كان خدم المخزن المكلفون بالسخرة وتنفيذ الأوامر وتبليغ الأخبار من مسخرين ومشاورية ومخازنية... ملزمين بارتداء نوع خاص من اللباس يميزهم عن غيرهم من ساكنة دار المخزن. وبهذا الصدد كانوا يخضعون لنظام هندامي ولباسي صارم؛ فقد قال ابن زيدان في "إتحاف أعلام الناس": "كانت هذه الأنماط اللباسية المحددة (يقصد المحددة لخدم وعبيد المخزن) تخضع لقوانين مخزنية داخلية صارمة لا يمكن خرقها، وكل من افتات أو جاوز حده المحدود له تجري عليه الأحكام المخزنية". فراطيس المخزن فرض على كل الخدم، سواء داخل دار المخزن أو خارجها، أن يضعوا على رؤوسهم الشاشية الحمراء، ليعرف انتماؤهم للمخزن حيثما حلوا أو ارتحلوا. "فقد كان هذا الاحتفاظ بالشاشية الرسمية يجلب للكثيرين منهم المناقب، كما قد يجلب لبعضهم المثالب. وفي كلتا الحالتين كان من الواجب على من يضعها أن يراقب نفسه لكي لا يقع في كل ما من شأنه أن ينال مما قد ترمز إليه من هيبة المخزن وسلطته". وقد شكل غطاء الرأس في الثقافة المخزنية رمزية خاصة تحدد درجة ومكانة أي شخص ضمن الهرمية المخزنية. ووفق ذلك، منع المكلفون بخدمة السلطان المتعلقة بالإشراف على أواني الوضوء والنظافة (أو من يسمون بأصحاب الوضوء)، أو المكلفون بحمل النعال السلطانية، بالإضافة إلى المكلفين بجلب الماء والقيام بشؤون السقاية والحطب والمؤونة على ظهور الحمير والبغال (أو من يسمون بالحمارة) من تغطية رؤوسهم، حيث لا يحق لهم ارتداء حتى القلانس، فهم يؤدون مهامهم مكشوفي الرؤوس. لأجل ذلك كانوا يسمون بالفراطيس، أي حاسري الرأس. كما يمنع على العبيد والخدم المشرفين على صيانة الاصطبلات السلطانية (أصحاب الاروى) ارتداء العمامة إلا بإذن سلطاني خاص، بالإضافة إلى منعهم من ارتداء الجلاليب و"السلاهم" (البرانس) وفق القواعد السارية داخل دار المخزن. خدم البروتوكول السلطاني بعد وفاة المولى إسماعيل، فقد جيش البخاري قوته وهيبته العسكرية، بسبب إضعافه من طرف السلطان سيدي محمد بن عبد الله الذي شتت فرقه، في حين تم الاحتفاظ بفرق أوكلت لها مهمة الدفاع عن أفراد السلطان، والخدمة ضمن حناطي القصور السلطانية. فقد تم في إطار الإصلاحات التي قام بها السلطان المولى الحسن لإعادة هيكلة الجيش المخزني، تخصيص هذا الحرس بلباس خاص على الطراز التركي، عادة ما يتكون من سروال أخضر أو أزرق، و"بدعية" و"كبوط" أحمر ونعال بنية وطربوش أحمر. لكن هذا اللباس لم يمنع من أن تكون هناك مجموعة من القوانين المرعية تحدد نوعية اللباس أو الشارات الخاصة بكل فرقة من فرق هذا الحرس. فقواد (أراحي الجيش) يتميزون بمناديلهم مختلفة الألوان وبأحزمتهم التي تدل على مراتبهم. فقد كان "منديل قايد الرحى من الموبر المزركش بالذهب، ومنديل قايد المئة من الجلد المزركش بالحرير...". في حين يمنع على أصحاب المحفة السلطانية، الذين يرافقون السلطان في المهام الرسمية، ارتداء البرنس أثناء مصاحبتهم للسلطان عندما يكون ممتطيا صهوة الجواد، وإنما يمشون متجردين في "القفطان" و"الفرجية". لكن بخلاف أصحاب المحفة، يسمح للفرايكية، وهم المكلفون بضرب الخيام السلطانية وتهيئة المطارح والأفرشة والإشراف على تأثيثها وتنظيمها، ارتداء البرانس فوق ملابسهم الداخلية، في حين يمنع على من يرتدي "الكسا" منهم تغطية رؤوسهم ب"قب البرنس" في الأوقات الرسمية، لأن تغطية الرأس مقتصرة على السلطان وخاصة به. كما يمنع على أصحاب المكاحل والبنادق ارتداء العمامة إلا برخصة أو إذن خاص، حيث إن أغطية رؤوسهم هي "الشاشيات"، بينما يتميز قائد المشور الذي يتقدم الموكب السلطاني عن باقي المسخرين بارتداء البرنس ووضع عمامة ملفوفة على طربوش فوق رأسه، ويتقلد سيفا ويحمل عصا طويلة في يده اليمنى. أما من يسمى "الأربعاويات"، وهم الذين يتقدمون السلطان مشيا على الأقدام في مختلف الأعياد والمناسبات لفسح الطريق لموكبه (وقد سموا الربعاويات أو الاربعاويات لأنهم يتحركون أمام الموكب السلطاني أربعة وراء أربعة في كل صف)، فقد جرت العادة المخزنية أن يلبسوا القفاطين الحمراء بدون فرجيات، ويشدون خصورهم بأحزمة عريضة، ويحملون على عواتقهم بنادق طويلة ومنتصبة، في حين يضعون على رؤوسهم قلانس مخروطية تدعى في اللسان الدارج بالشاشيات المخزنية، في حين تنعت بنادقهم بالمكاحل.