خلق مجلس مدينة الرباط الجدل خلال دورة استثنائية عقدها الأسبوع الماضي حين صادق على مقتضى يحول بموجبه حوالي 4 ملايين درهم لشركة الرباط الجهة للتهيئة، من أجل تنظيم مهرجان رباط الأنوار بمناسبة عيد العرش، في حين أنها كانت مخصصة ل"الراميد" ومؤسسة العاصمة المدبرة لقطاع النقل. وعارض مستشارو فدرالية اليسار الديمقراطي هذا المقتضى، ودعوا المجلس الذي يسيره حزب العدالة والتنمية إلى تطبيق البلاغ الأخير الصادر عن وزارة القصور والتشريفات الداعي إلى الاحتفال بعيد العرش بشكل عادي. في هذا الحوار، يتحدث إلينا عمر بلافريج، البرلماني والمستشار الجماعي بمجلس مدينة الرباط، عن تفاصيل هذا التحويل المثير للجدل، وكذا تقييمه لسنوات تدبير التحالف الذي يقوده حزب العدالة والتنمية لمجلس مدينة العاصمة. حدثنا عن الجدل الذي طبع الجلسة الأخيرة لمجلس مدينة الرباط. الجدل حول مهرجان الأنوار المزمع تنظيمه في الرباط يعود لأكثر من شهرين، إذ وضع عمدة الرباط وفريقه المكون من العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية مقترحاً لتنظيم مهرجان كبير بمناسبة الذكرى العشرينية لعيد العرش؛ وذلك في إطار التوأمة الموقعة بين مدينة الرباط ومدينة ليون الفرنسية. ومن الصدف أني درست في ليون، ولذلك أبلغتهم بأن هذا المهرجان ينظم بشكل معقول، بحيث يُشعل المواطنون المصابيح ويحتفلون بشكل جميل، ونبهتهم إيجابياً إلى أن أصل هذا المهرجان مسيحي، وجميل أن ينفتح حزب العدالة والتنمية على الحضارات، لكن ذلك يجب أن يتم بطريقة معقولة وبدون مبالغ ضخمة، لكنهم تحدثوا آنذاك عن ميزانية تقارب المليار سنتيم. لسوء الحظ لم يوافقوا على طلبنا الاحتفال بشكل معقول، وتحججوا بأن الأمر يتعلق بالذكرى العشرين لعيد العرش، وهو ما يوجب حسبهم الاحتفال بشكل استثنائي. وهذا المقترح تم تمريره بالإجماع باستثناء مستشاري فدرالية اليسار الديمقراطي في دورة استثنائية الأسبوع الماضي، ويقضي بتحويل مساهمة قدرها 4 ملايين درهم لفائدة تنظيم المهرجان، بعدما كانت مخصصة للمساهمة في صندوق "الراميد"، وأخرى كانت مخصصة للنقل. رفضنا هذا الأمر، واعتبرنا تحويل ميزانية مخصصة لقطاع الصحة لفائدة تنظيم المهرجان عبثاً، خصوصاً أن مستوى هذا القطاع الصحي ضعيف جداً. وبما أنهم رفضوا الاستماع لنا، دعوناهم إلى الاستماع لبلاغ وزارة القصور والتشريفات والأوسمة الذي دعا فيه الملك إلى الاحتفال بعيد العرش بشكل عادي وبدون مظاهر استثنائية، لكن مع الأسف لم يكترثوا للأمر. بعد تمرير هذه الميزانية لفائدة المهرجان ماذا تعتزمون؟ مع الأسف، في الانتخابات الجماعية لسنة 2015 لم نظفر إلا بأربعة مستشارين من أصل 85 في المجموع في مجلس مدينة الرباط. حين تكون هناك أمور إيجابية في دورات المجلس ندعمها ونقدم مقترحات، وحين نرصد أموراً سلبية نفضحها ونحاول إقناع المستشارين الجماعيين الآخرين. ويحدث أن تنجح في بعض الأحيان مساعينا، ونستمر مع المواطنين لكي نبين لهم كيف تسير شؤونهم، لكي يفكروا مستقبلاً قبل أن يصوتوا على أناس تبين أنهم بدون مستوى. هل تفكرون في مراسلة الحكومة، خصوصاً بعد رد نائب العمدة؟ أنا كنائب برلماني سأقوم بما يلزم، خصوصاً بعدما رد علي نائب العمدة لحسن العمراني، وهو مسؤول كبير في حزب العدالة والتنمية، ونعتبره العمدة الفعلي لأن العمدة محمد صديقي كثير السفر. الغريب في الأمر أن نائب العمدة قال إنني لم أفهم ما وقع، وإن التحويل لا يتعلق بقطاع الصحة، وفي الجملة نفسها يقول إنه يهم اعتمادات مُخصصة للراميد. هذا الأمر يطرح أسئلة كبيرة على مستوى الحكومة، لماذا لا يتم تحويل اعتمادات الراميد للمستشفيات؟ وكيف لمسؤول كبير أن يفرق بين قطاع الصحة والراميد، وكأن الراميد بمثابة فريق لكرة القدم؟. أعتقد أن الرقابة الذاتية لدى الفاعل السياسي من عوائق الحياة السياسية؛ فحين يتعلق الأمر بمهرجانات أو احتفالات بعيد العرش يكفون عن التفكير..حتى الذكاء الجماعي أو الفردي يغيب، إلى درجة أن هناك بلاغا لوزارة القصور لم يقدروا على تنفيذ مقتضياته. ما تقييمكم لحصيلة تسيير حزب العدالة والتنمية لمجلس العاصمة؟ لكي أكون صريحاً، لا يتعلق الأمر فقط بحزب العدالة والتنمية، فهو تحالف يضم أيضاً التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية، وهو تحالف موجود أيضاً على مستوى الإقليم والجهة والحكومة أيضاً.. تسييرهم مثل تسيير الحكومة، يتسم بعدم وجود مفهوم أساسي في السياسة، ألا وهو ترتيب الأولويات. ويبدو لي أنهم لا يعرفون ذلك، أو بالأحرى لا يرغبون. ترتيب الأولويات يستوجب مثلاً الانكباب على حاجيات النقل في الرباط قبل السفريات وحضور المؤتمرات، لأن النقل مهم جداً، خصوصاً أن هناك أزمة حقيقية تتمثل في شبه غياب حافلات النقل ما بين الرباط وتمارة، وهو ما يضطر المواطنين إلى اللجوء إلى النقل السري؛ وفي الوقت نفسه لدينا أناس يُحولون ميزانيات مخصصة للصحة والنقل إلى مهرجانات أو سفريات. كيف ترون طُغيان العرقلة على مختلف دورات مجلس المدينة؟ نحن واضحون في هذا المسألة، نحن مع احترام المؤسسات، ولم يسبق لنا في فدرالية اليسار الديمقراطي أن عرقلنا السير العادي للمؤسسات، سواء على مستوى مجلس المدينة أو البرلمان، وسبق أن أصدرنا بلاغات ندين هذه الأعمال على مستوى المدينة. وأود أن أؤكد أن أعمال العرقلة في دورات مجلس المدينة تتعدد مصادرها، فقد سبق أن صدرت من لدن أعضاء من حزب العدالة والتنمية المسير للمجلس.