عكست الأحداث والوقائع المتتالية طوال الفترة الأخيرة توجها عامّا لدى المغاربة، لاسيما في مواقع التواصل الاجتماعي، ينحو صوب التشهير بالأشخاص دون استحضار التبعات القانونية المرصودة في النظام المغربي، حيث صارت المنصات الاجتماعية عبارة عن "محكمة" تصدر فيها الأحكام الجاهزة من قبل المجتمع دون التأكد من صحة الأخبار المنتشرة فيها. الشعباني: فراغ قانوني في هذا الصدد، قال علي الشعباني، باحث في علم الاجتماع، في تصريح أدلى به لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن "التشهير الذي يطال الأشخاص عبر في مواقع التواصل الاجتماعي عبارة عن جنحة يعاقب عليها القانون، لكن هناك من يستغل الفراغ القانوني الموجود في مواقع التواصل الاجتماعي للتشهير بالأفراد وانتهاك حرمتهم وكرامتهم". وأضاف الشعباني أن "هناك فرقا بين التشهير والدعاية والرغبة في الإشهار للأشخاص"، مؤكدا أن "التشهير هو ما يمس بعض الحالات الشخصية، لاسيما ما يتعلق بكرامة وحرمة الإنسان"، مبرزا أن "التشهير الذي يطال الأشخاص في مواقع التواصل الاجتماعي يمس بالتوازن الاجتماعي والعلاقات"، مشددا على أنه "عندما يتعرض الشخص للتشهير، فإن كرامته تنحط أمام المجتمع وتنتقص قيمته". جعفر: البحث عن الفضيحة من جهته، صرح سعيد جعفر، باحث في علم الاجتماع، لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن التشهير الذي يطال الأشخاص في مواقع التواصل الاجتماعي "لا يمكن عزله عن المستوى النفسي المرتبط بالغريزة الدفينة لدى الأفراد في السيطرة على الآخر وتعريته اجتماعيا، وكذلك تملك الأشخاص لحد معين من النفاق الاجتماعي، والبحث عن الفضيحة". وأضاف الأستاذ بالمعهد العالي للصحافة والإعلام أن "التشهير بالآخر في مواقع التواصل الاجتماعي ليس بالشيء الجديد على المجتمع، بحكم أنها ظاهرة زامنت الإنسان تاريخيا"، مبرزا أن "حالة التشهير في مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب احتكت بوجود أفعال يقوم بها الإنسان المغربي ك (التبركيك، الحضية، الوشاية)، بغية التشهير بالأشخاص، وتشويه سمعتهم". وعزز جعفر قوله بالتأكيد أن "ظاهرة التشهير أخذت بعدا سياسيا يكمن في تشويه السياسيين بعضهم البعض، من أجل الحط من قدراتهم التنافسية ومن تنافسهم الانتخابي"، مضيفا أن "من بين أشكال التشويه التي تطال السياسيين، الاتهام بالعمالة للخارج، والاتهام بالشذوذ الجنسي، والكفر، والتطرف". وأورد جعفر أن "ما انضاف في السنوات العشر الأخيرة، هو توظيف منصات التواصل الاجتماعي للاستفادة من سرعتها ومن تأثيرها كأيقونات، ومن حاجة نفسية للأشخاص لتلقيها، من خلال الشبكة العنكبوتية التي تضمن وفرة تتبع وتبادل المعلومات والصور". بنزاكور: تبعات نفسية أما محسن بنزاكور، الباحث في علم النفس الاجتماعي، فقد أبرز أن "التشهير الذي يطال الأشخاص في مواقع التواصل الاجتماعي هو في الأصل استغلال للعالم الافتراضي من أجل انتقام الأشخاص بين بعضهم البعض"، مشيرا إلى كون "التشهير ينقسم إلى عدة مستويات، أهمها التشهير بالمشاهير أو الوجوه المعروفة، والتشهير بين المراهقين، أو بين أشخاص من نفس العمل، أو من نفس الأسرة". وأضاف بنزاكور، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن التشهير "يمس كل الطبقات الاجتماعية وكل الفئات العمرية"، مبرزا أن "مفهوم التواصل الاجتماعي تغير؛ إذ أصبح وسيلة للبحث عن الفضائح وليس للتعارف"، مردفا أن "الناس ولات كتقلب غير على نسب المشاهدات، وكطريقة لجلبها هي الفضائح". وأورد المتحدث أن "خطورة مواقع التواصل الاجتماعي تكمن في سرعة انتشار المعلومة، وكذا الصورة والفيديو"، مشيرا إلى أن الأبعاد النفسية للتشهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي تتجلى في "فقدان الشخص قبول وتقدير المجتمع، فيدخل في دوامة الانعزال والخوف من مواجهة الآخر ونقص المبادرة الذاتية، ثم عدم الثقة بالنفس، مما يؤدي في بعض الحالات إلى الاكتئاب، والانتحار". الكلاع: عقوبات قانونية من الناحية القانونية، أوضحت عائشة الكلاع، محامية بهيئة الدارالبيضاء الكبرى، أن "القانون المغربي يعاقب على التشهير بمواقع التواصل الاجتماعي بأية وسيلة، سواء بالصور أو الفيديوهات أو التدوينات، باعتباره جريمة من الجرائم الإلكترونية التي نظمها التعديل الجديد للقانون الجنائي، ونص عليها في الفقرة الثالثة من الفصل 447، القاضي بالحبس من سنة إلى خمس سنوات". أما بالنسبة للفقرة الأولى والثانية من الفصل 447، بحسب لكلاع، فإن "العقوبة، تمتد من ستة أشهر إلى 3 سنوات، مع غرامة مالية، سواء كانت الأخبار التي تم التشهير بها صحيحة أو لا، باعتبارها تدخل في انتهاك خصوصية الغير التي ناقشها قانون مناهضة العنف ضد النساء 103.13". *صحافية متدربة