سلوكيات غريبة باتت العنوان الأبرز لشهر رمضان بالمغرب، ففي كل سنة تشرع السلطات الرسمية في توزيع إعانات غذائية لصالح الفقراء، في إطار ما يصطلح عليه ب"قفة رمضان"، ترافقها هالة إعلامية وتواصلية تطرح الكثير من الجدل، لاسيما ما يتعلق بطريقة التوزيع المُهينة، ما دفع العديد من الفاعلين إلى المطالبة بإيجاد طرق عصرية ناجعة من شأنها مساعدة الفقراء أكثر، من قبيل اعتماد الأظرف المالية. والمثير في الأمر أن السلطات حوّلت "قفة رمضان" إلى علامة للفقر الاجتماعي، نتيجة التغطية الإعلامية الكبيرة التي ترافق العملية، ما يؤدي إلى التشهير السلبي بالمستفيدين؛ بل إنها صارت توظف في الحملات الانتخابية لأغراض سياسية، إلى درجة أن بعض الدول المجاورة بدأت تستهزئ من القفة التموينية، التي تتشكل في غالب الأحيان من بعض الدقيق والسكر والشاي فقط. في هذا السياق، قال علي الشعباني، وهو عالم اجتماع مغربي: "قفة رمضان تدخل في إطار التعاون والإحسان الذي يظهر بشكل جلي في بعض المناسبات. ومن الجميل أن نحس بالفقراء والمحتاجين، لكن الأمر غير المقبول هو أن يتحول الأمر إلى فرصة للتشهير، ما يجعله يندرج ضمن الرياء والتوظيف السياسي، لأنه يفترض أن تتم العملية في ظروف سرية وملائمة". وأضاف الشعباني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "العملية جيدة؛ ينبغي أن تترسخ لدى الناس، إلا أن الصدقة يجب أن تبقى بين الشخص وخالقه، عوض نشر الصور في القنوات الرسمية ومواقع التواصل الاجتماعي، إذ تتحول المساعدات إلى إهانة تكشف عورات المجتمع، لاسيما الذي يعيشون في الفقر المدقع، في حين يجب أن نقطع مع هذه الممارسات التي لا تليق بالألفية الثالثة". وأوضح الأستاذ الجامعي أن "من العيب والعار أن نُظهر صور الفئات الاجتماعية في شاشات التلفزيون العمومي، وهي حالات يندى لها الجبين في الحقيقة، لأنها لا تمتلك حتى قوتها اليومي"، معتبرا أن "المساعدة من قبل العائلة والجيران جيدة وضرورية لأنها تتم في السر، لكن أن يتم تحويلها لنشاط رسمي تغطيه التلفزة العمومية فذلك إهانة للمواطن، بل يكشف عن درجات الفقر والتخلف الذي يعيش فيه المجتمع لسنوات". وتابع المتحدث ذاته: "في فترة معينة وظفها (الإعانة التموينية) الجزائريون ليعيبوا علينا هذه الممارسات، لأن المساعدة لا يجب إعلانها، ما سيجعلها تخرج عن طابعها الإحساني إلى طابع الرياء والتوظيف السياسي أو الانتخابي، وغيرها من الأشكال الأخرى".