المغرب والعراق يؤكدان رفض مخطط تهجير الفلسطينيين وتجديد دعم وحدة المملكة    أسبوع إيجابي في بورصة البيضاء    أفراح ترافق تحرر معتقلين فلسطينيين    مظاهرات بألمانيا ضد أحزاب اليمين    نواف سلام يتعهد بالإنقاذ في لبنان    تسليم جائزة الحسن الثاني للغولف    "الكوديم" يهزم "الماص" ب3 أهداف    العثور على جثة شابة مقيدة في مجرى مائي في ليلستاد الهولندية    شرطة مراكش تقتحم مركز تدليك    أكادير: تدشين وحدات الدراجات الهوائية لتعزيز الأمن السياحي وتأمين الشريط الساحلي    قناة "إم بي سي 5" تميط اللثام عن خريطة برامج متنوعة خلال رمضان    مزاد علني ينجح في بيع كمان نادر ب11,3 ملايين دولار    العشابي يستبدل "فاصل ونواصل"    السفير الصيني في زيارة إلى تارودانت وأكادير.. لتعزيز التعاون الثقافي والاقتصادي بين الصين والمغرب    "فحوص بوحمرون" تسجل إصابات مؤكدة في 11 مؤسسة تعليمية بطنجة    حجز ببغاوات نادرة في شفشاون : تطبيق قانون حماية الأنواع المهددة بالانقراض    مدينة طنجة تسجل أعلى مقاييس التساقطات المطرية    تدشين سفينة الأبحاث 'الحسن المراكشي' وتوقيع اتفاقية لتمويل مشروع 'قرية الصيادين من الجيل الجديد' بالصويرية القديمة و تعزيز التعاون المغربي-الياباني في مجال الصيد البحري والتنمية المستدامة    العراق تشيد بجهود الملك محمد السادس في دعم القضية الفلسطينية    فرنسا ترحل المهاجرين المغاربة غير الشرعيين    دي بروين ينقذ مانشستر سيتي من "مفاجأة كبيرة"    مصحة خاصة في المغرب تعرض 800 فرصة عمل للممرضات المصريات براتب مجزي وحوافز مغرية    مبادرة تشريعية تروم اعتماد أسماء الأدوية العلمية بدل التجارية لإنهاء أزمة انقطاعها    خبراء يحذرون من مخاطر سوء استخدام الأدوية والمكملات الغذائية    باريس سان جيرمان يمدد عقده مدربه إنريكي إلى غاية 2027    الإنفلونزا الشتوية تودي بحياة 13 ألف شخص وتغلق المدارس بأمريكا    أزيد من 55 ألف منصب شغل مرتقب في جهة سوس باستثمار يبلغ 44 مليار درهم    إضرابات بالمكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي احتجاجا على تأخر إخراج القانون الأساسي    "الجمعية" تحذر من تحول "بوحمرون" لحالة وبائية وتستنكر استمرار قمع حرية الرأي والتعبير وتدهور القدرة الشرائية    إبراهيمي: الحكومة المتغولة تمرر أي قانون دون التفاعل مع تعديلات المعارضة أو احترام الشارع    فاس: لحسن السعدي يزور عددا من المشاريع المنجزة في مجال الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني    انتشال ثاني جثة بسبتة خلال فبراير الجاري والسابعة منذ مطلع سنة 2025    انعقاد الدورة العادية للمجلس الإداري للمركز الاستشفائي الجامعي سوس ماسة    مرحلة الإياب تنطلق بمواجهات حارقة تتقدمها قمة المتصدر أولمبيك الدشيرة ومطارده رجاء بني ملال    النقابة الوطنية للعدل تدين "انتهاك الحريات النقابية" وتعلن عن تصعيد احتجاجي    الأهلي يعلن تعافي بن شرقي وداري وعودتهما إلى التدريبات    تحقيق يكشف أبرز المتأثرين بسياسات ترامب الداخلية والخارجية    تصفيات المونديال..الفيفا يلغي مباراة الأسود ضد الكونغو برازافيل    أتلتيكو مدريد يوجه رسالة للحكام قبل الديربي    الصين: انطلاق دورة الألعاب الآسيوية الشتوية بهاربين    دونالد ترامب يعين نفسه رئيسا لمجلس أمناء مركز كينيدي الثقافي    أحلام ترامب بنقل سكان غزة إلى المغرب    أطروحة ترصد تواصل الحكومة بالأزمات    لقاء بالبيضاء يتناول كفاح آيت إيدر    موريتانيا تمنح للسائقين المغاربة تأشيرة دخول متعددة صالحة لثلاثة أشهر    وفاة شاب بأزمة قلبية مفاجئة أثناء مباراة لكرة القدم في طنجة    انتفاضة الثقافة    قمة عربية أو عربية إسلامية عاجلة!    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    متى يُسْقِطُ الإطار المسْمار !    كاني ويست يعلن إصابته بمرض التوحد    الدوزي يشوق جمهوره لجديده الفني "آش هذا"    وزارة الصحة تؤكد تعليق العمل بإلزامية لقاح الحمى الشوكية بالنسبة للمعتمرين    ‪ إلغاء لقاح الحمى الشوكية للمعتمرين    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الرازِق: حِرَاك السودان سينتصر.. والمغرب بلد مِحوري بإفريقيا‬
نشر في هسبريس يوم 09 - 07 - 2019

دخلت السودان مرحلة مِفصلية في تاريخها الراهن، نتيجة استمرار الحِراك الاحتجاجي الذي دخل شهره السابع، رافعًا شعار تسليم السلطة للمدنيين، فبعد عزل الجيش للرئيس عمر البشير، دخلت الانتفاضة السودانية موجتها الثانية؛ وقد تكلّلت بالإطاحة بالفريق أول عوض بن عوف من رئاسة المجلس العسكري الانتقالي، ليتجه الحِراك الحالي صوب الموجة الثالثة التي تروم إسقاط المجلس العسكري نفسه، حيث ظهرت ملامحها بشكل أوضح في مِليونية 30 يونيو الماضية.
أبو بكر عبد الرَازق، كاتب وباحث سوداني، متخصّص في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، يحاول رسم أبعاد السودان ما بعد البشير، حيث قال إن "المشهد الثوري في السودان في ذروته مع تصاعد مطالب الثوار بإسقاط المجلس العسكري في الموجة الثالثة التي تبدأ بمِليونية 30 يونيو"، مؤكدا أن "سيناريوهات المرحلة المقبلة من السودان مفتوحة على عدة احتمالات".
وأضاف عبد الرَازق، في حوار مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الشعب السوداني على وعي تام بأهمية الروابط مع الشعوب الشقيقة، والأمر يأخذ طابعًا مختلفًا حينما نتحدث عن الروابط مع الشعب المغربي، بحيث يدرك السودانيون أهمية المغرب كبلد محوري في القارة ومركزيته سواء في الجانب السياسي أو الاستراتيجي أو الثقافي بالنسبة للبلدان العربية في القارة".
فيما يلي تفاصيل الحوار كاملاً:
مازالت الأوضاع الداخلية السودانية مُتَّقدة إلى حدود الساعة، حيث يشهد الحراك السوداني ما بات يسمى ب "الموجة الثالثة"؛ فبعد الإطاحة بعمر البشير من رئاسة الجمهورية، والفريق أول عوض بن عوف من رئاسة المجلس العسكري الانتقالي، تستهدف الموجة الثالثة المجلس العسكري الذي شكّله الجيش بعد الإطاحة بالبشير. بناء على الأوضاع القائمة حاليا، في نظرك، إلى أين يتجه الحراك السوداني؟
الحراك السوداني يستعيد وجهته من جديد تحت قيادة لجان المقاومة وتجمع المهنيين السودانيين، فهم الأقرب لنبض الشارع ومطالب الثوار.. بعد جولات من المماطلة استطاع المجلس العسكري من خلالها جرجرة قوى الحرية والتغيير إلى مستنقع التفاوض، دون أن يفي بوعوده. الآن المشهد الثوري في السودان بلغ ذروته مع تصاعد مطالب الثوار بإسقاط المجلس العسكري في الموجة الثالثة التي تبدأ بمِليونية 30 يونيو، حيث ستتواصل في مقبل الأيام وصولاً لتحقيق أهداف ثورة ديسمبر المجيدة.
يعيش السودان، على مدى أكثر من شهرين، فراغا دستوريا وتنفيذيا عقب الإطاحة بالرئيس المعزول، عمر البشير، ليتولى بعدها المجلس العسكري الانتقالي الذي تولى مقاليد الحكم مهمة التفاوض مع قادة الحراك السياسي، لكن يبدو أن الاتفاق صعب المنال بعد الأحداث الأخيرة. ما هي السيناريوهات الممكنة للمرحلة المقبلة في السودان؟
السيناريوهات مفتوحة على عدة احتمالات، فبإمكان المجلس العسكري الاستمرار في التسويف والمُمطالة، لكسب الوقت آملا في أي متغيرات تُحوّل الكفة لصالحه، فهو مُرتهن بالكامل لمحور الثورة المضادة، وهذا المحور يُملي عليه ما يجب أن يفعله. في هذه الحالة، فإن الخيار أمام الثوار واحد؛ هو خيار يلاقي هوى لدى السودانيين وعنادهم المعروف؛ الاستمرار في التصعيد السلمي إلى أن يسقط المجلس العسكري، وقد كوَّن الشعب السوداني طوال الشهور الماضية، منذ دجنبر، مناعة ضد اليأس أو الانهزام.
الوساطة متوقفة حاليا بين المجلس العسكري الانتقالي من جهة وقادة الحراك السياسي السوداني من جهة ثانية، بعد تزايد أعداد الوفيات بفعل تدخل الجيش، ما دفع بعض الدول إلى محاولة التدخل لرأب الصدع بين الطرفين. هل يمكن أن تنجح الوساطة الإقليمية والدولية في هذا الصدد؟
من الواضح أن المجلس العسكري يرفض الوساطة الإثيوبية، ويأتي بأعذار واهية لتبرير هذا الرفض، لكن الأوضح من ذلك هو أن المجلس يخشى الموجة الثالثة، وهو ما يُمكن تِبْيانُه من خلال خطابه المهادن والمتراجع عقب تبني الشارع لشعار "تسقط تالت". لا أظن أن المجلس العسكري سيقبل بأي وساطة تقوم على دعم خيارات الثورة، فهو يدري أن مصير أعضاءه سيكون المحاكمات العادلة في حال جاءت حكومة مدنية، لذلك يتبنى الخيارات الأمنية ويحاول إدخال البلاد في نفق الحرب الأهلية، لكن هذه الوجهة تصطدم بصخرة وعي ثوري عميق لدى السودانيين، اكتسبوه طيلة أيام الثورة التي تدخل شهرها السابع دون أي تراجع أو انكسار، على أساس أن هذا الوعي يُحصّن الثورة من الوقوع في شِراك المجلس العسكري وخياراته العنيفة.
أكيد أن الأحداث السياسية الحالية قد أثرت لا محالة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد. كيف تشخص الواقع الاجتماعي والاقتصادي للسودانيين في الظرفية الراهنة؟
الأوضاع الاقتصادية غاية في السوء، لكن الثورة على الجانب الآخر خلقت واقعًا اجتماعيًا فريدًا ومغايرًا عمّا كان سائدا قبل سقوط البشير، فحالة التماسك الاجتماعي والروح الوطنية الجديدة والقيم الاجتماعية المتوارثة لدى السودانيين منذ القدم، كالتكافل والإيثار، انبعثت من جديد وهي تقوم بدور محوري في تقوية البناء الاجتماعي وبناء نسيجه بشكل أكثر تماسكًا ومتانة، وهذا الواقع الاجتماعي الجديد هو حصيلة ثورة جذرية على جميع ما سبقه، بحيث يعمل على إزالة تناقضات الواقع الاقتصادي المتردي وتخفيف آثارها إلى حين تحقيق مطالب الثورة التي تنادي بالحكم المدني.
لطالما لعبت الأنظمة العسكرية في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط دورا محوريا في إجهاض انتفاضات المواطنين، الذين يطالبون بالديمقراطية والعيش الكريم، لاسيما بعد ربيع 2011، حيث عادت الجيوش للواجهة في مصر والجزائر وسوريا والآن السودان. كيف يمكن أن نوفق بين معادلة تحقيق مطالب الانتفاضات والتقليص من أدوار الجيش، علما أن العسكر لطالما كان مُجهض الحِراكات؟
لا شك في أن قوى الثورة المضادة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كانت هي الأكثر فاعلية في إجهاض الثورات وتحويلها إلى أشكال مُمأسسة من الحكم العسكري، لكن ما لا تعيه هذه القوى وحلفائها هو أن الثورات لا تموت، تخمد وتنبعث من رمادها، وهذا مصير كل ثوراتنا من لدن مصر وسوريا وليبيا واليمن، لكنها حينما تنبعث من جديد فهي تحمل في ذاكرتها أوزار كل الأنظمة القمعية السالفة وكل الدروس، وهي بذلك لا شك منتصرة.
يطمح السيسي مثلاً في حكم بلد تعداده مائة مليون نسمة ويتحدث يوميًا عن إطعامهم، ليس من واجب الحكومات إطعام مواطنيها، لكن من أوجب واجباتها أن توفر لهم العيش الكريم، لذلك تجده يجتهد في بيع أراضي مصر ليظهر بمظهر من يقدم الطعام، بينما هو في حقيقة الأمر يبيع بلاده من أجل الاستمرار في الحكم، هذا كله مكتوب في الصحائف، بل سيحاسب عليه السيسي الذي كان يجب أن يتولى مسؤولية الدفاع عن بلاده ضد أي أطماع خارجية، فإذا به يجلب إلى بلاده بأطماعه الشخصية كل الأطماع الخارجية.
تتميز العلاقات المغربية السودانية بروابط ثقافية ودينية متينة عبر التاريخ، الأمر الذي أرخى بظلاله على العلاقات السياسية، لكن الموقف المغربي مازال غامضا بخصوص ما تعيشه السودان حاليا، على أساس أن الدبلوماسية المغربية كانت دائما تتجنب إصدار المواقف الآنية التي تكون تبعاتها مكلفة. ما هي آفاق العلاقات الثنائية؟ هل يمكن أن تتغير في نظرك تبعا لما ستسفر عنه الانتفاضة؟
الشعب السوداني على وعي تام بأهمية الروابط مع الشعوب الشقيقة، والأمر يأخذ طابعًا مختلفًا حينما نتحدث عن الروابط مع الشعب المغربي، بحيث يدرك السودانيون أهمية المغرب كبلد محوري في القارة ومركزيته سواء في الجانب السياسي أو الاستراتيجي أو الثقافي بالنسبة للبلدان العربية في القارة، فضلا عن كون السودانيين يدينون لدور المغرب في دخول الإسلام إلى القارة.
كل هذه الميزات حصّنت المغرب من الدخول في أي تنازع تكون أطرافه شعوب المنطقة، ومكنته من أن يتبوأ مركزًا متقدمًا فيها. أما فيما يخص الموقف الرسمي للحكومة المغربية، فلا أظن أن السودانيين لديهم مأخذا على ذلك، فالحكومات هي بخلاف الشعوب والسودانيين أكثر من يعي ذلك، حسبك أنهم يتمنون عدم تدخل المحاور لإعاقة ثورتهم، فإن اكتفى المغرب بعدم الانحياز رسميًا في هذه الثورة، فإن هذا جميلا سيحفظه له شعب السودان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.