في "السويقة" بالعاصمة الرباط، تعجّ محلات بيع الهواتف المحمولة وإكسسواراتها بأجهزة مقلّدة؛ من بينها شواحن الهاتف، التي خلفت مآسٍ عديدة في المغرب خلال السنوات الأخيرة، لتسببها في حرائق أتت على بيوت وأودت بأرواح. حين تهمّ بشراء شاحن هاتف غالبا ما يسألك البائع إن كنت ترغب في شراء شاحن عادي أم "شي حاجة مزيانة"، ويقصد منتجا جيدا، بينما الشاحن العادي هو المقلد، ويتم استقدام مثل هذه الشواحن في الغالب من الصين، وفق صاحب محل لبيع الهواتف المحمولة بالرباط. نهاية الأسبوع الماضي، عاد موضوع ترويج شواحن الهواتف المقلدة في السوق المغربية بقوة إلى ساحة النقاش العمومي، بعدما تسبب شاحن في اندلاع حريق ببيت في سيدي علال البحراوي، أودى بحياة طفلة بشكل درامي، وطرح علامات استفهام حول الجهة التي تتحمل مسؤولية السماح بترويج هذه المنتجات الخطرة في السوق. يرى بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن مسؤولية ترويج شواحن الهاتف المقلّدة مشتركة بين الحكومة والمستهلكين؛ فالحكومة، بحسبه، لا تقوم بحملات تحسيسية لتوعية المواطنين بخطورة شواحن الهاتف المقلدة، وعدم شراء إلا الشواحن المطابقة للمعايير المغربية. وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي اتخذت إجراء بوضع علامة CE الدالة على مطابقة المعايير المغربية على الشواحن المستجيبة لهذه المعايير؛ غير أن العمل الذي قامت به الوزارة لم يثمر نتائج كبيرة، نظرا لمحدودية حملة التحسيس والتوعية التي واكبته. ويرى بوعزة الخراطي أنّ مسؤولية حماية المواطنين من مخاطر شواحن الهاتف المقلدة تقع بالدرجة الأولى على الحكومة، المُلزمة، طبقا للدستور، بحماية المواطن المغربي من أية مخاطر، وباعتبارها الجهة المالكة للإمكانات المادية والبشرية للقيام بهذا الدور، بإخضاع المنتجات التي تفد على المغرب والرائجة في السوق للمراقبة، وكذلك توعية المواطنين بعدم استعمال المنتجات المقلدة. وبالرغم من أنّ المستوردين مُلزمون بالإدلاء بما يثبت استجابة المنتجات التي يستوردونها من الخارج للمعايير المغربية، فإنّ ضعف مراقبة شواحن الهاتف المستوردة يحول تفعيل هذا الالتزام. ويعزو بوعزة الخراطي ضعف المراقبة إلى قلة الموارد البشرية والإمكانات اللوجستية. ومقابل تحميل مسؤولية ترويج الشواحن المقلدة في السوق المغربية للحكومة، يحمّل رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك المسؤولية أيضا للمستهلك المغربي، لإقباله على شراء شواحن الهاتف المقلدة، قائلا "المواطن يشتري هذه الشواحن نظرا لانخفاض سعرها؛ لكنه ينسى أنها قد تُكبّده، في أي لحظة، خسائر فادحة. المغاربة يقولون عْند رخصو تخلي نصو".