قال محمد سعدي، أستاذ حقوق الإنسان والعلوم السياسية في جامعة محمد الأول بمدينة وجدة، إن "حراك الريف أطلق إبداعا غير مسبوق على مستوى إستراتيجيات وتكتيكات التنظيم والتعبئة والقوة الرمزية"، مسجّلا "بساطة وعفوية وجِدة الأشكال الاحتجاجية بالريف، حيث تجاوزت بقوة الآليات التقليدية للتأطير والتعبئة، ليشهد الحراك بذلك تنوعا وتعددا في الأساليب الاحتجاجية المستلهمة من التجارب العالمية". وأضاف الدكتور سعدي، في حوار مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الحراك كان أقرب إلى حركة اجتماعية شبه منظمة وغير مهيكلة، ما جعل اختراقه صعبا"، مؤكدا أنه "دشن بشكل واضح أفول ذكورية الفعل السياسي بمنطقة الريف". وشدد الأستاذ الجامعي، الذي يستعد لإصدار مؤلف جديد مُعَنون ب"حراك الريف: ديناميات الهوية الاحتجاجية"، على أنه "يجب وضع خارطة طريق حقيقية للتصالح مع تاريخ الريف وأهاليه لطي صفحة الماضي بعد قراءتها واستقرائها بإمعان"، معتبرا أنها "فرصة جديدة أمام الدولة لتأسيس عهد جديد مع المنطقة، عليها ألا تضيعها كما أضاعت سابقا تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة". في ما يلي تفاصيل الحوار كاملا: تسببت الحراكات الاجتماعية بالمغرب في "انحباس حقوقي" خلال السنتين الأخيرتين، الأمر الذي أثّر على تصنيف المملكة في مختلف التقارير العالمية، لاسيما ما يتعلق بحراك الريف. ما تفسيرك لطبيعة التضامن الهويّاتي والقومي الذي بات يسم الاحتجاجات المناطِقية في المغرب؟. الالتحام الهوياتي الذي ميّز حراك الريف مقارنة بباقي الاحتجاجات الاجتماعية بالمغرب يعود إلى خصوصية المنطقة، إذ أيقظ الحِراك في نفوس أهل الريف شعورهم بالتضامن العفوي الحميمي، حتى صار أقرب إلى تضامن "ميكانيكي" بلغة إميل دوركايم. وكأن الريف تحول إلى عائلة واحدة؛ ما يمس أي فرد منها يمس العائلة كلها، وكلما كان هناك تهديد وشيك وكبير إلا وتحوّل الكل إلى جسد واحد تختفي معه كل الانقسامات الإيديولوجية والسياسية. لقد ظهر ذلك بشكل واضح مع التضامن القوي الذي أبداه أهل الريف بديار المهجر، حيث نجحوا في تنظيم مسيرات ضخمة والتحسيس بقضية معتقلي الحراك بأوروبا. يصعب فهم الهوية التعبوية المتماسكة لحراك الريف دون استدعاء التاريخ الذاتي للريف وحروق الذاكرة، بما راكمته من ترسبات نفسية على مستوى وجدان أهالي الريف ومِخيالهم الجمعي. ولعل الامتلاك الجمعي للذاكرة تحول إلى منبع لهوية متعالية تعبر عن كينونة الاعتزاز والفخر بالذات الجماعية. إن واقعة طحن محسن فكري ليست إلا القطرة التي أفاضت الكأس، فثمة تراكمات اجتماعية وتاريخية عدة، وثمة ذاكرة جمعية متعاضدة، وهذا كله أسهم في انفجار المكبوت التاريخي في وجه الدولة. لذلك فإن التهميش الاقتصادي الممنهج للمنطقة غير كاف بمفرده لفهم عميق للديناميات التي أفرزها الحراك، ولا يمكن أن نفهم حجم الحنق والسخط والتوجس من كل الوسائط المؤسساتية للدولة لدى الشباب وشعورهم الحاد بالظلم والحرمان والتهميش الاجتماعي دون استحضار التاريخ والاستثمار القوي وبأسلوب جديد للمشترك التاريخي والاجتماعي والرمزي والهوياتي والثقافي، لصياغة موقف مناهض للسلطة ولكل الوسائط السياسية. كيف أسهمت آليات التعبئة التي وسَمت حراك الريف في الاستمرار الدائم لدينامية هذا الحراك الاجتماعي؟ بالمقارنة مع الاحتجاجات السابقة التي عاشها المغرب، فإن حراك الريف أطلق إبداعا غير مسبوق على مستوى إستراتيجيات وتكتيكات التنظيم والتعبئة والقوة الرمزية. كانَت لافتة للانتباه بساطة وعفوية وجِدة الأشكال الاحتجاجية بالريف، حيث تجاوزت بقوة الآليات التقليدية للتأطير والتعبئة، ليشهد الحراك بذلك تنوعا وتعددا في الأساليب الاحتجاجية المستلهمة من التجارب العالمية، إذ نجح التجدد المستمر لتقنيات الاحتجاج في التسويق الرمزي للحراك ومنحه إشعاعا وتوهجا تجاوز أسوار الوطن. لقد استخدم المحتجون أساليب تنظيمية مبدعة عدة، منها: تقنية "شن طن"، قرع الأواني بالملاعق في الشوارع وعلى الأسطح، إطفاء الأضواء بالمنازل، الحج من القرى والمداشر إلى مدينة الحسيمة، رفع الأعلام السود على أسطح المنازل صبيحة عيد الفطر لإعلان الحزن والتضامن مع معتقلي الحراك، بل تفننوا حتى في المسيرات: "مسيرة الأكفان من أجل الحياة"، "مسيرات الشموع"، "مسيرة الورود"، مسيرة 8 مارس للمرأة، مسيرة الغضب ضد تهمة الانفصال وغيرها. نعتقد أن تفسير محركات الحراك وسر استمرارية الاحتجاجات وامتدادها الزمني والمكاني بشكل غير مسبوق في تاريخ الاحتجاجات بالمغرب هو أمر صعب للغاية، فثمة مزيج معقد تفاعلت داخله عناصر موضوعية وذاتية عدة: الهوية الريفية الأمازيغية، التاريخ، التضامن الالتحامي، التجانس الاجتماعي، البطالة، الأزمة الاقتصادية، "الحكرة"، الاغتراب الهوياتي، القرب الجغرافي من أوروبا، النزعة المساواتية، عدم تقبل الظلم و"الحكرة"، الشخصية الكاريزماتية لناصر الزفزافي، اعتماد اللاتنظيم كإستراتيجية تنظيمية. هذا دون أن ننسى أن قوة المظلومية التاريخية والهوياتية حولت ذاتية المحتجين إلى قوة رهيبة جعلتهم لا يتقاعدون أبدا عن ملامسة حلمهم الجماعي والتخلي عن هواجسهم الفردية، ليتحولوا إلى فاعلين قادرين على صنع التغيير. وبالطبع منحت الدولة عبر الأسلوب الفج الذي دبرت به ملف مطالب المحتجين فرصا ذهبية، انتهزها نشطاء الحراك بشكل ذكي ليدعموا قوة وزحم ومشروعية الحراك لدى الساكنة بالريف والوطن كله. بالعودة إلى بداية حراك الريف، كيف أسهمت القيادة الموحدة المسندة بالخطاب العفوي في تحوله إلى احتجاج شعبي عابر للانتماءات السياسية والثقافية والفكرية، بخلاف حركة عشرين فبراير التي افتقدت للقيادة الموحدة؟. راهن شباب الحراك على قوة العفوية والتلقائية، أي على قوة اللاتنظيم واللاتنسيق، فلم تكن للحراك أي بنية تنظيمية تراتبية، وأغلبية النشطاء في الجموع العامة رفضوا تأسيس أي شكل من الأشكال التنظيمية التنسيقية حتى بين مختلف المناطق بالريف. لقد كان الحراك أقرب إلى حركة اجتماعية شبه منظمة وغير مهيكلة، ما جعل اختراقه صعبا؛ كما نجح في إشراك أطياف متعددة ومختلفة وذات مرجعيات وهويات مختلفة. وأسهم غياب بؤرة إيديولوجية ناظمة للحراك وغياب أي هيكلية تنظيمية هرمية صارمة في تفنن شباب الحراك في أشكال الحضور في المجال العام. لقد نجح شباب الحراك، بصدقهم وبساطتهم وعفويتهم وإيمانهم العميق بعدالة مطالبهم، في كسب ثقة واحترام معظم ساكنة الريف رجالا ونساء وأطفالا ومسنين، تجارا وحرفيين وبحارة وأساتذة ومحامين...لقد حدث تكامل وتوافق شبه جماعي للأجيال حول مشروعية المسيرات الاحتجاجية، إذ انخرط في الحراك الأبناء والآباء والأجداد وتواجدت داخله مختلف الفئات العمرية من أطفال وشباب وكهول وشيوخ. الحراك كان بمثابة "البيت الدافئ والواسع للجميع"؛ "أَخَامْ أَمَقْرَانْ" استطاع أن يجمع غالبية الريفيين تحت سقف واحد.. استوعب واتسع لمختلف التيارات والحساسيات الفكرية والإيديولوجية، لهذا يعتبر حراكا شعبيا متعدد الروافد والمرجعيات، وفي العمق هو بلا أي انتماء محدد، فشعاره الضِمني: "كن مع من تريد، لكن في الحراك أنت حِراكِي"، أبطاله الحقيقيون هم الناس العاديون. لاحظنا مشاركة المرأة بقوة في الحراك الشعبي بالريف طوال فتراته، بل إنها كانت دائما في الصفوف الأمامية للحراك. هل يؤشر الأمر على تحول سوسيو ثقافي في علاقة المرأة بالحركات الاحتجاجية بالمغرب؟. دشن الحراك بشكل واضح أفول ذكورية الفعل السياسي بمنطقة الريف، حيث تمردت النساء على الصورة النمطية السائدة بكون الريف مجتمع ذكوري محافظ يعتبر المجال العام مسألة تخص الرجال فقط. أن تخرج مسيرات نسائية محضة لأول مرة في مدينة الحسيمة ومدينة إمزورن وفي بلدتي تماسينت وآيت عبد الله وبلدتي آيت هيشم وأزغار، مؤشر قوي على حجم التحول الاجتماعي الذي يعرفه المجتمع بالريف. وقد خرجت عائلات بأكملها خلال الحراك، واحتشدت النساء من شتى الفئات العمرية ومن مختلف الآفاق ونزلن للشوارع وللساحات العمومية للتظاهر مع الرجال أو في مسيرات نسائية محضة. أكثر من ذلك، كانت العديد من النساء في الصفوف الأولى للحراك وقدن المسيرات وأخذن الكلمات في المنصة، وكان كل الرجال يردد وراءهن الشعارات. كانت مسيرة 8 مارس 2017 تاريخية بكل المقاييس، فلأول مرة في تاريخ منطقة الريف، وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة، تخرج المئات من نساء مدينة الحسيمة والمناطق المجاورة لها في مسيرة احتجاجية حاشدة استجابة لنداء ناشطات حراك الريف. إن تأنيث الحراك من خلال الحضور الفاعل والبارز للمرأة في الحراك، خصوصا على مستوى المشاركة في المسيرات، يشكل علامة فارقة غير مسبوقة في الريف. وأغلبية النساء يشاركن لأول مرة في حياتهن في التظاهرات..فلمدة طويلة احتكر الرجال حق الكلام في المجال العام، والفضاءات العامة التي تشكل مجال الصراع والتدافع السياسي كانت ذكورية بامتياز في الريف، لكن اليوم بدأت تتغير الأمور، وهن يبحثن عن حيز لهن في المجال العام للتعبير عن أوضاعهن ولإسماع مطالبهن. ألا ترى أن ثالوث الانحباس الاجتماعي والاقتصادي، ثم غياب وسائل الوساطة بين الدولة والمواطنين، إضافة إلى الوعي التاريخي والثقافي لدى منطقة معينة، من شأنه أن يشعل نار الاحتجاجات في المناطق التي تتوفر فيها هذه الخصائص الثلاث على غرار الريف؟. منذ حراك الريف واحتجاجات جرادة وزاكورة، مرورا بحملة المقاطعة، وصولا إلى الحركات الاحتجاجية الفئوية، يتبين أن المجتمع المغربي يعيش مرحلة فوران وانحباس مقلق بفعل شعور واع وحاد بالحرمان المادي أو المعنوي أو هما معا، ما ينتج زخما احتجاجيا قويا ونوعا من المقاومة الهادئة، وبالحيلة أحيانا، للسياسات المعطوبة للدولة. ونجادل من منظور علم الاجتماع السياسي بأننا بصدد لحظة اجتماعية تاريخية بامتياز ستكون لها تداعيات عميقة على المدى المتوسط. نعيش مسلسل حراك اجتماعي بتراكمات كمية غير خطية، لكن لها امتدادات رمزية قوية عابرة للأجيال والطبقات والشرائح الاجتماعية، ما يؤشر على مخاض تحولات مجتمعية وسياسية غير مكتملة، لكن ذات مغزى عميق يعيشها المجتمع في الوقت الراهن. حقيقة أزمة الوساطة السياسية والاجتماعية التي كرسها حراك الريف تكرس مرحلة "اليأس السياسي" أو "عجز السياسة" أو "ما بعد السياسة". لقد تراجع المجتمع السياسي والمدني، دولة وأحزابا ونقابات وجمعيات، لصالح ديناميات اجتماعية احتجاجية تمارس فعلا "السياسة من الأسفل"، لتعبر عن مطالب المجتمع بعيدا عن بنيات الوساطة والمؤسسات المنتخبة. ثمة استنزاف حاد للمخزون الوسائطي للدولة وبنياتها، وقد يؤدي إلى تفتت لرأسمالها الشرعي الرمزي، إذا لم تستعجل الأمر وتبدأ بعملية تغيير جذري وشمولي، لتدارك الفراغات السياسية العميقة التي جعلتها في مواجهة وتدافع مباشر مع الشارع والمواطنين. لم ينفجر الحراك بالريف فقط بسبب الفقر والبطالة والتهميش وغياب العدالة المجالية وضعف البنيات التحتية والخدمات العمومية.. بكل المقاييس، وإذا اعتمدنا التمثيل الخرائطي للفقر فإن أعلى مستويات الفقر والتهميش والهشاشة الاجتماعية موجودة خارج الريف، بالخصوص في أقاليم بالأطلس والجنوب الشرقي، حيث يعاني السكان أحيانا من شظف العيش الذي يصل حد الحرمان التام الذي يقترب من المجاعة. من وجهة نظر سوسيولوجية غياب العدالة الاجتماعية والمجالية وتفاقم التفاوتات الطبقية والشعور ب"الحكرة" والإهانة قد يكون الوقود الأساسي للسخط الاجتماعي والشعور بالحرمان المؤدي للاحتجاج، لكن الشباب لا يحتجون دائما فقط بدافع الفقر والهشاشة الاجتماعية، بل بدافع التطلع نحو مستقبل أفضل، ولذا فإن نشطاء الحركات الاحتجاجية ليسوا دائما هم الفقراء ولا الغاضبون، بل الطامحون والحالمون الذين يمتلكون وعيا اجتماعيا وسياسيا متيقظا. ما قراءتك لمستقبل حراك الريف، لاسيما في ظل المستجدات الأخيرة التي يعرفها المشهد السياسي؛ من قبيل تحركات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، العفو الملكي بمناسبة عيد الفطر، الإعلان عن الرغبة في تجميع المعتقلين رغم أنه لم يتحقق شيء إلى حدود الآن؟. لا يمكن إلا التنويه بكل المبادرات التي تسعى إلى إيجاد حلول ترضي الجميع بخصوص الكثير من القضايا المرتبطة بالريف وحراك الريف. بخصوص تحركات المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان فهناك على الأقل بداية اعتراف بالخصوصية التاريخية والهوياتية للمنطقة، وهو أمر إيجابي. أعتقد أن الشرط الأول لبناء الثقة بين الدولة والريف هو إطلاق كافة معتقلي الحراك، وفي هذا الإطار لا يحق لأي كان أن يتفاوض أو يتحدث باسم المعتقلين دون موافقتهم الصريحة. كما أنه من غير المقبول أن يتم تغييب الشباب من هكذا مبادرات، وأن تعود نفس النخب السياسية والحقوقية لواجهة المشهد الحقوقي والسياسي المحلي، في حين نعرف جيدا أن الحراك كان بنفس شبابي وأن الريف ليس عاقرا لا يلد الطاقات الشبابية. فالتجاذبات الحادة التي أفرزتها تحركات لجنة الحسيمة والمبادرة المدنية وسط المعتقلين وعائلاتهم ووسط النشطاء، تدافع صحي يهم تمرين تدبير الاختلافات، وهو مخاض يؤشر على مرحلة احتباس تمهد الطريق لدورة جديدة للنخب بالريف، سيكون فيها للشباب دور رئيسي، وبالخصوص شباب الحراك والمعتقلون السياسيون. في نظري، على النخب السياسية والحقوقية الحالية أن تنسحب بهدوء، أو أن تقف في الخلف لتقدم دعمها وتجربتها للشباب فقط، دون أن يكون لها أي دور رئيسي في مرحلة ما بعد الحراك.. ماذا بعد إطلاق النشطاء؟ كيف سيتموقعون في الفضاء العام وهم يرفضون عبث "الدكاكين السياسية"؟. إن الإشكال معقد، لكنه مطروح في مناطق عدة في العالم كتعبير عن أزمة الديمقراطية التمثيلية، ونزوع المواطنين إلى ديمقراطية تشاركية تنطلق مما هو محلي نحو ما هو مركزي وليس العكس. يمكن في هذا الإطار الاستفادة من العديد من التجارب السابقة في رفض الوسائط التقليدية كتجارب التعبئة والالتزام السياسي خارج الأطر الحزبية التقليدية، إذ نجح الشباب في إبداع أشكال تنظيمية شبكية عديدة عبر العالم؛ حركة 15M، حركة بيروت مدينتي في بدايتها، حركة ساوباولو مدينتي (Nossa São Paulo)، شبكة المنعطف السياسي Virada politica))، حركة (Yosoy 132) وغيرها، إذ يقوم الشباب من خلالها باسترجاع المجال السياسي من "السياسيين المحترفين" ليصبح ملكا لعامة الناس، مع تفتح نقاشات عامة ثرية يتم فيها الاستماع والمشاركة من طرف الجميع، وتفتح المجال لتدبير ديمقراطي تشاركي نابع من انشغالات وحاجيات المواطنين، ما يعيد ثقتهم في الشأن العام. بالنسبة للقضايا الكبرى الشائكة، كملفات المصالحة الحقوقية والتاريخية مع الريف، أعتقد أنه يجب عدم التسرع والبحث بتروٍّ وهدوء عن تسويات حقيقية عوض خيار تصفية الملفات والتخلص منها، بحيث يفترض الأمر وضع خارطة طريق حقيقية للتصالح مع تاريخ الريف وأهاليه لطي صفحة الماضي بعد قراءتها واستقرائها بإمعان.. إنها فرصة جديدة أمام الدولة لتأسيس عهد جديد مع المنطقة، عليها ألا تضيعها كما أضاعت سابقا تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة.