بمجرد الإعلان عن بدء استفادة أولياء أمور التلميذات والتلاميذ من منحة برنامج "تيسير"؛ عاشت مختلف الوكالات البنكية منذ أيام، حالة من الاكتظاظ والازدحام، نتيجة رغبة الآباء والأمهات في التوصل بالمنحة، وهي الصورة التي لم يستحسنها نشطاء حقوقيون وفاعلون جمعويون، داعين إلى تنظيم مثل هذه المناسبات وتقديم الخدمات على أكمل وجه للمرتفقين. وفي هذا السياق، شهدت جل الوكالات البنكية بالمغرب الفوضى نفسها، كما هو حال حي الرحمة في الدارالبيضاء، لتوافد جميع الآباء المستفيدين من تيسير، الرامي إلى محاربة الهدر المدرسي ومساعدة الأسر الفقيرة على تمدرس أبنائها، على مكاتب البريد، وهو ما خلق نوعا من الارتباك لقلة الموارد البشرية بالوكالات البنكية، المضطلعة بمهمة صرف مستحقات برنامج تيسير للأسرة المستفيدة. وقال أحد الناشطين من حي الرحمة تفاعلا مع الموضوع الذي استأثر باهتمام الرأي العام، إن "الأجدر هو إلغاء الرسوم المدرسية، وإصلاح المؤسسات التربوية، وتزويد التلاميذ بالوسائل والإمكانيات، وتهيئة البنية المدرسية لاستقبال تلاميذ ومدرسين في بناية تربوية تليق بآدميتهم، لا حشرهم في ما يسمى مجازا أقساما". المشهد نفسه عاشته الوكالات بزاكورة، بعدما حج العشرات من المستفيدين إلى الوكالة للاستفادة من الدعم، ليجدوا أنفسهم أما طابور طويل من الرجال والنساء، كل ينتظر نوبته لتمكينه من قيمة المالية للدعم. هذا الوضع جعل النشطاء يدقون ناقوس الخطر، نظرا إلى المتاعب التي تواجه سواء أولياء الأمور المستفيدين أو موظفي الوكالات البنكية، نظرا إلى قلتهم وندرة عددهم، لاسيما في مثل هذه المناسبات. وفي هذا الصدد، قال ناشط من زاكورة في تصريح لهسبريس، إن معظم الوكالات البنكية في المناطق الهامشية غالبا ما تجد بها موظفا وحيدا يقضي أغراض المرتفقين، وهذا سبب مباشر للاكتظاظ الذي تعيش على إيقاعه الوكالة بشكل يومي. مضيفا أنها مناسبة للدعوة إلى تزويد الوكالات بموظفيْن أو أكثر، لتيسير عملية التحويلات البنكية، دون حاجة إلى الانتظار لساعات طوال تحت حر الشمس الحارقة، التي يعرفها الجنوب الشرقي في فصل الصيف. ومن جهتها، عرفت دائرة بومية بإقليم ميدلت، حالة مماثلة للاكتظاظ، نقل نشطاء فايسبوكيون بعضا من صور المرتفقين وهم يزدحمون للاستفادة من برنامج تيسير، معبرين عن تذمهم مما آلت إليه أوضاع أولياء أمور التلاميذ المعوزين. إلى ذلك قال حقوقي من بومية فضل عدم ذكر اسمه، إن المرتفقين بالبلدة استشاطوا غضبا، وأعربوا عن قلقهم إزاء التسيب الذي تعرفه الوكالات البنكية، وهو ما خلق جوا مشحونا في صفوف المواطنين. وهذا المشهد، يقول الحقوقي، مناسبة لتعيد وزارة التربية الوطنية والسلطات المختصة، النظر في طريقة صرف الدعم في مشهد يحترم إنسانية المرتفقين، يقول الحقوقي. واستطرد المتحدث نفسه في التصريح ذاته، أن موظفين بالوكالات يعانون في الأيام العادية نتيجة الخصاص الذي تعرفه الموارد البشرية، وموعد صرف دعم تيسير زاد الطين بلة، ليجد الموظف نفسه يشتغل حتى ما بعد الساعات القانونية للعمل، نظرا إلى وجود أسر قدمت من مناطق بعيدة للاستفادة من ذاك الدعم، لاسيما وأن فترة الاستفادة لا تتجاوز أربعة أسابيع، وإلا فإن الأسرة ستحرم من التعويض، على حد قوله. هذا وعجت منصات التواصل الاجتماعي بصور النساء والرجال وأطفال من مختلف المدن والبوادي المغربية، وهم ينتظرون دورهم للاستفادة من "تيسير"، في مشهد سمته الازدحام والفوضى، مرفوقة بتعليقات ساخرة تارة، وداعية إلى إعادة النظر في طريقة صرف البرنامج، حفاظا على ماء وجه الأسرة الفقيرة المستفيدة تارة أخرى. وحسب إفادة أسر استفادت من تيسير، فإن المبلغ المرصود لا يتجاوز 60 درهما بالنسبة إلى تلاميذ المستويين الأول والثاني ابتدائي، ثم 80 درهما بالنسبة إلى تلاميذ المستويين الثالث والرابع ابتدائي، و100 درهم بالنسبة إلى تلاميذ المستويين الخامس والسادس ابتدائي، في حين يبلغ الدعم بالنسبة إلى تلاميذ المستوى الثانوي الإعدادي 140 درهما. هذا ويندرج برنامج "تيسير" للتحويلات المالية المشروطة، في "إطار جهود الحكومة الرامية إلى إصلاح المنظومة التعليمية، وتجسيد الرؤية التي بلورها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، والتي تكمن في خلق مدرسة ترتكز على الجودة والإنصاف وتكافؤ الفرص". وهو "برنامج يقدم دعما ماليا للأسر المعوزة، بهدف الحد من ظاهرة الهدر المدرسي، من خلال القضاء على بعض العوامل، التي تعيق ولوج أبناء هذه الأسر للتعليم الإلزامي والمواظبة عليه، خاصة الكلفة المباشرة للتمدرس". ويستهدف برنامج تيسير "الجماعات القروية وبعض الجماعات الحضرية، التي تعاني الفقر، وتعرف بين أطفالها نسب عالية من الهدر المدرسي".