يعيش الجسم القضائي بالمملكة، هذه الأيام، على وقع غليان كبير إثر إحالة المجلس الأعلى للسلطة القضائية أربعة قضاة على اللجنة التأديبية، بسبب تدوينات على صفحاتهم بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك". وتعيش مواقع التواصل الاجتماعي، منذ توصل كل من القاضي عبد الرزاق الجباري بالقنيطرة، والقاضيين عفيف البقالي وفتح الله الحمداني بالمحكمة الإدارية بالرباط، والقاضي ادريس معطلا، على وقع غليان كبير وانتقاد لهذا القرار الصادر في حق قضاة عبروا عن تذمرهم من محاولة التضييق على حق الجسم القضائي في التعبير الذي يكفله الدستور. وقرر نادي قضاة المغرب الذي ينتمي إليه القضاة الأربعة المعنيون بالقرار المتخذ من لدن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، المتمثل في تعيين مقررين في حق هؤلاء، (قرر) عقد اجتماع طارئ لتدارس الوضع واتخاذ المتعين على ضوئه. واستغرب القضاة هذا الإجراء المتخذ في حق زملائهم بسبب تدوينات انتقدت إحداها تأخر إدارة المجلس الأعلى للسلطة القضائية في القيام بإجراء تقني يتمثل في نشر أشغال المؤسسة، وأخرى انتقدت الإجراءات البروتوكولية التي لم تول، بحسب صاحبها، مؤسسة الرئيس المنتدب للسلطة القضائية وأعضاءها المكانة المناسبة خلال حفل تعيين قضاة الفوج 41، وتدوينة عبارة عن خاطرة حول مجتمع القضاة وما يعرفه من مفارقات. وكتب عبد اللطيف الشنتوف، رئيس نادي قضاة المغرب على صفحته الرسمية، أن الأمر "يتعلق هنا بحرية التعبير المكفولة دستورا وقانونا لكل القضاة"، مضيفا أن "هذا الإجراء الذي اتخذه المجلس جاء بعد الاجتماع معه لمرتين وتوضيح النادي لرؤيته والاتفاق على إجراء لقاءات دورية بين الطرفين. وبالتالي لا ندري ما سبب هذا الإجراء الآن بعد سنة كاملة تقريبا من استدعاء الزملاء للمفتشية العامة بخصوص نفس الموضوع". واعتبر الشنتوف أن هذه الخطوة ستكون لها "آثار غير جيدة في تقديري على صورة القضاء ببلادنا لكون التدوينات لا تمس لا بالأشخاص ولا بالمؤسسات، بل بعضها تتشبث بالمؤسسات وتدافع عنها"، معربا عن أمله في "معالجة هذا الموضوع من المؤسسة معالجة حكيمة، كما أطلب بذات المناسبة من الزميلات والزملاء أن يمارسوا في تعليقاتهم حريتهم في التعبير والتضامن مع الزملاء دون انفعال وإن كنت أدرى بنفسيتهم وهم يرون ما يرون على أرض الواقع". ويؤكد القضاة على حقهم في التعبير المكفول دستوريا في الفصل 111، الذي ينص على أن "للقضاة الحق في حرية التعبير، بما يتلاءم مع واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية. يمكن للقضاة الانتماء إلى جمعيات، أو إنشاء جمعيات مهنية، مع احترام واجبات التجرد واستقلال القضاء، وطبقا للشروط المنصوص عليها في القانون".