولية، والتي تم إدراج معظمها في التشريع الوطني، وبالتالي نستغرب لهذه الرغبة في الرجوع إلى الوراء بدل العمل على ضمان حماية قانونية للطفل بشكل يتماشى وأحكام الاتفاقيات الدولية ذات المرجعية الكونية". وحذّرت الجمعية ذاتها من "تبعات تمرير هذا المشروع الذي يشكل تراجعا خطيرا عن المكتسبات التي تحققت في مجال منظومة حقوق الإنسان في المغرب، وما قد ينجم عنه من سياسات عمومية وإجراءات ستمس حقوق المواطنات والمواطنين وتمس بصورة المغرب كنموذج متميز في مجال ملاءمة تشريعاته الوطنية مع مقتضيات حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها كونيا". وتدعو الجمعية، حسب البيان، "مختلف المؤسسات والهيئات المدنية والسياسية وعموم المواطنات والمواطنين إلى التحلي باليقظة وتشكيل جبهة مدنية قوية للوقوف ضد التيار الرجعي الذي يحاول جاهدا ضرب المكتسبات الحقوقية لبلادنا وضرب الطابع المدني للدولة المغربية". كما تدعو "ممثلي الأمة بالبرلمان، أغلبية ومعارضة، إلى تحمل مسؤوليتهم في الوقوف سدا منيعا أمام محاولات تمرير مشروع القانون المشار إليه بعيدا عن الأنظار وفي غياب أي نقاش حوله". وختمت الجمعية بيانها بالإشارة إلى أنها "تهيب بالحكومة المغربية والأحزاب المشكلة للأغلبية التحلي بروح الوطنية واحترام التوجه الديمقراطي للدولة المغربية التي اعتمد دستورها مرجعية حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها كونيا، كما تدعوها إلى تغليب المصلحة العامة للبلاد على جميع الاعتبارات الحزبية والإيديولوجية، عبر إشراك الهيئات الوطنية وعلى رأسها المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني المعنية بقضايا الطفل في اتخاذ القرار بشأن هذا العهد وكل القضايا المرتبطة بحقوق الطفل".