نظرة احتقار وانتقاص تُجاه عامل النظافة في المجتمع المغربي رغم وظيفته المحورية داخل النسق العام، بحيث يُلقب بتسميات قدحية تحُط من قيمته وتجعل مكانته المجتمعية موضع تساؤل على الدوام، بفعل التنشئة الاجتماعية الموروثة التي تنظر بعين التنقيص لأي شخص يشتغل في مهن هامشية مرتبطة بالفقر والتهميش بالدرجة الأولى. وقد سّلط عيد الأضحى الضوء من جديد على هذه الظاهرة المجتمعية، بحيث تداولت مواقع التواصل الاجتماعي العمل الدؤوب الذي يقوم به عمال النظافة في مختلف المدن، لاسيما خلال هذه الفترة التي "تغزو" فيها الأزبال الشوارع والأحياء، إلا أنه بمجرد انقضاء هذه المناسبة تعود الفكرة النمطية نفسها التي ترسخت لدى المغاربة بخصوص هذه المهنة. وعن جذور هذه النظرة النمطية تجاه عامل النظافة، قال علي الشعباني، باحث في علم الاجتماع، إنها "مسألة تراكمات طوال السنوات الماضية، حيث تتعلق بثقافة معينة لدى المجتمع المغربي الذي كان يحتقر الضعفاء دائما، فهو مجتمع يمتاز بنوع من التعالي نلمسه في التنشئة الاجتماعية، سواء تعلق الأمر بالبوادي أو المدن". وأضاف الشعباني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "المغاربة يحتقرون دائما من يصغرهم أو يخدمهم، وهو ما يتجسد في كيفية تعامل الأسرة مع خادمتها، وكذلك فيما يتعلق بطريقة تعامل المسؤولين مع عمالهم، لأن العامل المشترك هو نظرة التعالي من لدن فئات تشعر أو تحس بأنها راقية اجتماعيا، ومن ثمة تحتقر الطبقات الصغرى". وأوضح الأستاذ الجامعي أن "هذه المسألة (التعالي) نعاينها في البوادي، بين مالك الضيعة في علاقته بالعامل أو الراعي أو الفلاح، وهي نظرة تنقيص بشكل عام". وتساءل الشعباني: "من سيجمع الأزبال إن لم يقم بها عامل النظافة؟ معتبرا ان ذلك يؤكد القيمة الكبرى لهذه المهنة، "لأنه لولاهم (عمال النظافة) لغرقنا في الأزبال والروائح الكريهة". وتابع بالقول: "هي ثقافة موروثة في المجتمع المغربي تقوم بانتقاص هذه الأعمال التي نتهرب منها، فحينما نُريد أن نُعير إنسانا نُعيّره بمثل هذه المهن.. نشتمهم (عمال النظافة) ونلصق بهم هذه النعوت رغم قيمة الأعمال التي يؤدونها، لأنها ثقافة راسخة في المجتمع تقدس التراتبية الاجتماعية، سواء تعلق الأمر بالمسؤولية الإدارية أو المنزلية، وكذلك في الشارع أو المعمل، وهكذا دواليك".