أفادت معطيات رسمية بأن العجز التجاري الذي يسجله المغرب مع الولاياتالمتحدة الأميركية في إطار اتفاق التبادل الحر وصل 2.68 مليار دولار، أي ما يعادل 25.5 مليار درهم. وحسب الأرقام الصادرة عقب انعقاد الدورة السادسة للجنة المشتركة المكلفة بمتابعة تنفيذ اتفاق التبادل الحر المبرم بين المغرب والولاياتالمتحدةالأمريكية، بداية الأسبوع في الرباط، فإن حجم التبادلات التجارية بين البلدين حقق 5.44 مليار دولار سنة 2018، مقابل 1.34 مليار دولار سنة 2006. وسجل حجم الصادرات المغربية نحو أميركا رقم معاملات في حدود 1.38 مليار دولار سنة 2018، مقابل 0.26 مليار دولار فقط سنة 2006، أما وارداته فقد بلغت 4.06 مليار دولار سنة 2018، مقابل 1.08 مليار دولار فقط سنة 2006. ودخل اتفاق التبادل الحر بين البلدين سنة 2006 ويشمل جميع الأنشطة الاقتصادية باستثناء بعض القطاعات التي تحتكرها الدولة، وليس هذا هو الاتفاق الوحيد الذي يسجل فيه المغرب عجزاً، بل إن هذه الحصيلة تكاد تكون معممة على جميع اتفاقيات التبادل الحر. وبالإضافة إلى تعزيز التبادل التجاري، يساهم أي اتفاق للتبادل الحر في جذب الاستثمارات الأجنبية، وتمثل الولاياتالمتحدة الأميركية في هذا الصدد حوالي 5.2 في المائة من مجموع تدفقات الاستثمارات الخارجية المباشرة للمغرب نهاية سنة 2018. وقال الخبير الاقتصادي المهدي الفقير إن "أغلب اتفاقيات التبادل التجاري ليست في صالح المغرب، باستثناء بعض الاتفاقيات الموقعة مع دول إفريقية". ويرى الفقير أن حصيلة الاتفاقيات التجارية الحرة تحتاج إلى دراسة من ناحية الكيف "للوقوف على ما إذا كان نقص الجانب الكمي يُعوضه الكيف المتمثل في نقل الخبرات وتطوير الاقتصاد". وأضاف المتحدث أن "توقيع اتفاق تبادل حر مع بلد قوي اقتصادياً يستوجب على المغرب حماية اقتصاده"، وأشار إلى أن "البلاد اعتمدت في البداية مبدأ التدرج في تطبيق هذه الاتفاقيات لكن البنى الاقتصادية المحلية لم تواكب الأمر". وفي نظر الفقير، فإن مسؤولية ضُعف حصيلة اتفاقيات التبادل الحر يتحملها الجميع، مشيراً إلى أن توقيعها كان يتطلب تقييما قبلياً ومرحلياً. وربط الأمر بضُعف العرض التصديري وغياب التنافسية بفعل عدم انخراط الفاعل الاقتصادي الوطني في هذه الدينامية. وسبق لعدد من المؤسسات الوطنية والبرلمانيين أن دعوا إلى تقييم شامل لاتفاقيات التبادل الحر للمغرب، التي تبلغ حالياً 55 اتفاقاً، أهمها مع الولاياتالمتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي وتركيا وعدد من الدول العربية. وقبل أشهر، صدرت دراسة عن مديرية الدراسات والتوقعات المالية، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، تضمنت توصية بإجراء مراجعة شاملة لجميع اتفاقيات التبادل الحر التي تربط المغرب مع عدد من الدول لمعالجة التدهور الذي يعرفه الميزان التجاري للبلاد منذ سنة 2007. وبحسب الدراسة، فإن "العجز المزمن في الميزان التجاري المغربي للسلع والخدمات يشكل مصدر قلق كبير، لأنه يُؤثر على التوازن المالي للبلاد ويضر بالاقتصاد المغربي من حيث ضُعف النمو وفقدان مناصب الشغل". وأوصت الدراسة بتعزيز تدابير الحماية التجارية بهدف مكافحة المنافسة الأجنبية غير العادلة، لا سيما من خلال المراقبة الصارمة على الحدود لمنع الاحتيال والتهريب للحفاظ على السوق الداخلية. وتضمنت توصيات الدراسة أيضاً دعوة لبناء نظام إنتاج وطني تخصصي وتنافسي ومرن ودينامي، عبر تسريع التحول الهيكلي للاقتصاد الوطني، والتركيز أكثر على التخصص بالاهتمام بالمهن الإقليمية وربط الاستراتيجية الصناعية بالسياسة التجارية.